لماذا وإلى أين ؟

المندوبية تُصدر “المغرب وهولندا من خلال وثائق الأرشيف الوطني بلاهاي (1822-1912م)”

يصدر عن المندوبية السامية لقدماء المحاربين وأعضاء جيش التحرير سنة 2020 مؤَلفاَ فريداً متفرّداً في موضوعه موسوماً بــ “المغرب وهولندا من خلال وثائق الأرشيف الوطني بلاهاي (1822-1912م)”، للباحث الدكتور عبد الغني العمراني.

“المغرب وهولندا من خلال وثائق الأرشيف الوطني بلاهاي (1822-1912م)”، عمل بحثي أكاديمي توثيقي غير مسبوق لارتكازه على قاعدة مصدرية صلبة تألفت بالأساس من وثائق الأرشيف الوطني بلاهاي، وهي عبارة عن مراسلات رسمية نفيسة دارت بين المغرب وهولندا خلال مرحلة تاريخية اتّسمت بحساسية الأحداث وتشعبها، وحدوث انقلاب في موازين القوى العالمية لصالح الغرب المسيحي على حساب العالم الإسلامي، ومنه المغرب الأقصى على وجه التحديد، الذي أضحى متخلفاً عن مواكبة التطورات الصناعية والسياسية الدولية، ومحط أنظار القوى الأوربية الكبرى التي سعت بشتى الأساليب والوسائل إلى إخضاعه لدائرتها الاستعمارية طيلة القرن التاسع عشر، قبل أن تحسم فرنسا الأمر لصالحها سنة 1912م.

كما تروم هذه الدراسة كشف النقاب عن حقول تاريخية مهمة لاتزال بِكراً في تاريخ العلاقات الدولية للمغرب خلال الفترة المعاصرة، وهي حقول متعددة لها من الأهمية بمكان تهم مجالات التعاون بين المغرب وهولندة كالاقتصاد والدبلوماسية والبحر، لم يتسن بعد للباحثين والدراسين –مغاربة وأجانب- الخوض فيها بشكل موسع، هذا فضلاً عن إبراز جوانب مهمة من الذاكرة التاريخية المشتركة بين المغرب وهولندا، تلك الذاكرة الغنية التي تمتد على حقبة زمنية طويلة تجاوزت أربعة قرون تداخلت فيها مختلف المصالح الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية والعسكرية.

ولكي تكون الدراسة متكاملة من جميع جوانبها اعتمد الباحث الدكتور العمراني في هذا العمل على المنهج الاستقرائي التحليلي خلال الاشتغال على الوثائق الهولندية، وعلى المنهج الوصفي التحليلي لأجل رصد التطورات والمحطات الكبرى التي مرَّت منها العلاقات المغربية الهولندية، وتحليل القضايا المطروقة وتفسيرها تفسيراً علمياً يراعي معايير وضوابط البحث العلمي الرصين، كما فرضت عليه طبيعة الموضوع الاستناد أيضاً إلى المنهج المقارن لاستخلاص أوجه التشابه والاختلاف بين المغرب وهولندة في بعض القضايا المهمة وفي بعض الميادين الحيوية، أو من أجل مقارنة طبيعة العلاقات بين المغرب وهولندا من جهة، وبين المغرب وبريطانيا وفرنسا من جهة ثانية.

انطلق الباحث في مقاربة دراسته من إشكالية الخصوصية في العلاقات المغربية الهولندية، أي البحث والتقصي عن العوامل التي تُفسر تمتع الهولنديين بالمغرب بشتى أصناف الامتيازات دون غيرهم من الأجناس الأجنبية الأخرى، وللإحاطة بهذه الإشكالية طرح مجموعة من الأسئلة والتساؤلات من قبيل: ما هي جذور العلاقات المغربية الهولندية إلى حدود مطلع القرن العشرين؟ وما هي دوافع الاهتمام الهولندي بالمغرب؟ ما هي الاعتبارات التي تحكمت في علاقة هولندا بالمغرب؟ هل استغل الهولنديون منزلتهم الخاصة لدى المخزن لتكثيف معاملاتهم معه؟ أكانت لهولندة أطماع استعمارية بالمغرب؟ هل كانت هولندة وفية دائماً بالتزاماتها وبمواثقها مع المغرب؟ وما موقع هولندة وموقفها من بعض القضايا التي طفحت على الساحة المغربية كقضيتي التهريب والحماية القنصلية؟ وإلى أي حد يمكن الحديث عن دبلوماسية مغربية؟ وهل استطاعت أن تكون في مستوى نظيرتها الهولندية؟

وبعد تحصيل وتجميع المادة المصدرية لتي ينبغي التأكيد على أنها جاءت متنوعة وغزيرة تساوق فيها الوطني والأجنبي المطبوع والمخطوط، المصدر والمرجع، الدراسة والمقال، انتهى الباحث إلى تقسيم عمله البحثي إلى ثلاثة أبواب وكل باب أدرج تحته فصلين وعدداً من المباحث والمحاور.

وينبغي الاعتراف في الختام أنه بهذا الإصدار تكون المندوبية السامية للمقاومة قد أضافت الدرة الحادية عشرة في العقد المرصع بالإصدارات الموثقة للذاكرة التاريخية المشتركة بين المغرب وبلدان شقيقة وصديقة، وبإخراجه إلى الوجود تنضاف لبنة جديدة في منظومة توثيق الذاكرة التاريخية المشتركة المغربية الهولندية. وإذ تقيم المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير الدليل بهذا المجهود الحثيث والمتواصل على مدى العزم والحزم والبذل والعطاء في بناء الذاكرة التاريخية بشقيها الوطني والمشترك كرافعة أساسية ومنصة مشعة بالدروس والعبر والقيم وحوار الحضارات والثقافات في واقع اليوم والغد.

عن فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بشفشاون

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x