2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

حسين عصيد
يُعد الورش الكبير لتعميم الحماية الاجتماعية الذي أطلقه الملك محمد السادس أول أمس الأربعاء، بمثابة نموذج يحتذى به في منطقة شمال افريقيا والشرق الأوسط، وخطوة كبيرة نحو التأسيس للعدالة الاجتماعية، القائمة أساساً على التضامن والإنصاف واحترام حقوق المواطنين، ودافعاً إلى تعزيز رأس المال البشري، الذي يعتبر هدفاً رئيساً من أهداف السياسات الإنمائية. وفي “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان”، في مادته الخاصة بالحماية الاجتماعـية الواقعة تحت رقم 23، “فللمواطن الحق فيما يأمن به العواقب في حالات البطالة أو المرض أو العجز أو الترمل أو الشيخوخة، أو غير ذلك من الظروف الخارجة عن إرادته التي تُفقده أسباب عيشه”، أما في “الميثاق العربي لحقوق الإنسان”، في مادته الـ 36 التي تُحدد أشكال الحماية الاجتماعية بالوطن، فيُلزم الدول العربية “على ضمان حق كل مواطن في الضمان الاجتماعي، ووضعها للسياسات الإنمائية والتدابير اللازمة لضمان هذا الحق”، لكن الواقع العربي، وبسبب الظروف الاجتماعية والسياسية التي شهدها منذ استقلال دُوله إلى اليوم، لم يُتح فُرصاً فُضلى لهذه الدول للتأسيس الواقعي والفعلي لهذا الانظام الاجتماعي الذي بلغ أوجه في دول أوروبا وأمريكا الشمالية.
وقد أكد تقرير حديث الصدور، نشرته مؤسسة “فورد” للمشاريع الإنمائية الأمريكية، بتعاون مع “شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية”، التراجع الكبير للدور الوقائي الذي تلعبه الدولة في البلدان العربية خلال العقود الأخيرة، وعجزها على توفير القدرات والموارد العامة لرعاية مواطنيها بالتوازي مع زيادة حاجتهم إلى الرفاهية، وذلك لعدة أسباب أهمها النمو السكاني المطّرد الذي لا يواكب قدرات هذه الدول ومخططاتها الإنمائية من جهة، وتأثير التحولات الحادة في أنماط الحياة على مستوى الإنتاج والاستهلاك من جهة أخرى.
وكشف التقرير، أنه منذ الستينيات من القرن الماضي، تبنت معظم الدول العربية النهج الاقتصادي الذي ينطوي على تنفيذ سياسات التكيف الهيكلي ، مما أدى إلى تقليص دور الدولة من خلال تخفيضات في الإنفاق العام، وتحرير الدور الاقتصادي للقطاع الخاص بهدف زيادة معدلات النمو، هذه التدابير التي تأكد لاحقاً تأثيرها السلبي على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمواطنين، ما دفع الهيئات الحقوقية إلى التصعيد في وجه الحكومات، وبالتالي تأجيج مواجهات مباشرة بين الطرفين منذ الثمانينيات أدت إلى تصعيد الاجراءات القمعية، وما نتج عنه من نكوص في الحقوق المدنية، وفرض مزيد من القيود على حرية التعبير والرأي، وتقليص الحق في التجمع وتنظيم المظاهرات والاعتصامات.
وأورد ذات المصدر، أن غياب الثقة بين الحكومات العربية ومواطنيها في العقود الأخيرة، سرّع بظهور طرف ثالث في المعادلة وهو منظمات المجتمع المدني، التي لعبت دور الدولة المفقود في توفير أصناف من الحماية الاجتماعية للمواطنين، وامتصاص استياء المحرومين والمهمشين، حيث تمكنت نوعا ما، من خلق استقرار في المجتمع، بل وتمكنت في بعض تلك الدول من ربط الصلة ثانية بين الدولة والمواطن، هذه العلاقة التي تأصّلت أكثر مع دخول هذه الدول خلال القرن الـ 21 مراحل حققت خلالها نموا اقتصاديا مبشّراً، صاحبه إعادة إحياء حكوماتها لبعض النظم الاجتماعية التي تصب في صالح المواطنين.
وفي شقه الذي يعرض للتجربة المغربية في مجال الحماية المدنية، إلى جانب دول أخرى كمصر والجزائر وتونس ولبنان، ذكر التقرير أن المغرب حقق سبقاً في منطقة شمال افريقيا والشرق الأوسط، لدى تأسيسه رسمياً لشراكة بين الدولة والمواطن في دستور سنة 2011، والمُشار إليها في الفصل 31، الذي يُحمل الدولة ومعها المؤسسات العمومية والمنتخبين مسؤولية العمل على توفير الحق في الصحة والتعليم والتكوين المهني والسكن والشغل والوظيفة العمومية للمغاربة، بل إن هذا الفصل أكد كذلك على حق المغاربة في الحصول على الماء والعيش في بيئة سليمة والاستفادة من التنمية المستدامة.
المغرب وباقي بلدان شمال افريقيا ليست دولا عربية،فما موقع ملايين الامازيغ من هذا التصنيف العنصري؟ سكان هذه البلدان هم امازيغ بدرجات متفاوتة من التعريب،،من العار اختزال هويات هذه الدول في هوية عربية واحدة،