2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

حسين عصيد
كشف تقرير لمديرية الأرصاد الجوية الوطنية، أن سنة 2020 كانت الأكثر سخونة بالمغرب خلال العقود الأخيرة، حيث أكدت الإحصائيات، أن درجات الحرارة القصوى قد عرفت فيها ارتفاعا غير مسبوق، واكبه نقص كبير في التساقطات المطرية، حيث أنه في الوقت الذي شهد فيه شهر فبراير جوا جافا ومعتدلا نسبيا بمعدل حرارة وطني ناهز 23.7%، شهد شهر يونيو معدلات حرارة عالية بمعدل وطني ناهز 40.4%، صاحبتهما أحوال جوية متطرفة أخرى، كحبوب الرياح بمناطق مختلفة بالمغرب بسرعة تجاوزت 100 كلم/ ساعة، فضلاً عن واقعتي تسونامي يومي 29 أكتوبر و05 دجنبر، بلغ خلالهما ارتفاع الأمواج 10 أمتار. فما هي العوامل المناخية التي أدت إلى هذه الاختلالات المناخية؟ وهل أثرت هذه الاختلالات على المنطقة الجغرافية التي يتوسطها المغرب برُمتها؟
صيف طويل
وفقًا لدراسة جديدة أجرتها منظمة ” Advancing Earth and Space Science “، نُشرت نهاية مارس الماضي، فإن أيام الصيف ستزداد بشكل ملحوظ خلال السنوات القادمة بمنطقة البحر الأبيض المتوسط، حيث كانت قد بلغت 78 يوماً في حدود سنة 1952، لتنتقل خلال العقد الأخير إلى 95 يوماً، لتتضاءل بالمقابل أيام الخريف إلى 82 يوماً، بعدما كانت 87 يوماً، أما فصل الشتاء فسينتقل من 76 يوماً إلى 73،
وتضيف الدراسة، بأن أيام الصيف التي ستبدو أطول، ستبدأ غالبا في أوقات مبكرة عن موعدها الطبيعي، بينما يبدأ الخريف والشتاء في أوقات لاحقة، ويكونان أكثر دفئًا أيضًا، وتبعاً لتلك التحولات المناخية بمنطقة المتوسط، فقد يستمر الصيف 6 أشهر بحلول نهاية القرن ! ما سيتمخض عنه آثار مدمرة للبيئة، وتبعات من شأنها التأثير على حركة السكان، وتنظيم المزروعات، وفقدان الأراضي الصالحة للزراعة على حساب زحف الصحراء.
كوارث متوسطية
ورغم عدم إسهام دول جنوب المتوسط بشكل كبير في مسببات الاحتباس الحراري المعروفة، تُفيد الدراسة، فإن نظيراتها بالشمال، والثورة الصناعية التي تشهدها، إلى جانب قربها من دول الشمال الأكثر تلويثاً للجو، ستلعب دورا رئيسا في عملية “تسخين” الجو بالمنطقة، وبالتالي انتشار الظواهر المترتبة عن الاحتباس الحراري حتى بدول جنوب المتوسط، لهذا ستشهد المنطقة انتشارا مهولا لحرائق الغابات، خاصة باليونان وجزر كورسيكا وسردينية، مرورا بوسط وجنوب اسبانيا وشمال المغرب، وكذا اكتساح الفيضانات للمناطق الساحلية غير المرتفعة عن مستوى سطح البحر، فضلاً عن الأعاصير الكبرى خاصة بالسواحل الاطلسية للمغرب والبرتغال.
ريح وصحراء
أما بخصوص العناصر المتأثرة بالاحتباس الحراري، والتي ستسهم بدورها في تغيير المناخ في منطقة المتوسط، فأوجزتها الدراسة في عنصرين اثنين، وهما حركة الرياح والصحراء الكبرى ، فالرياح المتحركة ما فوق مدار السرطان، القادمة من أوروبا وآسيا وأمريكا الشمالية، والمتأثرة بتقلبات الاحتباس الحراري تزداد قوة، مما يخلق موجات متناوبة من الضغط عندما تواجه عقبات جغرافية، ما يُولد طقساً أعلى حرارة وأكثر جفافاً، هذه الفروقات في الضغط الجوي ستؤثر بشكل أكبر على المغرب في الضفة الجنوبية للمتوسط وتركيا في الضفة الشمالية.
وبالنسبة للصحراء الكبرى، التي تحتل مساحة واسعة من منطقة جنوب المتوسط، فأكدت الدراسة، بناء على معطيات معجم المناخ “أطلس للتصحر” في نسخته لسنة 2020، أن التأثير لن يمس فقط الدول التي تقع على حدودها، بل سيمتد إلى دول في شمال أوروبا، حيث ستفقد 13 دولة أوروبية في حدود سنة 2050 نحو 13 مليون هكتار من غاباتها وأراضيها الفلاحية، والتي لن تتصحّر، لكنها ستفقد وظيفتها في انبات المزروعات، بينما تُدمر عناصر من التربة المحمولة جواً بواسطة الرياح لآلاف الكيلومترات أغلب المزروعات التي لا توجد تحت محاضن بلاستيكية، كما ستنقرض جراء ذلك حشرات مفيدة كأنواع من النحل والنمل، لتحتل مكانها حشرات مضرة بالبيئة.