2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

في زمن تقلّصت فيه مقومات الجودة و الكفاءة مقابل طغيان الرداءة و “تدفاع الجبهة”، أصبح “البوز” ملاذا للكثيرين من أجل الظهور والشهرة، بغض النظر عن المحتوى أو الأفكار التي يمكن تقديمها للفئة المستهدفة.
“البوز” وإن جاز وصفه بـ “الإمبراطور” لم يعُد حكرا على عدد من “اليوتيوبيرز” أو من يعتبرون أنفسهم “مؤثرين” على منصات السوشل ميديا، بل دخل إلى مؤسسة البرلمان من واسع أبوابها، وهي المؤسسة التي من المفروض أنها أرضية لتشريع القوانين والترافع عن مصالح الشعب.
وسياق هذا الحديث يكمن في ظهور عدد من السياسيين الذين يبتغون من تدخلاتهم خلق الجدل أحيانا من شيء وأحايين كثيرة من لاشيء، مجسدين مسرحيات لا تضحك وإنما تُبكي المرء على حال السياسة وضياع مصالح المواطنين من خلال التخلي عن مناقشة و إيجاد حلول للقضايا الشائكة والإستمرار في “المعاطية” بلغة العامية.
محمد أوزين، النائب البرلماني عن حزب “الحركة الشعبية” ووزير الرياضة المُقال من مهامه، من بين السياسيين الذين يحاولون خلق “البوز” داخل قبة البرلمان، بحيث لا يُــفوِّت الفرص تارة لتصفية حساباته مع عدد من البرلمانيين و رؤساء الأحزاب، وتارة أخرى لإثارة الإنتباه إلى نفسه وشدّ أنظار المغاربة إليه بأية طريقة، ولو على حساب هيبة و حُرمة و وقار مؤسسة دستورية.
فأوزين، وبعد سنوات قليلة على ما أصبح يعرف إعلاميا بـ”فضيحة الكراطة”، والتي أحرجت المغرب أمام المنتظم الدولي، و بخاصة الرياضي منه، وذِكْرِ اسمه في فضائح أخرى، من قبيل صفقة كراسي مركب الأمير مولاي عبد الله، أو الفضيحة الإنتخابية لاستحقاقات 2016 والموثقة بتسجيل صوتي، يُمرِّغ وجهَ المؤسسة البرلمانية في التراب من خلال الطريقة التي يظهر بها وهو ينتقد أو يرد على انتقادات نواب برلمانيين في جلسة دستورية يتابعها آلاف المغاربة على المباشر.

بالإضافة إلى أوزين، فإن أحمد التويزي، رئيس فريق حزب الأصالة والمعاصرة، والمتابع بمحكمة الإستئناف بمراكش، بتهمة “اختلاس أموال عمومية” إبان فترة تسييره لبلدية أيت أورير، من بين ممتهني “البوز”، حيث يدخل بين الفينة والأخرى للمشاركة في إحدى المناوشات القائمة، ولعل أبرزها تقديمه لفتوى بخصوص اللغة المستعملة في البرلمان.
كما يبدو أن النائب البرلماني عن حزب السنبلة، عبد النبي عيدودي، وجد ضالته في اقتباس مداخلاته من عبارات لغوية غريبة وغابرة، حيث بعدما قال عباراته الشهيرة “نريد حكومة قوية قادرة مقتدرة.. حكومة جش عش هش بش.. لا نريد حكومة كش مش نش”، في إحدى جلسات مساءلة رئيس الحكومة، عاد من جديد يوم أمس (الاثنين 31 يناير )، في جلسة عمومية بمجلس النواب، لمساءلة رئيس الحكومة عزيز أخنوش حول السياسة الحكومية في الشأن الثقافي، (عاد) لاستخدام كلمات من نفس القاموس الذي أثار به الجدل في المرة الأولى والتي استحسنها عددٌ من المغاربة واعتبرها من المستملحات.
لكن، بعدما أعاد عيدودي الكرّة، حين وجه كلامه لأخنوش قائلا: “خصّصتم في إطار البرنامج الحكومي فقرات و جمل مُختصرة لا تتعدى صفحةً واحدة، و بعد مرور 100 يوم نُسائلكم عن معالم السياسة الحكومية في المجال الثقافي، نريد منكم جوابا شافيا كافيا مانعا، نريد جوابا في الرقة والدقة يقا حقا خقا لا جوابا هقا شقا عقا”، اعتُبر وكأنه يرغب في خلق “البوز” من جديد بعباراته اللغوية أكثر من مساءلة الحكومة، وهو الأمر الذي يبعد كل البعد عن الأهداف الحقيقية لوجود هؤلاء البرلمانيين داخل المؤسسة الدستورية.
هذه الممارسات، التي تدخل في إطار المناوشات وخلق “البوز” والتغاضي عن مناقشة هموم وقضايا الشعب في مؤسسة تشريعية دستورية، لا تُكرّس سوى صورة سلبية تُـنَفِّـرُ المواطنين من السياسة وكلِّ ما يتعلق بها، كما يدفع المرء للتساؤل “هل بهؤلاء البرلمانيين سيتم خدمة الوطن ومصالح المواطنين؟”
هناك الروتين اليومي، وهناك الروتين البرلماني ، والكل يبحث على البوز بطريقته .
نتفرج من حين لآخر على سيرك
مثل الصحافة تماما، والمشكيل هدرتو على للي كينتاقدو الحكومة.