لماذا وإلى أين ؟

الصّين تُحارب التّباهي بالثروة على وسائل التواصل الإجتماعي.. فماذا عن الدول العربية؟

تمارا برّو

تنتشر على وسائل التواصل الإجتماعي صور وفيديوهات لمشاهير يستعرضون فيها سياراتهم الفاخرة وثرواتهم الخاصة. لقد أصبح تباهي و تفاخر المشاهير بثرواتهم ظاهرة تنتشر في العالم وليست الدول العربية بعيدة عن ذلك. فتارة ينشر الفنان المصري محمد رمضان في حسابه على وسائل التواصل الإجتماعي صوراً لسياراته الفاخرة و تارة أخرى يتباهى بثرواته أمام الجمهور وطوراً يعرض صوراً له من داخل طائرة خاصة، و وصل به الأمر إلى حد نشر فيديو و هو يغسل أسنانه بـ”معجون” بماء الذهب. والممثل اللبناني فادي شربل نشر فيديو على حسابه على انستغرام يستعرض فيه سيارته الفاخرة في وقت يعاني فيه الشعب اللبناني من أوضاع اقتصادية ومعيشية خانقة إذ إن حوالي 60% من السكان تحت خط الفقر.

وأيضاً يتباهى المغني المصري الشعبي حمو بيكا على صفحته على وسائل التواصل بسيارته لامبورغيني، وياسمين صبري زوجة رجل الأعمال المصري أحمد أبو هشيمة تستعرض دائماً حياة الرفاهية على يخت زوجها. وأبناء الفنانين راغب علامة و عاصي الحلاني يستعرضون حياة الرفاهية التي يعيشونها، وغيرهم الكثير من المشاهير العرب الذي يتباهون بثرواتهم دون أي مراعاة لمشاعر الناس الذين يعجز بعضهم عن تحمل تكاليف العلاج، أو تأمين قوتهم اليومي، خاصة بعد أن ازدادت نسبة الفقر في الوطن العربي، نتيجة الحروب والصراعات وفيروس كورونا المستجدّ.

بينما الصين التي شهدت أكبر فجوة بين الأغنياء والفقراء في آسيا، وبات بعض أثريائها على قائمة أثرى أثرياء العالم، عمدت مؤخراً إلى شن حملات إصلاحية تستهدف المجتمع لإعادة السيطرة على شبابها لمواجهة الإنحطاط الأخلاقي المتأتي من العادات الغربية، فقامت بحملات صارمة على المشاهير والفنانين إذ حظرت عليهم التباهي والتفاخر بثرواتهم عبر وسائل التواصل الإجتماعي، وفرضت عقوبات وغرامات على من يقوم بذلك لأنها تسبب اضطراباً في المجتمع. وتأتي هذه الإجراءات في وقت تعمل فيه البلاد على تقليص الفجوة بين الأغنياء والفقراء حيث أطلق الرئيس الصيني شي جين بينغ حملة الرخاء المشترك. وتسعى الصين جاهدة إلى أن تصبح دولة اشتراكية حديثة قوية ومزدهرة، وتحافظ على الثقافة الثورية الصينية خاصة بعد أن بدأت الثقافة الغربية المدمرة تطغى على المراهقين.

لقد كان التباهي بالثروات منتشراً في الصين، ففي العام 2018 انتشر تحد غريب على وسائل التواصل الإجتماعي أطلق عليه أسم “تحدي التباهي بثروتك” يظهر في أشخاص يرتدون ملابس أنيقة ومستلقين على الأرض بالقرب من أموالهم أو ممتلكاتهم التي يعتبرونها عزيزة على قلوبهم . وقد جوبه هذا التحدي بانتقادات واسعة من قبل الحكومة الصينية التي قامت بالتشدد في مراقبتها للشبكات الإجتماعية.

وعلى النقيض من ذلك فلا يوجد في الدول العربية مراقبة وضبط لصفحات المشاهير العرب على وسائل التواصل الإجتماعي فيقوم هؤلاء بنشر حياة الرفاهية والترف التي يعيشونها في محاولة لاستفزاز المتابعين والجمهور. إن مكافحة آفة التباهي بالثروة يجب أن تكون واجباً دينياً وأخلاقياً وقانونياً لما لها من آثار سلبية على نسبة كبيرة من المتابعين، وبدلاً من أن تكون مواقع وسائل التواصل الإجتماعي مساحة للمتابعة والترفيه والمنفعة العامة، فإنها تتحول بفعل هذه الآفة إلى سبب لتكبير الهوة بين فئات المجتمع ونشر الكراهية بين المتباهي وبين من قست عليه ظروف الحياة. إن التباهي، و بحسب وجهة نظري، يعبر عن نقص داخل الشخص الذي يحاول التعويض عنه بهذه الآفة والتي تتحول عند البعض إلى مرض يجب معالجته.

لقد أدركت الصين حجم الكارثة التي يسببها تباهي المشاهير بالثروة على الانترنت فعملت على مكافحتها ، فماذا تنتظر الحكومات العربية من التشدد في مراقبة صفحات المشاهير لمنع الفنان المصري محمد رمضان و أمثاله من التباهي بثرواتهم على وسائل التواصل الإجتماعي؟

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين و إنما تعبر عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

1 تعليق
Inline Feedbacks
View all comments
ملاحظ
المعلق(ة)
20 أبريل 2022 10:07

فعلا اغلب من ذكر فنانون كسبوا الثروة بطرق سهلة من خلال تهافت الشباب على اغانيهم وغيرها بشكل ساد ج انها بحق اخلاق الغرب المدمرة

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x