لماذا وإلى أين ؟

اللاجئ الصحراوي.. بين تغييب الحقوق والمتاجرة السياسوية

محمد سالم عبد الفتاح

بالرغم من الهدوء والاستقرار النسبي الذي يعرفه نزاع الصحراء، قياسا لبقية البؤر الدولية المستعرة، حتى بات يوصف بأنه أبرد النزاعات المسلحة، إلا أن وضع اللاجئين الصحراويين القانوني يبقى من أعقد حالات اللجوء عبر العالم.

فمن ناحية ينطبق على بعضهم الجزء الأهم من التعريف القانوني لاصطلاح “اللاجئ”، والمتمثل في اضطرارهم لمغادرة بلدهم واستقرارهم في بلد آخر، خاصة المنتمين لإقليم الصحراء. بينما ينطبق على بعضهم الآخر تعريف اصطلاح “النازح”، والذي يقتصر على من اضطروا إلى مغادرة مواطنهم الأصلية ولكن دون اجتيازهم حدود بلدانهم، خاصة من الجزائريين الذين قطنوا مخيمات تيندوف.

تنضاف الى هاتين الحالتين، وضعية أكثر تعقيدا تهم مستقدمين من بلدان الجوار سيما من موريتانيا، أزواد بشمال مالي، وبلدان أخرى، عكفت البوليساريو على تأطيرهم في مخيمات تيندوف، لكنها عجزت أن تكيف وضعيتهم القانونية، في ظل غياب أي مسوغ لنزوحهم، أو للجوءهم إلى بلد آخر.

فخصوصية اللاجئ الصحراوي تتمثل في كونه لا يخضع لسلطة البلد المستضيف بالرغم من استقرار جل من يفترض أنهم لاجئين خارج حدود بلدهم الأصلي، حيث لا يزال البلد المضيف (الجزائر) يرفض الاعتراف بهم كلاجئين، عبر الاقرار بسلطته المباشرة عليهم، أو تسليم إدارة مخيمات اللاجئين الصحراويين بتيندوف لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مثلا.

في حين أن من يتولى الإشراف على المخيمات هو تنظيم غير دولتي (البوليساريو)، من خلال سلطته المفوضة من طرف الجزائر عليها، رغم ادعائه التمثيل الشرعي لما يفترض أنه موطن اللاجئين الأصلي (إقليم الصحراء) وحتى لكافة ساكنته.

وبالتالي يكون اللاجئون الصحراويون قد غادروا بلدهم الأصلي الى بلد مجاور هو الجزائر، ولكنهم لا يزالون غير محكومين من طرف البلد المستضيف بشكل رسمي على الأقل، في حين تقدم الجهة التي تسير المخيمات على أنها “حكومتهم” و” ممثلهم الشرعي و الوحيد” بحسب دعايتها السياسية، فهم ببساطة قد اجتازوا حدود بلدهم، لكنهم محكومون من جهة تدعي تجسيد “السلطة القانونية” لما يفترض أنه بلدهم الأصلي.

ليبقى الضحية الوحيد، هو “اللاجئ الصحراوي” نفسه، الذي تضيع حقوقه القانونية إزاء البلد المستضيف، فلا هو صار مواطنا كامل الحقوق بسبب تملص البوليساريو من واجباتها إزاء من يفترض أنهم “مواطنو” دولتها المعلنة من جانب واحد، وبالتالي حرمانهم من حقوقهم تحت ذريعة “معركة التحرير” و”عدم استكمال السيادة”، وتعاملها معهم ك”مناضلين” في الجبهة، يتطوعون ويؤدون واجباتبهم، وليسوا “مواطنين” لهم حقوقهم المدنية والسياسية وحتى الإقتصادية والإجتماعية.

وفي المحصلة لم يتم الاعتراف بالوضعية القانونية المترتبة عن اللجوء بالنسبة لقاطني مخيمات تيندوف رسميا، بسبب تملص الجزائر من مسؤوليتها إزاءهم، وإصرارها على تفويض تدبيرها الشكلي للبوليساريو من جهة، ورفضها لإشراف الهيئات الدولية المختصة على تدبير المساعدات الموجهة للاجئين من جهة ثانية، رغم أن مسؤولية الجزائر تبقى ثابتة من الناحية القانونية إزاء كافة ترابها الاقليمي، بما في ذلك منطقة تيندوف التي تحتضن من يفترض أنهم لاجئون صحراويون طبعا.

رئيسُ المرصد الصحراوي للإعلام و حقوق الإنسان
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x