2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

نظم نادي المجلس التنفيذي لـ”نادي قضاة المغرب”، السبت 16 يوليوز الجاري بفاس، ورشة حول موضوع “مدونة الأخلاقيات القضائية بين الخصوصية والكونية: مقاربات عملية”، وذلك بدعم من وزارة العدل والمجلس الجهوي بفاس.
وقال رئيس نادي قضاة المغرب، عبد الرزاق الجباري، خلال كلمته في الورشة المذكورة، إن “إطار الورشة يتحدد بمدى اهتمام نادي قضاة المغرب بمسألة التخليق وعندما نرفع شعار التخليق فهذا لا يعني أن المؤسسة القضائية غير مخلّقة أو غير متخلقة، بل إن المؤسسة القضائية مثلها مثل باقي المؤسسات فيها جوانب كثيرة جدا مضيئة تضيء هذا الوطن، وكذلك فيها بعض الشوائب التي توجد في جميع المؤسسات والقطاعات”.
وتابع الجباري في مداخلته، بأن “حديثه عن التخليق، أولا هو من باب “وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين”، وثانيا، هو من باب الرفع من منسوب المناعة الذاتية للقضاة لمواجهة ما قد يعترضهم أثناء عملهم من محاولات التأثير أو التدخل في عملهم و ما إلى ذلك من القضايا المتعلقة بالتخليق”.
ولفت الإنتباه إلى أن “مظاهر هذا الإهتمام في نادي قضاة المغرب، هي مظاهر عديدة، يمكن تلخيصها في جملة من الإلماعات، أولها هو نص القانون الأساسي لنادي قضاة المغرب في المادة الرابعة على ضرورة التعريف والإلتزام بالأخلاقيات القضائية، وهناك ما سنه المكتب التنفيذي لنادي قضاة المغرب في الولاية الأولى تنفيذا لتوصيات المجلس الوطني بخصوص البرنامج الوطني للتخليق”.
واعتبر المتحدث أن “هذا البرنامج هو برنامج جد متقدم، ولم يسبق إليه أي تنظيم في المغرب، لأنه برنامج وطني مندمج ، اقترح نادي قضاة المغرب من خلاله، انخراط مجموعة من الفعاليات والقطاعات لتفعيل هذا البرنامج”.
موردا أن “أهداف هذا البرنامج لم تقتصر على تخليق القضاء فقط، وإنما تخليق منظومة العدالة برمتها على أن يبدأ تفعيل البرنامج من المجتمع أولا، من المدرسة و المسجد و الشارع و ما إلى ذلك”.
وشدد المتحدث على أن “هذا البرنامج لم يجد له نادي القضاة المغرب من يدعمهم في إبانه، دون أن ننسى أن شعار “محاكم بدون رشوة، كان قضاة النادي يضعونه في سبورات المحاكم و بعد ساعة أو ساعتين تتم إزالته من طرف مجهولين، لذلك نقول أن هذا البرنامج لم يجد من يدعمه، و نادي قضاة المغرب لم يتورع يوما عن فتح ملف التخليق”.
واسترسل أن من بين مظاهر اهتمام النادي بمسألة التخليق “مواصلة النادي لفتح وتنظيم ورشات تكوينية حول هذا الموضوع، من بينها هذه الورشة التي افتتحنا بها سلسلة الورشات المزمع تنظيمها في العديد من الدوائر”.
وأوضح الجباري أن أهمية مثل هذه الورشة في هذا الوقت بالذات تتزامن مع إصدار مدونة الأخلاقيات القضائية من طرف المجلس الأعلى للسلطة القضائية، والمعلوم أن هذه المدونة عبَّـــرَ نادي قضاة المغرب عن ملاحظاته حولها في العديد من المناسبات، إذ أن هناك ملاحظات تخص المنهج المعتمد فيها، حيث إن المادة 106 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية ينص على ضرورة إشراك واستشارة الجمعيات المهنية في هذه المدونة”.
وأكد القاضي الجباري أن “نادي قضاة المغرب لم تتم استشارته بشكل فعال و حقيقي في هذه المدونة المذكورة، إذ كانت هناك استشارة عابرة جدا، ولا ترقى إلى الإستشارة والتشاركية المنصوص عليه في الفصل 12 من الدستور”.
وأردف ان “هناك ملاحظات أخرى حول هذه المدونة، لكونها لم تحترم مبدأ الشرعية التأديبية على اعتبار أن في ديباجتها فقرة تنص على أن المبادئ المنصوص عليها في هذه المدونة وتطبيقاتها واردة على سبيل المثال لا الحصر، وهذا سيفتح الباب أمام تطبيقات أخرى لا نعلمها نحن القضاة مسبقا في إطار الشرعية التأديبية التي ذكرنا”.
ولاحظ نادي قضاة المغرب، يورد الجباري، أن “هذه المدونة ربما تنقصها بعض النماذج الإسترشادية التأديبية، بحيث لم تشمل بعض الفئات من القضاة الذين لهم مهام أخرى غير المهام القضائية، لأنه كلما ازدادت مهام القاضي، كلما قد تترتب عن هذه المهام سلوكيات أخرى يتعين على المدونة أن تتوقعها “.
وأبرز أنه “من بين هذه الفئات التي لاحظ نادي قضاة المغرب لعدم شمول المدونة لمهامها: أعضاء المجلس الأعلى للسلطة القضائية، لأن المدونة تنص على مجموعة من المبادئ، و منها الحياد، التجرد، الشجاعة الأدبية، الاجتهاد، المساواة، الإستقلالية”.
معتبرا أن “مفاهيم هذه المبادئ فيما يتعلق بعمل القضاة بالمحاكم لا شك أنها تختلف عن الحياد و التجرد لعضو المجلس ألأعلى للسلطة القضائية، و كذلك المسؤولون القضائيون والمستشارون القضائيون، باعتبار الإستشارات مهاما جديدة لم نعهدها، بحيث كان يتعين على المدونة أن تعالج بعض السلوكات التي قد تترتب عن هذه المهام”.
واستطرد أن “الأمر يتعلق أيضا بالمفتشين بالمفتشية العامة، لأن التفتيش ذو طبيعة إدارية، رغم أن الصفة نشتركها جميعا، ولكن هناك مهام أخرى يتعين أن تنظم من خلال المدونة، لأنه قد يحصل أن يكون القاضي المفتش لا يلتزم بالحياد في ملف أو ملفات معينة”.
وتساءل الجباري عمّا إذا كان “هذا الحياد هو نفس المفهوم المنصوص عليه في المدونة فيما يتعلق بالقضاة، أو كان يتعين على المدونة أن تنص على مفهوم آخر، أو على الأقل تنص على تطبيق من تطبيقات المبدأ العام تخص هذه الفئة بعينها”.
وخلص إلى أنه “من واجبات نادي قضاة المغرب أن يضع هذه المدونة على طاولة المناقشة والمدارسة، لأجل التحسيس بمقتضياتها لدى السادة القضاة، و إبراز مكامن الضعف و القوة فيها، لأن هذه المدونة هي عمل بشري قد تعتريه بعض مظاهر الضعف كما قد تعتريه مظاهر القوة، إذ أن مساحات مهمة من المدونة جيدة ونثمنها في نادي قضاة المغرب باستثناء الملاحظات السالف ذكرها، و ملاحظات سيأتي ذكرها في الوقت المناسب”.
ولفت الإنتباه إلى أن “من أهداف هذه الورشات أيضا، تجويد نصوص المدونة ومقتضياتها على أن يتوج هذا في النهاية، بعد تنظيم هذه الورشات، بإعداد مذكرة مفصلة ستتضمن خلاصات و توصيات هذه الورشات والنظر في ما إذا كان الأمر يستدعي المطالبة بتعديل هذه المدونة أم لا”.