2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

تتواصل جهود كل المتدخلين من عناصر الوقاية المدنية و الدرك الملكي و القوات المسلحة و عناصر المياه والغابات وأفراد المجتمع المدني و أهالي المناطق المحترقة، من أجل محاصرة الحرائق والتخفيف من خسائرها.
الحرائق التي تم تحويطها كليا، حسب تصريحات رسمية، أتت على حوالي 5300 هكتار، وشردت أكثر من 1331 أسرة موزعة على 20 دوارا، إلا أن الحكومة لم تعلن عن كون هذه المناطق “منكوبة”، و هو ما يطرح العديد من التساؤلات عن المعايير المتبعة لإعلان منطقة منكوبة دون غيرها.
وفي هذا السياق، قال الخبير في المناخ والتنمية المستدامة، محمد بنعبو “كنا قد طالبنا كخبراء في المجال بإعلان حالة الطوارئ المناخية، لأن المغرب يعيش اليوم درجة حرارة قياسية تطول مدتها على المعتاد، أي أكثر من 10 أو 12 يوما، وهي تناهز 44 و 46 درجة بجميع مناطق المغرب”.
وأشار بنعبو في تصريحه لـ”آشكاين”، إلى أن “هناك حرائق أدت إلى فقدان 9200 هكتار في ظرف 7 أيام، و جماعة القلا بالعرائش لوحدها فقدت 7400 هكتار، و كانت هناك ستة بؤر من الحرائق، وهو ما صعب من المأمورية لإطفاء الحرائق في وقت واحد، نظرا لارتفاع درجة الحرارة بشكل قياسي، ورياح الشرقي التي صعبت من مهمة فرق التدخل، رغم الإمكانيات المتطورة التي يتوفر عليها المغرب، من 8 طائرات كنادير وطائرات أخرى تابعة للدرك الملكي و الدرون لمراقبة هذه المناطق”.
و شدد على أن “هذه المناطق تعتبر مناطق هشة وكان من المفروض إعلان حالة الطوارئ المناخية ليتم “اتخاذ إجراءات و قرارات سياسية جريئة لحماية هذه المنظومة البيئية لنكون على أهبة الإستعداد، نظرا لكون المناخ يتغير بسرعة كبيرة جدا، إذ لاحظنا في السنوات الأخيرة كيف كان وقعها”.
وأبرز الخبير المناخي نفسه أن “المختصين نادوا غير ما مرة بإعلان حالة الطوارئ المناخية، في حين رأينا أن الحكومة تعلن مؤخرا عن حالة الطوارئ المائية و تشكل مجموعة من اللجان التي لها علاقة بالماء، واليوم نرى بالعين المجردة مثل الحرائق والحرارة، والفيضانات التي عرفتها مجموعة من المناطق من آيت ورير و أوريكا ودمنات”.
وأضاف أن “هذه الحرائق والفيضانات كلها تمظهرات لتغير المناخ، ولكن ما لا يلاحظه المواطنون هو ارتفاع منسوب مياه البحر وتدمير مجموعة من البيئات الهشة، إذ أن العامل البشري بدوره يسرع من زوال هذه المنظومات البيئية سواء تعلق الأمر بالغابات أو بغيرها”.
ويرى الخبير في المناخ، محمد بنعبو أنه “للإعلان عن هذه المناطق بأنها منكوبة يجب أن تقوم لجان تقصي الحقائق بزيارة ميدانية لهذه المناطق بأكثر سرعة ممكنة وأن تعطينا نتائج تقصيها، و نعرف بعدها الأسباب الرئيسية لنشوب الحرائق، مثل ما حدث سنة 2009 عندما كانت فيضانات عارمة في منطقة الغرب وفُقِِـد فيها عددٌ كبير من رؤوس الأغنام و الأبقار وكانت هناك خسائر مادية كبيرة جدا و رغم ذلك كله لم يتم إعلان منطقة الغرب منطقة منكوبة، فكيف يمكن إعلان منطقة غابوية غير آهلة بالسكان سوى بعض الدواوير التي وصلها لهيب النيران، بأنها منكوبة؟”.
ويرى بنعبو أن “حالة الطوارئ المناخية أكثر من الإعلان عن هذه المناطق بكونها منكوبة، لأنه بالحديث عن كونها منكوبة في شقها القانوني، فهذا يعني سلوك مسطرة تعويضات و خسائر و إحصاء متضررين و إعادة إيوائهم أو ترحيلهم، وكانت مسطرة كبيرة جدا تتطلب من الدولة ميزانية مهمة و إشرافا أكثر من كونه ماليا بل هو لوجستيكي وتقني، ويؤمن لهم إيواءهم طيلة فترة الإيواء”.
واعتبر أن “الغابة مثلها مثل الساحل والمحيط والنهر، هي منظومات بيئية تعاني بسبب تغيرات المناخ، و حتى الإنسان جزء من هذه المسألة، إذ يجب حماية هذه المنظومات البيئية الهشة لكون المغرب ملتزم على الصعيد العالمي، سواء عبر اتفاقية باريس أو مجموعة من الإتفاقيات الدولية أو في مؤتمرات المناخ، أو قمة التصحر التي حضرها المغرب في قمة أبيدجان في الكوديفوار، و هي محطات تكون فيها مجموعة من الإلتزامات، و المغرب دائما كان يأخذ المبادرة، حيث يصنف المغرب الآن ضمن الأربعة الكبار في تنزيل اتفاقية باريس انطلاقا من مؤشر الأداء المناخي، رفقة السويد والدانمارك والمملكة المتحدة”.
وخلص إلى أن “هذه المرتبة المشرفة للمغرب يجب أن تلعب دورا في تنزيل مجموعة من القرارات بالمغرب من أجل حماية التنوع البيولوجي و حماية هذه المنظومات الهشة، علما أن المغرب ينزل برنامج “غابة 2030″ والتي من خلالها سيأخذ بعين الإعتبار أن هناك حرائق سنويا و يمكن أن نفقد إلى حدود 3400 هكتار”.
موردا أن “الحرائق مع تغير المناخ أصبحت بديهية جدا، ولكن أن نفقد 9000 آلاف هكتار ونحن في بداية موسم الحرائق والحرارة في شهر يوليوز، فهو أمر استثنائي، وهو ما يستدعي أخذ مزيد من الحيطة والحذر طيلة الفترة الصيفية، لأنه تنتظرنا نشرات إنذارية أخرى و مازالت هناك حرارة قد تعيد مثل هذا السيناريو الذي نعيشه اليوم ونفقد مئات الهكتارات الإضافية”.