لماذا وإلى أين ؟

هل تلعبُ فرنسا على الحبلين في علاقتِها المغـربية الجزائرية؟

تزامن قدومُ وزيرة الخارجية الفرنسية؛ كاترين كولونا؛ إلى الرباط؛ مع زيارة غير معلنة لوزير الداخلية الفرنسي؛ جيرالد دارمانان؛ للجارة الجزائر، والتي وصفتها حتى وسائل الإعلام المقربة من دوائر صناع القرار في الجزائر بـ ”المفاجئة وغير المتوقعة”.

الزيارتان المتزامنتان للمسؤولين الفرنسيين لكل من المغرب والجزائر تطرح سؤالا حول ما إن كانت فرنسا تلعب على الحبلين؛ فهي من جهة لا تريد فقدان الغاز الجزائري، الذي تحتاجه أوروبا بشكل عام، خصوصا في ظل الحرب الروسية-الأوكرانية، وما تلى ذلك من تهديد روسي جدي بقطع إمداداتها من الغاز إلى القارة العجوز.

ومن جهة أخرى؛ تسعى (فرنسا) نحو طي صفحة الخلاف مع الرباط، لما باتت تشكله المملكة من قوة دبلوماسية دولية وازنة في العديد من القضايا الراهنة، وعلى رأسها قضايا الإرهاب والأمن والهجرة.

وليس غريبا إذا أن تكيل باريس بمكيالين بخصوص تعاملها مع الدول المغاربية، خصوصا المغرب والجارة الشرقية. لذلك أرسلت فرنسا وزيرة خارجيتها إلى المغرب؛ وفي نفس اليوم، يُسافر وزير داخلية البلد إلى الجزائر دون سابق إعلان. فهل ستنجح حكومة ماكرون في إرضاء الطرفين دون المساس بمصالحها معهما؟ ذلك ما تسعى إليه على ما يظهر، لكن الأمر الواقع يضع فرنسا في محك حقيقي، خصوصا في ظل إصرار حكام الجزائر على إظهار مشاعر العداء لكل من يدعم المغرب في وحدته الترابية؛ خصوصا الدول الأوروبية التي لا محيد لها عن الغاز الجزائري، على الأقل راهنيا.

وتطرح أكثر من علامة استفهام، حول الخطوة الفرنسية، التي شكلت زيارة وزيرة خارجيتها إلى الرباط، الجمعة الماضي؛ تمهيدا لنهاية ”أزمة صامتة” بين المملكة و فرنسا، دامت لشهور عديدة بسبب تباين واضح في الآراء حول قضايا متعددة أبرزها مشكل الهجرة وأيضا نزاع الصحراء.

وسارع الرئيس الجزائري؛ تبون؛ وفق ما أورده بيان للرئاسة الجزائرية؛ إلى مهاتفة نظيره الفرنسي إمانويل ماكرون، خلال تواجد وزيرة الخارجية الفرنسية بالمغرب؛ وهو ما يؤكد أن صناع القرار منزعجون بشدة من عودة العلاقات بين فرنسا والمغرب إلى طبيعتها السابقة. خاصة وأن فرنسا جددت تأكيد موقفها الداعم للوحدة الترابية للمملكة ولمبادرة الحكم الذاتي ”الواقعية وذات المصداقية”.

وأقدم وزير الداخلية الفرنسي على نفس الخطوة التي أعلنت عنها كولونا من الرباط، وهي إعلان المسؤولين عن انتهاء ”أزمة التأشيرات” سواء مع المغرب أو الجزائر.

ولا تنظر الجزائر؛ وفق مراقبين؛ بعين الرضى إلى انتهاء الأزمة بين باريس؛ بل ذهبت جريدة ”القدس العربي” في مقال تحليلي إلى التنبؤ بإمكانية حدوث أزمة بين البلدين، وهو ما دفع فرنسا إلى استباق الأحداث، عبر برمجة زيارة ”مفاجئة” لوزير داخليتها للجزائر. وأيضا من خلال الإتصال الهاتفي بين ماكرون وتبون.

وكانت وزيرة الخارجية الفرنسية، قد أعلنت؛ خلال ندوة مشتركة مع نظيرها المغربي ناصر بوريطة؛ يوم الجمعة الماضي بالرباط؛ عن انتهاء أزمة التأشيرات بين المغرب و فرنسا.

كما جددت المسؤولة الفرنسية البارزة، موقف بلادها الداعم لمغربية الصحراء، بعد صمت طويل، رغم أن دول عظمى، وعلى رأسها الإدارة الأمريكية، سبقت فرنسا الحليفة التاريخية والتقليدية للمغرب إلى هذا الموقف. وهو ما يبدو أنه شكل سببا رئيسا فيما آلت إليه الأوضاع الدبلوماسية من تدهور بين البلدين.

كما يجري حديث عن زيارة مرتقبة للرئيس الفرنسي؛ إمانويل ماكرون؛ إلى المغرب؛ خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، ولقائه المرتقب مع الملك محمد السادس، بغية وضع حد لـ ”سوء الفهم الكبير” الذي طبع العلاقات الدبلوماسية بين فرنسا والمغرب.

في ظل هذا، هل ستُوفَّق فرنسا في مسك العصا من الوسط فيما يخص علاقاتها مع كل من المـــغرب والجـــزائر؟

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
Simohmed
المعلق(ة)
19 ديسمبر 2022 23:27

ضحك حمار وسط دهول الحيوانات فسءلوه لم تضحك قال الان فهمت تلك النتكة التي اضحكتكم السنة الفارطة.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x