2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
العالمُ السُفلي.. قصة “إل نينيو دي سانلوكار” من حقول الحشيش بالمغرب إلى ركوب الزودياك

“العالم السفلي”؛ سلسلة قصصية مشوقة، تفتح من خلالها “آشكاين” لقرائها الكرام نافذة لاستكشاف عالم تجارة المخدرات بين شمال المغرب وإسبانيا.
من خلال هذه النافذة، تنقل الجريدة الإلكترونية “آشكاين” لمتتبعيها أحداث مشوقة من عالم التهريب الدولي للمخدرات بعضها ينبش تفاصيل ملفات معروف للعامة وبعضها خفي لا يعرفه إلا المقربون من العالم السفلي لتجارة المخدرات، إضافة إلى قصص أشخاص واكبوا وعملوا مع أكبر البارونات بمناطق الشمال والمغرب وأيضا إسبانيا.
إليكم قصة اليوم :
الجرأة والسرعة والخبرة في قيادة القوارب السريعة، هذا هو المنهج الذي كان كافياً لإيفان أودرو ليشق طريقه في العالم السفلي لتهريب المخدرات في المغرب وإسبانيا، بين مزارع القنب والكيف الهائلة التي تتوزع من طنجة إلى شفشاون والعرائش. وهكذا، في العشرينات من عمره، من مدينة “سانلوكار” الإسبانية بدأ في حفر مكان له في العالم السفلي.
أراد إيفان الملقب “بالنينيو” المزيد دائما، المزيد من المال، بسرعة وسهولة. وانتقل جشعه طموحه وشغفه بالسيارات والدراجات النارية باهظة الثمن، من بين الكماليات الفاخرة الأخرى، إلى الرغبة في أن يكون أكثر من مجرد ناقل حشيش بسيط مثل كثيرين آخرين، محجوبًا تحت ظلال البارونات المعروفين مثل “كاجاليرا” أو “إل نيني” أو إل طوماطي”، بل أراد أن يصبح القائد، الشخص الذي يسحب أوتار شبكته الخاصة.
أصبح إيفان أودرو ، من سانلوكار ، الذي ألهمت قصته جزئيًا – مع اختلافات بسيطة – فيلم المخرج الاسباني دانيال مونزون “إل نينيو”، وأيضًا عددا من العناوين الرئيسية في الصحافة الاسبانية، (أصبح) ملهما لأجيال من مهربي المخدرات في المضيق، إلى غاية يوم سقوطه، بل حتى أن عددا كبيرا من مهربي المخدرات بالمغرب وإسبانيا التقطوا لقبه بعد توقيفه.
يوم الجمعة 28 أكتوبر 2016، دخل إيفان أوديرو السجن للمرة الثانية، بعدما تم توقيفه في سد قضائي تابع للحرس المدني الإسباني، بالقرب من منطقة “كورييا” بكاديز، حيث أوقفت عناصر وحدة أمن المواطن المعروفة اختصارا ب”USECIC”، سيارة فارهة من نوع “BMW 320E” عند الفجر. كان “النينيو” على متنها مع صديقين، ليظهر اسمه في قاعدة بيانات الشرطة للمجرمين المطلوبين، وبعد اعتقاله، لم يقاوم بل كان هادئا وتعاون مع عناصر الأمن، وهذا على الرغم من حقيقة أن وجهته التالية كانت سجن إشبيلية الأول. هناك سيقضي عقوبة بالسجن لمدة سبع سنوات بتهمة تهريب المخدرات والتي ستبعده، على الأقل لفترة من الوقت، عن الساحة.
وكان مهربوا المخدرات بالمغرب يلقبون “إل نينيو” بملك الزودياك، ويستعملون طرقه كمرجع. فقد كانوا يعلمون أن “إل نينيو” كان خبيرًا في الدخول بأقصى سرعة إلى تلك المتاهة من القنوات التي تشكل مصب “Guadalquivir” وهذا يتطلب معرفة ملليمترية بالمنطقة. حصل عليها إيفان، خلال تغطيته مئات المرات للمنطقة باستخدام “جت سكي” الخاص به، وهذا قلل من خطر جنوحه وخسارة آلاف اليوروهات من الحشيش عند منعطف سيء.
ويعرف “إل نينيو” بكونه أحد البارونات الذين وصلوا إلى أبعد الحدود، إلى “Isla Mayor”، حيث وبمجرد وصوله، بمساعدة الحمالين، قام بتفريغ المخدرات وإخفائها في مشاتل ليقوم بتوزيعها عن طريق البر في جميع أنحاء إسبانيا وأوروبا. علما أنه كلما زاد عدد الكيلومترات خلال عملية التهريب، زادت قيمة البضائع لأنه تم التغلب على المزيد من العقبات، هذا هو أحد القوانين غير المكتوبة لتجار المخدرات.
كانت عمليات التنصت، كما هو الحال في معظم التحقيقات التي تتم فيها متابعة مهربي المخدرات، أساسية للكشف عن القضية التي أسقطت “إل نينيو”. تحدث المشتبه بهم باستخدام للغة غامضة حول حزم المخدرات، أو المخابئ المستعملة، أو الأعطال في منتصف العمليات. لم تجعل عصابة إيفان أوديرو الأمر صعبًا على عناصر الحرس المدني الإسباني، أو كما أطلقوا عليهم “الهاينكينز”، بسبب اللون الأخضر لزيهم الرسمي، كما أشاروا أيضًا إلى “لا بيتوفا” أو سيارات دوريات المراقبة للجمارك. وكان على العملاء أن يستمعوا لساعات عديدة من المكالمات التي ضبطت عبارات شهيرة في بعض الأحيان مثل عندما أخبر إيفان أحد رفاقه قبل انطلاقهم من أحد المهابئ :”تناول حبوب منع الحمل من أجل دوار الحركة”.