2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

طيلة شهر رمضان كان قراء جريدة “آشكاين” على موعد مع حلقات تحت عنوان ”قضايا منسية”، خصصت في مجملها لقضايا فساد ظلت ملفاتها رهينة الرفوف لسنوات عديدة، حتى صارت من ”المنسيات”.
بعضها فتح فيها تحقيق ولم يخلص إلى النهاية رغم طول السنين، وأخرى تعالت أصوات مٌطالبة بفتح تحقيق بشأنها، وأخرى طالها النسيان ولم يعد أحد يذكرها أو يتذكرها.
واختارت الجريدة، أن تختم هذه السلسة الرمضانية، برأي المحامي والفاعل الحقوقي، محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، والتي كانت وراء تفجير العديد من ملفات الفساد بالمغرب.
الحلقة الاخيرة: الغلوسي و أسباب استشراء الفساد في الحياة العامة
يرى الغلوسي أن الفساد ”معضلة ومشكلة كل البرامج والسياسات العمومية الموجهة لخدمة التنمية”، مؤكدا أن هناك إقرارا رسميا على أكثر من مستوى بخطورته على التنمية وعلى مستقبل المجتمع.
وأوضح رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، في حديثه للجريدة، أنه رغم هذا “الإقرار الرسمي”، إلا أنه ”مع الأسف الشديد لا زال الإفلات من العقاب هو السائد”.
وشدد المتحدث على أن سياسة الإفلات من العقاب ”تشجع على استمرارية الفساد و كل مظاهر الرشوة والريع في الحياة العامة”، مشيرا إلى أن الإرادة السياسية، بناء على ذلك، ”لا زالت اليوم ضعيفة إن لم نقل غائبة”
وأبرز الغلوسي أن هذه الإرادة السياسية ”الغائبة”، جعلت الفساد ”يتمدد وأصبح ثقافة داخل المجتمع، مما يجعل مواجهته صعبة جدا”.
ذات الحقوقي قال: ”في تقديرنا هناك جهات ومراكز و مواقع مستفيدة من واقع الفساد والريع هي التي تقاوم كل الجهود الرامية إلى التصدي للظاهرة”.
وأكد أنه نظرا لـ ”اختلال موازين القوى” لصالح هذه الجهات والمواقع المستفيدة، فإنها ”تعمل اليوم من أجل عرقلة وفرملة كل البرامج والجهود الموجهة لمكافحة الفساد”، مشددا على أن الدليل على ذلك هو كونها ترفض تعديل القانون الجنائي الرامي إلى تجريم الإثراء غير المشروع، كما ترفض إعادة النظر في قانون التصريح بالممتلكات، كما تناهض الجمعيات المدنية الهادفة إلى مكافحة الفساد رغم الإقرار الدستوري بأهمية المجتمع المدني واعتباره شريك في وضع وإقرار السياسات العمومية، بل ومراقبة تفعيلها.
وخلص الغلوسي، إلى أن هناك أمام القضاء اليوم، ملفات فساد إما في البحث أو أمام التحقيق أو المحاكمة، تستغرق وقتا طويلا من جهة، ومن جهة ثانية حتى الأحكام الصادرة بشأنها ”أحكام ضعيفة وهشة لا تتناسب وخطورة جرائم الفساد المالي”.
من جهة أخرى، يضيف المتحدث، فإن المتابعات القضائية تقتصر فقط على بعض المنتخبين وبعض الموظفين الصغار، مبرزا أنه من ”قدر هذا المجتمع أن يتحمل من جهة تكلفة الجفاف والتضخم وغلاء الأسعار، و يتحمل تكلفة الفساد من جهة ثانية”.
وكشف ذات الحقوقي والمحامي بهيئة مراكش، أن الفساد في المغرب يستنزف 5 في المائة من الناتج الداخلي”، مشددا على أن الفساد في الصفقات العمومية ”له تكلفة كبيرة، بحيث أنه يستلزم 5 مليار درهم سنويا”.
وزاد الغلوسي حديثه، بالقول إن المجتمع ”يتحمل تكلفة الفساد الباهظة”، موضحا أن الأمر يتطلب ”التوجه نحو المستقبل بإرادة سياسية حقيقية لمحاربة الفساد وربط المسؤولية بالمحاسبة والقطع مع كل مظاهر الفساد”.
واستدرك بقوله إنه مؤخرا تم انتخاب محمد مبديع على رأس للجنة العدل والتشريع، المتابع في قضايا فساد، وهو ما اعتبره الغلوسي ”مؤشرا سلبيا”، على أن المؤسسة التشريعية لا زالت لم تصل إلى مستوى مواجهة التحديات التي تنتظر المغرب داخليا وخارجيا، مؤكدا أن هذه المؤسسة تعطي ”كل يوما انطباعا للرأي العام على أن إرادة مكافحة الفساد غير متوفرة وأن هناك إشارات لطمأنة المفسدين وناهبي المال العام”.
وختم الغلوسي حديثه بقوله إن المغرب في ”مفترق الطرق اليوم، وعليه أن يختار ما بين الإستمرار في هذا النهج والمنحى الذي يؤشر على مستقبل غامض، وإما ان يختار الطريق الثاني ”طريق العدالة وتخليق الحياة العامة ومكافحة الفساد وغيرها من الأمور المضرة بالحياة العامة”.