لماذا وإلى أين ؟

بين جــمال الوزيــرات و زغــاريد النساء و الدعوة الى انتحار المُـؤثريـن على قـرارات الحزب والجـلوس على قُـلوب الأعداء !

سليمة فراجي

من باب الفضول ومواكبة ما يجري في الساحة السياسية و الاهتمام بشأن وطني، استمعت الى خطاب الأستـاذ عبد اللطيف وهبي بصفته الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة و وزير العدل في الحكومة الحالية، خلال المؤتمر الجهوي بمراكش والذي استوقفتني فيه عبارات و جمل في غاية الغطرسة و الاستفزاز و التعالي ،

ذلك انه بغض النظر انه لا يوجد أحد يعلو على الحزب كشخص معنوي نظمه الفصل السابع من الدستور او اية مؤسسة اخرى تؤمن بالديموقراطية ولا تنتصر للشخصنة ، فإن التفوه بكلمة الانتحار والدعوة اليه بالقول ان من توهم انه يؤثر على قرارات الحزب وقيادته السياسية عليه ان ينتحر ، عبارات لا ترقى الى درجة الاعتبار ولا تستقيم مع الخطاب السياسي الوجيه الذي يجب الا يخلو من الحكمة والتبصر و التواضع واحترام ذكاء المواطنين والايمان بقبول الرأي والرأي الاخر ، دون حشر الانتحار الذي يعتبر اعتداء على الروح بإزهاقها عمدا في خطاب مسؤول ، كما ان عبارة “سأجلس على قلوبهم “اقل ما يقال عنها انها تنم عن اسلوب لا يليق بمن مرتبته تلزمه .

من جهة اخرى فان الحديث عن جمال وزيرات حزب الاصالة والمعاصرة وكأننا في برنامج سباق ملكات الجمال ، يذكرني بنساء قدن تجربة قيادة الحكومات في الدول الغربية امثال ميركيل ومارغريت تاتشر وغيرهما ممن لمع نجمهن في سماء السياسة ، وبقدر ما كان العالم يشيد ويقيم منجزات نساء في موقع المسؤولية ،فلا احد تحدث يوما عن جمالهن ، او سنهن ، بقدر ما انبهر بكفاءتهن ومنجزاتهن ، واستغرب كيف يستسيغ الوزير ان يقول انه ” فوق هذا وذاك فانهن جميلات ” اي ان الجمال يعلو على المنجزات وما ينتظره الشعب المغربي من مناصبهن وما حققناه و سيحققنه في اطار المهام المسندة اليهن .

الكفاءة وروح المسؤولية وحرقة الوطن والكاريزما امور لا علاقة لها بالجمال او السن ، وانما يتم الحكم على الشخص سواء كان رجلا او امرأة من خلال المنجزات وتحقيق الوعود و توفير العيش الكريم للمواطن بعيدا عن اهانته واحتقاره ، لان من لم تَجُد عليه الطبيعة بجمال الخلقة ربما لديه جمال الخلق والسريرة و الحكمة في النطق والقدرة على التسيير و تحقيق المنجزات

الاكثر من ذلك فإن المحكمة الدستورية ( المجلس الدستوري سابقا) انتصر للكفاءة والتجرد والنزاهة بمقتضى القرار 14.943بتاريخ 2015/7/15 والذي قضى برفض تخصيص كوطا لتمثيل النساء داخل المحكمة الدستوريةً لعدم مطابقة هذا التخصيص للدستور الذي يحظر كل أشكال التمييز بسبب الجنس والذي ينص في الفقرة الاولى من الفصل 19 على تمتع المرأة والرجل على قدم المساواة بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية وبذلك لا يمكن للمشرع تخصيص نسب مضمونة مسبقا لأحد الجنسين في الوظائف العمومية لكون التمييز بين الجنسين يحظره دستور المملكة ، وتبقى العضوية في المحكمة الدستورية مشروطة بامتلاك الكفاءة القضائية او الفقهية او الإدارية والتكوين العالي في مجال القانون , ومن باب اولى السيد الامين العام السيد الوزير ، انه اذا كان الجنس ليس معيارا فانه لا يمكن ان يكون الجمال مقياسا ومعيارا لتحمل المسؤولية ! وذاك عين العقل والمنطق

اما الاشادة بالزغاريد فلا محل لها في الخطاب السياسي المسؤول الذي انتقل من الحديث عن الانتحار الى جمال الوزيرات ، الى الجلوس على قلوب المعارضين ، الى زغاريد المحتفلات ، لان اوضاعنا اليوم يجب ان تتجاوز النزعة الشكلانية للديموقراطية وانه يفرض علينا عقد العزم من اجل ابهار المغاربة الذين صوتوا على المنتخبين ، بالاعمال المسؤولة بدل الرقص على المشاعر !
كفانا اهانات !

 الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين وإنما عن رأي صاحبها

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

3 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
علي او عمو
المعلق(ة)
12 يونيو 2023 19:00

يقول المَثَل :”إذا أُسنِدت الأُمور إلى غير أهلِها فانتظِرِ الساعة”. فكُلّ مَنْ يدّعي الديمقراطيّة و الحرية و العدالة الاجتماعية فعليه أن يعلم بأنّ هذا النوع من النُّظُم السياسيّة يقتضي الحِنْكة و سِعة النظر و رؤية استراتيجيّة في تدبير الشأن العام بما يُحقِّق التنمية الشاملة للبلد، في جميع الميادين ،الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و غيرها.. بعيداً عن كلّ ما مِن شأنه خدْش أي جانب من جوانب الديمقراطية من تَفاهات و تُرّهات و خُزعبلات التي لا فائدة من ورائها سوى تضييع للوقت و إلهاء الشعب.

ما شاء الله
المعلق(ة)
12 يونيو 2023 14:19

عنوان هذا المقال يذكرني بعنوان موضوع كلفني بالبحث فيه أستاذ الاجتماعيات بالسنة الخامسة ثانوي وهو ( التكتلات والأحلاف العسكرية والحروب الباردة والتعايش السلمي ) كيلومتر في العنوان

عبد الكريم
المعلق(ة)
11 يونيو 2023 15:17

الجمال المصطنع ليس جمالا
والمرأة المتسلطة او المادية ليست امرأة

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

3
0
أضف تعليقكx
()
x