لماذا وإلى أين ؟

وجهة نظـر قانونيّة حول الفعل الجُـرمي الشنيع المُرتكَب من طرف عسكريين جزائريين ضدَّ ضحايا مَـدنيّـين عزل

سليمة فراجي

ما تم ارتكابه من طرف الحرس الجزائري البحري بتاريخ 28 غشت يعتبر جريمة ضد الإنسانية مُتكاملة الأركان، إذ تم إطلاق الرصاص الحي على مدنيين عُـزَّل من طرف عسكريين جزائرييـــن لمجرد أنهم تاهوا في البــحر أثناء مُمارستهم لرياضة مائية، وأصبحوا في كرب و محنة يتطلبان الإنقاذ المستعجل و الغوث ومدَّ يد العون، علما أنهم لم يشكلوا أي خطر داهم داخل المياه الإقليمية للجـزائر، و دون أن يتم إنذارهم أو إلقاء القبض عليهم أو مراعاة نظرية التناسب، إذ تمَّ إطلاق وابل من الرصاص في مختلف الاعضاء بالنظر الى أن نية القتل وتحقيق الموت الزؤام كانت هي القصد وراء الفعل الجرمي المتعمد.

وبخصوص تحديد المسؤولية وترتيب الجزاء، وملاءمة النصوص والاتفاقيات مع الأفعال المرتكبة، وبالرجوع الى المقتضيات القانونية الدولية نجد أن الاتفاقية الدولية للبحث والانقاذ في البحار المؤرخة في 1979، مع ما عرفته من تعديلات، تنص على إنقاذ المنكوبين في البحار و على إنشاء كل دولة ساحلية لترتيبات فعالة للخفارة الساحلية وخدمات البحث والإنقاذ، كما تنص على تطوير و تعزيز تلك الأنشطة عبر إرساء خطة دولية للبحث والإنقاذ في البحار تلبي احتياجات حركة النقل البحري فيما يتعلق بإنقاذ المنكوبين في البحار، كيفما كانت جنسيتهم وصفتهم، وكيفما كانت الوضعية التي وجد فيها هؤلاء المنكوبون .

وبالتالي فإن إطلاق النار على الضحايا وإزهاق روحهم بدل مد يد العون لهم ومساعدتهم من طرف النظام الجزائري، يعتبر خرقا سافرا لمقتضيات الاتفاقية المذكورة.

من جهة أخرى تنص اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار المؤرخة في 1982 على عدم تعريض أية سفينة أو طاقمها لخطر جدي، وتقديم المساعدة لأي شخص وجد في البحار معرضا لخطر الضياع، كما نصت في المادة 1/98 على التوجه بكل ما يمكن من السرعة لإنقاذ أي شخص في حاجة الى المساعدة، حمايةً لسلامة الأرواح في البحار.

كما تفرض المادة 2/98 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لسنة 1982 على كل دولة إنشاء وتشغيل جهاز ملائم وفعال لأعمال البحث والإنقاذ المتصلة بالسلامة في البحار وفوقها، والمحافظة عليها، وتتعاون حيث تقتضي الظروف ذلك عن طريق ترتيبات إقليمية متبادلة مع الدول المجاورة تحقيقا لهذا الغرض، الشيء الذي يجعل الأفعال الوحشية المرتكبة من طرف النظام الجزائري ضد مدنيين عزل منكوبين، تعتبر في قمة الخرق السافر للمقتضيات القانونية الدولية.

والمغرب، احتراما منه لهذه المقتضيات وفي حادثة مشابهة في عرض البحر، مد يد العون والمساعدة لتسعة بحارة جزائريين تاهوا في المياه الإقليمية للمغرب بمدينة الناظور.

واعتبارا من كون إطلاق الرصاص الحي، و إزهاق أرواح مدنيين منكوبين تائهين في عرض البحر، من طرف عسكريين بدل مد يد العون لهم والحرص على سلامتهم كيفما كانت وضعيتهم وجنسيتهم طبقا لما نصت عليه الاتفاقيات المشار اليها اعلاه، فإن مسؤولية الجناة ثابتة و تخول اللجوء الى المحكمة الدولية لقانون البحار طبقا لأحكام الاختصاص المسندة اليها وطبعا، إن اقتضى الحال، ملاحظة أن الأفعال العدوانية المتكررة من طرف النظام الجزائري في مواجهة ساكنة المناطق الحدودية تعتبر جرائم ضد الإنسانية وتمنح الإختصاص للنظر فيها طبقا لنظام روما للمحكمة الجنائية الدولية !

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبر بالضرورة عن رأي آشكاين و إنما تعبر عن رأي صاحبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

3 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
احمد
المعلق(ة)
4 سبتمبر 2023 12:41

رمي جثة احد الهالكين في شاطى السعيدية، وتمكن آخر من الوصول الى المياه الاقليمية للمغرب سباحة دليل على التيه وعلى أن المسافة كانت قريبة، ولا تستدعي كل هذا العنف المبالغ فيه.

Nasser
المعلق(ة)
3 سبتمبر 2023 18:47

On n’a pas besoin de leçons de droit humain. Ni de droit de la mer. Une seule leçon est à retenir de cet incident: nous considérons tout ce qui vient de l’ouest comme une émanation d’Israël et on le traite comme tel. Sans aucune pitié.

USA
المعلق(ة)
3 سبتمبر 2023 16:51

قال تعالى في كتابه المن ل: ومن يقتل مومنا متعمدا،فجزاؤه جهنم خالدا فيها اب.ا.
لا حول ولا قوة الا بالله. حسبنا الله ونعم الوكيل.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

3
0
أضف تعليقكx
()
x