لماذا وإلى أين ؟

لماذا لا زالت سُلطات الجزائر تحتجزُ جثة ضحية واقعة “الجيتسكي” بالسعيدية؟

كشفت مصادر قريبة من عائلة الشاب عبد العالي مشيور الذي قتل من طرف عناصر تابعة لخفر السواحل الجزائري، أن السلطات الجزائرية شرعت في ابتزازه العائلة ومساومتها بخصوص موضوع تسليم جثة الهالك لدفنها في المغرب.

و وفق ما كشفه يحيى قيسي شقيق الضيحة بلال قيسي، وهو قريب عائلة مشيور التي كان ابنها ضحية “اغتيال” خفر السواحل الجزائرية، فإن السلطات الجزائرية شرعت، قبل إصدار بلاغ وزارة الدفاع، في ابتزاز ومساومة عائلة الضحية عبد العالي، حيث طالبتهم بالتوقيع على وثيقة تثبت اعتراف العائلة بأن نجلها توفي غرقا في البحر مقابل تسليم الجثة، مشيرا إلى أن والد الضحية عبد العالي رفض بشكل قاطع طلب السلطات الجزائرية، التي طلبت في مرحلة ثانية من عائلة الضحية عدم الحديث لوسائل الإعلام في الموضوع وإلا لن تتسلم جثة الضحية.

الرواية ذاتها، أكدتها وصال قيسي، إبنة عم الضحية بلال قيسي، التي أوضحت أن عائلة مشيور رفضت طلب السلطات الجزائرية القاضي بالتوقيع على وثيقة غرق نجلها، مشيرة إلى أن والد الضحية رد على سلطات الجارة الشرقية بأنه كيف يمكن القول بغرق المرحوم وجسده فيه رصاصتان؛ واحدة في الظهر وأخرى في الرأس.

بناء على المعطيات المشار إليه، تطرح عدد من علامات الإستفهام حول الأسباب التي جعلت السلطات الجزائرية ما تزال تحتجز جثة الشاب المغربي عبد العالي مشيور!؟ وهل ذلك لدواعي قانونية أو لأسباب سياسية؟

تماطل بخفليات سياسية وقانونية

رئيس المركز المغاربي للأبحاث والدراسات الإستراتيجية؛ نبيل الأندلوسي، يرى أن تماطل السلطات الجزائرية في تسليم جثة ضحية “الجيتسكي”، له خلفيات سياسية وقانونية، على اعتبار أن الحادث في الأصل هو من تداعيات الأزمة ما بين المغرب والجزائر، والتشنج الحاصل في العلاقات بين البلدين.

ويؤكد الأندلوسي في تصريح لصحيفة “آشكاين”، أنه لولا الأزمة الدبلوماسية بين البلدين لما “كان لعناصر نظامية جزائرية أن تتصرف بهذا المستوى من العنف الذي وصل حد القتل، رغم أن ملابسات هذا الأخير ما تزال غير واضحة في ظل تضارب المعطيات”، مشددا على أن الموضوع إشكال على المستوى القانوني، بحيث يطرح سؤال الولاية القضائية، إذا تم اللجوء إلى القضاء، عبر استحضار جنسية الأطراف، مسرح الحادث، الوقائع والجهة المخول لها رفع الدعوى، والمحكمة التي يمكن الالتجاء إليها.

نبيل الأندلوسي ــ رئيس المركز المغاربي للأبحاث والدراسات الاستراتيجية

وعلق رئيس المركز المغاربي للأبحاث والدراسات الإستراتيجية على تفاعل الناطق الرسمي باسم الحكومة، معتبرا أنه “لم يكن في مستوى الحدث، حيث اكتفى بالإشارة إلى أن الأمر في مثل هذه الحالات يكون من اختصاص السلطات القضائية، دون توضيح للملابسات ولا للإجراء ات التي ستقوم بها الحكومة، وهذا تقصير لا يزيد هذا الملف إلا غموضا”.

وخلص الأندلوسي، إلى أن “وزارة الخارجية مطالبة بإصدار بلاغ توضيحي، خاصة أن “هذا الصمت يبقى غير مفهوم ومرفوضا، فلا يعقل أن يقتل مغاربة خارج حدود المغرب، ومن طرف قوات نظامية أجنبية، في الظروف التي كشف الإعلام على جزء منها، ولا توضح الخارجية والحكومة حيثيات ما وقع والإجراءات المتخذة”، مبرزا أنه على رئيس الحكومة ووزير الخارجية، تقديم التوضيحات اللازمة والتواصل مع المغاربة بما يقتضيه هذا الحادث المروع.

سلطات الجزائر في ورطة

من جانبه، يرى الخبير في الشؤون السياسية و الإستراتيجية؛ هشام معتضد، أن السلطات الجزائرية وجدت نفسها في مأزق سياسي وقانوني و دبلوماسي أمام المنتظم الدولي في حادث مقتل السائحين الذين يحملان الجنسيتين المغربية والفرنسية بنيران خفر سواحلها، لذالك فهي مترددة إلى حدود الساعة في كيفية التدبير هذه القضية والخروج منها بأقل الخسائر السياسية والقانونية.

هشام معتضد ــ الخبير في الشؤون السياسية و الإستراتيجية

ويفسر معتضد تأخر سلطات الجارة الشرقية في تسليم جثة الشاب المغربي عبد العالي، بأن القيادة في الجزائر تحاول اللعب على وثر الوقت سعيًا منها لجمع العديد من الاستشارات السياسية والقانونية لدى أصدقائها في أفق التخلص من هذه الورطة التي وضعت نفسها فيها من خلال جهازها العسكري الذي يتلقى الاستنكارات تلو الاخرى من مختلف البلدان والهيئات الحقوقية والمنظمات القانونية والجمعيات المدنية والاحزاب السياسية على المستوى الدولي.

وشدد المتحدث في تصريح لصحيفة “آشكاين” الإخبارية، على أن القيادة الجزائرية بصدد محاولة إيجاد مخرج سياسي للقضية يجنبها المسؤولية القانونية في هذه الكارثة الانسانية، لذالك حاولت إصدار بلاغ سطحي يروم امتصاص الضغط الكبير التي تتعرض له منذ وقوع الحادث وتهدف من ورائه إلى تضليل الرأي العام الداخلي والدولي باقحام سلوك القتل ضمن التحركات المهنية لخفر السواحل، معتبرا أنه بالرغم من ذلك ما يزال المنتظم الدولي ينتظر ويطالب توضيحات أكثر مسؤولية تتماشى وخطورة الفعل المرتكب.

وخلص الخبير في الشؤون السياسية و الإستراتيجية، إلى الإشارة إلى أن التحركات السياسية القانونية متواصلة لمعرفة الاسباب الحقيقية وراء هذا السلوك غير المهني عسكريا والبعيد عن الانسانية المتعارف عليها في الاعراف الدولية، وهو ما يشكل ضغطًا كبيرًا على دائرة القرار في الجزائر ويجعلها مرتبكة بخصوص موضوع تسليم جثت الضحايا وتدبير القضية إعلاميا وسياسيًا على المستوى الداخلي و الخارجي.

 

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x