لماذا وإلى أين ؟

الأقليات في المغرب مزيج من الاهتمام واللامبالاة والتضامن والتناقض

نعيمة تشيشي

 ظهر مصطلح الأقليات في المغرب، في القرن التاسع عشر، كما بدأت تظهر بعض المؤشرات على استخدام هذا المصطلح أو ما يقاربه، في ظل التغيرات السياسية والاجتماعية والثقافية التي شهدها المغرب. ففي هذا القرن، تعرض المغرب للتدخل والتأثير الأوروبي، وخاصة الفرنسي والإسباني، الذين حاولوا تقسيم المغرب إلى مناطق نفوذ وحماية. وهذا ما أدى إلى تغيير في العلاقات بين الدولة المغربية والجماعات المختلفة التي تعيش في أراضيها، وخاصة تلك التي كانت تتمتع بحكم ذاتي أو تحالفات مع القوى الأجنبية. فقد كان المغرب منذ القدم بلد متعدد الثقافات والهويات، يضم مجموعات إثنية ودينية مختلفة، من بينها الأمازيغ والصحراويون واليهود والمسيحيون والبهائيون والشيعة والأحمدية. هذه الأقليات تشكل جزءا من التراث الثقافي والتاريخي للمملكة، ولها دور في بناء المجتمع المدني والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.

 حقوق الأقليات بين الاعتراف الدستوري والممارسة العملية

شهد المغرب في السنوات الأخيرة، تطورات مهمة في مجال حماية حقوق الأقليات، خاصة بعد إقرار الدستور الجديد في عام 2011، الذي اعترف بالتنوع الثقافي واللغوي والديني للشعب المغربي، ونص على مبدأ المساواة وعدم التمييز بين جميع المواطنين. كما شهد المغرب إصلاحات قانونية وسياسية ومؤسساتية تهدف إلى تعزيز حقوق الأقليات، مثل إنشاء المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمجلس الأعلى للأمازيغية والمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، وتبني مشاريع قوانين تتعلق بالحريات الدينية والتعليم والإعلام والمشاركة السياسية.

ومن المتفق عليه أن الأقليات تتمتع على قدم المساواة بكافة حقوق الإنسان الراسخة في المعاهدات التسع الأساسية لحقوق الإنسان. وتضم العناصر الأساسية لأطر الأمم المتحدة بشأن حقوق الأقليات، بشكل خاص، حماية الوجود كأقليات؛ وعدم التمييز؛ وتمتعها بثقافتها ودينها ولغتها الخاصة؛ والمشاركة الفعالة في الحياة الثقافية والدينية والاجتماعية والاقتصادية والعامة؛ والمشاركة الفعالة في صنع القرار؛ والحفاظ على تجمعاتها الخاصة؛ والحفاظ على اتصالاتها وعلاقاتها عبر الحدود.

وتعتبر مبادئ عدم التمييز والمساواة، التي تشكل الأساس لكل معاهدات حقوق الإنسان الأساسية الركيزة الرئيسية لحقوق الإنسان والحماية القانونية للأقليات. وهي تنطبق على الجميع في ما يتصل بكافة حقوق الإنسان والحريات، وتحظر التمييز على أسس مثل العرق أو اللون أو الدين أو اللغة أو الجنسية أو الإثنية أو أصل النسب. ومن خلال احترام هذين المبدأين، يمكن ضمان التمتع بالعديد من حقوق الإنسان، بما في ذلك حق الأقليات، لا سيما الأقليات من النساء، في المشاركة الفعالة في صنع القرار.

ومع كل هذا، لا تزال هناك تحديات كبيرة تواجه الأقليات في المغرب، تتعلق بتفعيل النصوص الدستورية والقانونية والتغلب على المعيقات العملية والثقافية والاجتماعية. فالأقليات تواجه صعوبات في ممارسة حقوقها في مجالات مثل التعليم والإعلام والثقافة واللغة والدين والمواطنة والتمثيل السياسي . بسبب عدم وجود تشريعات تنفيذية أو إصلاحات مؤسساتية أو سياسات عمومية أو آليات رقابية أو توعية مجتمعية. وقد أشارت بعض التقارير الحقوقية إلى أن المغرب شهد تراجعا غير مسبوق في حرية الرأي والتعبير في عام 2021،. كما تواجه الأقليات تمييزا وتهميشا وعنفا من قبل بعض الجهات الرسمية والمجتمعية، التي ترفض التنوع وتروج للتطرف والتعصب.  وتفتقر الأقليات إلى الحماية القانونية والقضائية الفعالة، وإلى آليات للحوار والتشاور والحل الودي للنزاعات.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الأقليات تعاني من نقص في الوصول إلى المعلومات والتعليم والثقافة والصحة والعدالة والتنمية والتمثيل السياسي والاجتماعي، مما يزيد من شعورها بالإقصاء والتهميش والاستغلال والاضطهاد. وقد أبدت بعض الأقليات تطلعاتها للحصول على المزيد من الاعتراف والحماية والمشاركة والتمتع بحقوقها الجماعية والفردية، مثل الحق في استخدام لغتها والحفاظ على هويتها والتعبير عن ثقافتها والاحتفال بمناسبتها الخاصة، لذلك يتطلب تحقيق حقوق الأقليات في المغرب جهودا متواصلة ومتعددة الأطراف، تشمل الدولة والمجتمع المدني والأحزاب السياسية والمؤسسات الدينية والإعلامية والأكاديمية. ويتطلب ذلك تبني مقاربة شاملة ومتوازنة ومشاركة مسؤولة، ترتكز على احترام حقوق الإنسان والقيم الديمقراطية والمبادئ الدستورية، وتهدف إلى تعزيز التماسك الوطني والسلم الاجتماعي والتنمية

وفي هذا السياق، يروي لنا علي، وهو ناشط أمازيغي، تجربته مع حرية الرأي والتعبير في المغرب: قائلا “أنا علي، عضو في جمعية تدافع عن حقوق الأمازيغ وتنظم أنشطة ثقافية وتوعوية حول الهوية واللغة والتاريخ الأمازيغي. أنا أعتبر نفسي مواطنا مغربيا وأمازيغيا، وأحترم الدستور والقوانين والمؤسسات. ولكن في كثير من الأحيان، أشعر بأن حريتي في التعبير عن رأيي وانتمائي مقيدة ومهددة. فمثلا، عندما أريد أن أنظم أو أشارك في وقفة احتجاجية أو مسيرة سلمية للمطالبة بالحقوق الأمازيغية، أوجه صعوبات في الحصول على الترخيص أو الحماية من السلطات، وأحيانا أتعرض للتضييق أو الاعتقال أو الاعتداء. وعندما أريد أن أعبر عن رأيي على مواقع التواصل الاجتماعي أو في الإعلام، أواجه الرقابة أو الحجب أو الحذف أو الشتم أو التهديد. وعندما أريد أن أتحدث بلغتي الأمازيغية في الأماكن العامة أو الرسمية، أجد نفسي مهمشا أو محروما من بعض الخدمات أو الحقوق. وعندما أريد ان اتحدث بلغتي الأمازيغية في المدرسة أو الجامعة أو العمل، أواجه الاستهزاء أو الاستنكار أو التمييز. وهكذا، أشعر بأن حريتي في التعبير عن نفسي كأمازيغي محدودة ومقيدة، وأن صوتي لا يسمع ولا يحترم”.

وبالنسبة للمشاركة في الحياة السياسية، يسرسل المتحدث “أجد صعوبة في العثور على حزب أو مرشح يمثل مصالحي ومطالبي كأمازيغي. فمعظم الأحزاب السياسية في المغرب لا تولي اهتماما كبيرا بالقضايا الأمازيغية، أو تعتبرها ثانوية أو مغرضة أو مزعزعة للوحدة الوطنية. والأحزاب التي تدعي الدفاع عن الأمازيغية، غالبا ما تكون ضعيفة أو متناقضة أو مستفيدة من الوضع. ولذلك، أنا أشعر بالإحباط والاستياء من السياسة، وأفضل الامتناع عن التصويت أو الانخراط في العمل السياسي”.

هذا الطرح؛ يؤكده الدكتور عبد الله، باحث في العلوم السياسية والاجتماعية، الذي يقول: على مدى التاريخ، عانى الأمازيغ من الاستعمار والتهميش والتعريب والتسلط. ولذلك، نشأت حركات أمازيغية تنادي بالاعتراف بالهوية والثقافة واللغة الأمازيغية، وبالمساواة والعدالة والديمقراطية. وقد حققت هذه الحركات بعض الانجازات في السنوات الأخيرة، مثل إدراج اللغة الأمازيغية كلغة رسمية في الدستور المغربي لسنة 2011، وإنشاء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وإدخال تعليم اللغة الأمازيغية في بعض المدارس.

ومع ذلك، فإن الأمازيغ لا يزالون يواجهون صعوبات وعقبات في ممارسة حقهم في حرية الرأي والتعبير، وفي المشاركة في الحياة السياسية. فمن جهة، توجد قوانين وممارسات تقيد حرية التعبير والتجمع والتظاهر للأمازيغ، وتعتبر بعض مطالبهم ورموزهم خطرا على الوحدة الوطنية أو الأمن القومي أو النظام العام. ومن جهة أخرى، توجد عوامل اجتماعية وثقافية وإعلامية تمنع الأمازيغ من التعبير عن آرائهم وأفكارهم بحرية وكرامة، وتعرضهم للتهميش والتنميط والتحقير ومنها المجتمع المدني والحركات الاجتماعية، التي تفتقر إلى التنظيم والتماسك والتأثير، وتواجه الانقسام والتشتت.

ويضيف انه نتيجة لذلك، يشعر الأمازيغ  بصفة خاصة والأقليات بصفة عامة بالإقصاء والتهميش والاستغلال، ويفقدون الثقة في الدولة والسياسة والمجتمع. وهذا يهدد الاستقرار والتنمية والديمقراطية في المغرب. ولذلك، يجب أن يتم احترام حقوق الأمازيغ والأقليات في حرية الرأي والتعبير، وتمكينهم من المشاركة في الحياة السياسية، والاستجابة لمطالبهم وتطلعاتهم. وهذا يتطلب إصلاحات سياسية ودستورية وقانونية وإدارية وتربوية وثقافية، وتعزيز الحوار والتعاون والتضامن بين جميع مكونات المجتمع المغربي.

حرية الرأي سيف ذو حدين    

تتباين طرق استخدام الأقليات لحرية الرأي والتعبير باختلاف الظروف والسياقات التي يعيشون فيها. فمن الممكن أن تستخدم الأقليات وسائل الإعلام المختلفة، مثل الصحف والمجلات والإذاعة والتلفزيون والإنترنت، لنشر أفكارهم وآرائهم ومعلوماتهم، وللتواصل مع بعضهم البعض ومع العالم الخارجي. بالإضافة الى  تنظيم الاحتجاجات والمظاهرات والحملات السلمية، للتعبير عن مواقفهم ومطالبهم ومعارضتهم للسياسات والقرارات التي تؤثر عليهم سلباً. ويمكن أيضاً للأقليات أن تستخدم الفن والثقافة كوسيلة للتعبير عن هويتهم وتاريخهم وقيمهم، وللتأثير على الوعي والتقبل والتضامن من قبل الآخرين.

لكن يرى الدكتور عبد الله الباحث في العلوم السياسية والاجتماعية ، ان مقابل كل هذه الوسائل  فهناك صعوبة عندما يتم مشاركة هذه الآراء تتمثل في القيود القانونية  اذ توجد بعض القوانين التي تحد من حرية التعبير للأقليات في المغرب، مثل قانون الصحافة والنشر الذي يجرم الإساءة إلى الإسلام أو الملك أو الوحدة الوطنية أو النظام العام أو الآداب العامة. كما توجد قوانين أخرى تمنع الاعتراف بالهوية الأمازيغية أو الصحراوية أو المثلية أو الإسلامية غير السنية. هذه القوانين تعرض الأقليات لخطر الملاحقة القضائية والسجن والغرامات والمصادرة والحظر والرقابة.كما تتعرض الأقليات في المغرب للعنف والتهديد من قبل بعض الجماعات المتطرفة أو المتشددة أو المناهضة لهم، مثل  العنصريين. هذه الجماعات تستخدم العنف الجسدي أواللفظي أو النفسي أو الجنسي لإرهاب وترويع وترهيب الأقليات كيفما كانت بالإضافة الى التمييز والإقصاء في مختلف مجالات الحياة العامة والخاصة، مثل التعليم والصحة والعمل والإسكان والمشاركة والتمثيل والخدمات والمنافع والفرص والموارد. هذا التمييز والإقصاء ينتج عن الأحكام المسبقة والنماذج النمطية والتحيزات والتعصبات والكراهية والاحتقار والازدراء والتنميط والتهميش والتجاهل.

حقوق الأقليات تمييز ضد الأغلبية

 ان حقوق الأقليات لا تعد تمييزا ضد الأغلبية، بل تعد ضمانا للمساواة والعدالة والتنوع في المجتمعات. فحقوق الأقليات هي جزء من حقوق الإنسان، وهي مكفولة بموجب القانون الدولي والإقليمي والوطني. وتهدف إلى حماية الأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية أو عرقية أو دينية أو لغوية من التمييز والتهميش والانتهاكات، وإلى تمكينهم من المشاركة الفعالة في الحياة العامة والحفاظ على هويتهم وثقافتهم ودينهم ولغتهم.كما لا تمنح الأقليات أي امتيازات أو مزايا خاصة على حساب الأغلبية، بل تضمن لهم حقوقا أساسية ومتساوية مع باقي المواطنين. و تخدم مصلحة الأقليات والأغلبية على حد سواء، فهي تسهم في تعزيز السلام والأمن والتنمية والديمقراطية والتعايش في المجتمعات.

وهذا ما أكدته البروفيسورة د. إيفا ماريا بيلسر في احد اللقاءات الصحفية  اأنه بحماية الأقليات لا نحرم الأغلبية من شيء بسبب هويتها بل تتساوى المجموعات  لكن محاولة تعويض المجموعات الصغيرة في فرصها الضئيلة في ان تنتخب في النظام الديموقراطي  دائما ما تفوز الأغلبية وهذا ليس مضحكا بالنسبة للأقلية .فحقوق الانسان للأفراد هي الأساس و”لوكنا في عالم مثالي لكانت كافية لكننا لا نعيش في هذا العالم المثالي”. فنحن نعيش في دول بها تنوع عرقي  وديني …لا يكفل السلم دائما فهناك الكثير من التوترات خاصة عندما يتعلق الامر بأغلبية عرقية و لغوية  واضحة حيث يمكن ان تشكل الديموقراطية تهديدا للمجموعات الصغيرة خاصة في ضل الانقسامات اللغوية والعرقية والاقتصادية…

لذلك هناك خطر في ان ينتهي الامر دائما بالأقليات في الجانب الخاسر فتبدأ في الانفصال عن الدولة وترى ان الدولة ليست حقا دولتها .اما اذا كانت قد ضمنت حقوقها كأقليات ليس الفردية وانما الجماعية كذلك أي حقهم في تقرير المصير  في تعليم أطفالهم لحماية ثقافتهم ولغتهم ودينهم فسيشعرون بالاطمئنان داخل دولتهم بصفة عامة وهذا اكثر من مجرد امتلاك لحق فردي.

الأقليات بين التقبل والرفض

 يرى يحيى الأستاذ في علم الاجتماع  والباحث السوسيولوجي أن رفض او تقبل الأقليات في المجتمع المغربي تتداخل فيه عوامل كثيرة منها العامل التاريخي ، فالمغرب عرف تاريخا طويلا من الصراعات والحروب مع القوى الاستعمارية والمدخلات الأجنبية، مما أثر على هوية المغاربة وجعلهم يتمسكون بتقاليدهم وثقافتهم ودينهم كوسيلة للمقاومة والحفاظ على السيادة الوطنية. وهذا ينعكس على رؤيتهم للأقليات التي تختلف عنهم في اللغة أو العرق أو الدين أو الميول الجنسية، فهم ينظرون إليها بشكل سلبي أو مشبوه أو مهدد للهوية الوطنية والوحدة الوطنية.

 اما فيما يخص العامل الاجتماعي فالمغرب يعتبر مجتمعا محافظا وتقليديا، يقوم على قيم ومبادئ وأعراف تنظم العلاقات الاجتماعية بين الأفراد والجماعات، وتحدد الأدوار والمسؤوليات والحقوق والواجبات لكل فرد وفقا لجنسه وعمره ومكانته الاجتماعية. وهذه القيم والمبادئ والأعراف تستند إلى مرجعيات دينية وثقافية وقبلية وعشائرية، تمثل مصدر الهوية والانتماء والتماسك الاجتماعي. وهذا يجعل المغاربة يرفضون أو يستصعبون قبول الأقليات التي تنحرف عن هذه القواعد والمعايير الاجتماعية، أو تتحداها أو تنتقدها، فهم يعتبرونها مخالفة للنظام الاجتماعي والأخلاقي السائد.

 بالإضافة للعامل السياسي فالمغرب يشهد منذ عقود حالة من الاستقرار السياسي والأمني نسبيا، مقارنة ببعض الدول المجاورة، وهذا يعود إلى دور الملك والمؤسسات الوطنية في توحيد الشعب المغربي وتمثيل مصالحه وحماية سيادته وأمنه. وهذا يجعل المغاربة يثقون في النظام السياسي ويدعمونه ويتبنون رؤيته ومشاريعه الإصلاحية والتنموية. وهذا يؤثر على موقفهم من الأقليات التي تطالب بالاعتراف بحقوقها أو تنظيمها أو تمثيلها السياسي، فهم يرون فيها عنصرا من عناصر الفتنة أو الانقسام أو الضغط على الدولة والمجتمع .

هذه بعض العوامل التي يمكن أن تساهم في تفسير سبب رفض المغاربة  لحرية التعبير للأقليات في المغرب. ولكن هذا لا يعني أن هذا الرفض هو ثابت أو مطلق أو مبرر، فهناك أيضا بعض الجهود والمبادرات التي تسعى إلى تعزيز الحوار والتفاهم والتسامح والانفتاح بين المغاربة والأقليات، وإلى تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان والتنوع الثقافي والاجتماعي في المغرب . وهذه الجهود والمبادرات تستحق الاهتمام والتشجيع والدعم، لأنها تسهم في بناء مجتمع مغربي متحد ومتنوع ومتطور.

 دعم حرية التعبير للأقليات وحماية تنوعها

 ان احترام وتطبيق المعايير الدولية لحقوق الإنسان، التي تضمن حق كل شخص في التعبير عن رأيه والحصول على المعلومات والمشاركة في الحياة العامة دون تمييز أو قمع أو عنف  .يعزز الديمقراطية وسيادة القانون والشفافية والمساءلة والحوكمة الرشيدة، التي تضمن حق الأقليات في التمثيل السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي والتنموي، وتحميها من الفساد والاستبداد والاستغلال  .كما ان تعزيز التضامن والتعاون والحوار والتشاور بين الأقليات والأغلبية والسلطات والمجتمع المدني والمنظمات الدولية والإقليمية، التي تساعد على حل النزاعات والتوصل إلى حلول عادلة ومستدامة تراعي مصالح وحقوق الجميع   من شأنه ان يثري ويدعم لنا حقوق الأقليات  بالإضافة  الى تعزيز التعليم والثقافة والإعلام والاتصالات، التي تساهم في نشر الوعي والمعرفة والتفاهم والاحترام بين الأقليات والأغلبية، وتمكن الأقليات من التعبير عن هويتها وثقافتها ومطالبها بطرق إبداعية ومؤثرة و إصدار قوانين وسياسات وبرامج ومشاريع تنفذ وتحسن النصوص الدستورية والمعاهدات الدولية التي تضمن حقوق وحريات الأقليات، مثل قانون اللغة الأمازيغية ،و تنظيم فعاليات وأنشطة وحملات ومظاهرات ومسابقات ومهرجانات تعزز حرية التعبير للأقليات وتحمي تنوعها وتنشر ثقافتها وتناقش قضاياها.

فالأقليات في المغرب هي مصدر ثراء وتنوع للمجتمع المغربي، وتعكس تاريخه وثقافته وهويته الوطنية، التي تتسم بالانفتاح والتسامح والتعايش بين مختلف الأديان والعقائد والتقاليد. وتثري التنوع والتعددية في المجتمع المغربي، وتساهم في تعزيز الحوار والتفاهم بين مختلف الجماعات والهويات والمعتقدات، وتقدم مساهمات مهمة في مختلف المجالات العلمية والفنية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وتشارك في التنمية والتقدم والابتكار والإبداع في المغرب. فهي جزء لا يتجزأ من التركيبة السكانية والثقافية والتاريخية للمجتمع المغربي، وتمثل تنوعا وثراء للهوية الوطنية، وليست عاملا للانقسام .

الرؤية المستقبلية لحقوق الأقليات في المغرب

يجب أن نعترف بأن حقوق الأقليات بما فيها حرية الرأي والتعبير في المغرب ليست مسألة هامشية، بل هي مسألة أساسية ومركزية. و هي جزء من حقوق الإنسان، التي تضمنها الشرعة الدولية والدستور المغربي، والتي تعتبر من القيم والمبادئ العليا للمجتمع المغربي. فهي جزء من الهوية والتاريخ والثقافة المغربية، التي تتميز بالتنوع والتعدد والتسامح، والتي تعبر عن الغنى والثراء والإبداع للمغرب .كما يجب أن ندرك بأن حقوق الأقليات في المغرب ليست مسألة ثابتة أو محددة أو مفروضة، بل هي مسألة متغيرة ومفتوحة ومتفاوضة. و تتأثر بالتحولات والتغيرات التي تشهدها الساحة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في المغرب وفي العالم. وهي  تتطور وتتحدث وتتجدد بحسب المطالب والتطلعات والتحديات التي تواجهها الأقليات والأغلبيات في المغرب.

و الحديث عن الرؤية المستقبلية لحرية الرأي والتعبير بالنسبة للأقليات في المغرب تتوقف على عدة عوامل  منها مدى التزام الدولة بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، والتي تكفل للأقليات الحق في الاستمتاع بثقافتها ولغتها ودينها وتقاليدها، والتعبير عنها بحرية وبدون تمييز أو تضييق بالإضافة الى مدى توافر آليات فعالة لحماية الأقليات من أي انتهاك أو تمييز أو تهميش أو تحريض على الكراهية أو العنف، سواء من قبل السلطات العامة أو الفاعلين الخاصين أو الجماعات المتطرفة. وكذلك مدى تشجيع الحوار والتفاهم والتعايش بين مختلف المكونات الاجتماعية والثقافية والدينية في المجتمع المغربي، وتعزيز قيم الديمقراطية والمواطنة والتسامح والاحترام المتبادل.

بالإضافة الى مدى تطوير القطاع الإعلامي والثقافي والتربوي، وتعزيز دوره في نشر الوعي والمعرفة والتثقيف حول حقوق الإنسان والتنوع والتعددية، ومناهضة الأفكار الخاطئة والمغالطات والأخبار الزائفة.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

6 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
أمال
المعلق(ة)
6 سبتمبر 2024 07:52

أعتقد بأن الموضوع يناقش الأقليات الدينية في المغرب و هذا لا يعني لا قريب ولا من بعيد الأمازيغيين الذين يعتبرون السكان الأصليين ، الاقليات الدينية يعني اليهود والمسيحيين الذي عاشوا بالمغرب
العنوان في واد و المناقشة والتحليل في واد آخر

أيجة ايت أمر
المعلق(ة)
30 نوفمبر 2023 15:44

المغرب أمازيغي الهوية ، وكل وافد ينصهر في الهوية الأمازيغية ، العروبية مكانها السعودية في الخليج الفارسي.

احمد
المعلق(ة)
30 نوفمبر 2023 14:33

الديمقراطية هي صيانة حقوق الاغلبية دون المساس بحقوق الاقليات، لكن ذالك لا يعني ان يصبح حق ما يمس بالحقوق الاخرى، أما وأن يعتبر الاسلام والملكية، والوحدة الوطنية كما يقول صاحب المقال فيه إجحاف تجاه حقوق الاقليات، فانا لا اعتبر من يدافع عن هذا الحق إلا ويستهدف احدى التوابت التي توحد الاغلبية ويريد المجاهرة بزعزعة اسس الوحدة الوطنية بسم حقوق الاقليات وهذا حق يراد به باطل. وما أتى الله به في اي زمن من ازمة المغرب.

غيثة
المعلق(ة)
30 نوفمبر 2023 04:44

عجيب ومضحك ومؤسف ان ينشر اعلامي مثل هذه المغالطات متى كان الامازيغ الذين هم المغاربة اقلية،لا يوجد عرب في المغرب يوجد انسان مغربي يحمل في جيناته ازيد من 86% من الجين الامازيغي و 0,08%من الجين العربي والباقي هو ايبيري ومن غرب افريقيا ،اذا كان الامر غير مقصود فهذا خطا ان تتطرق لموضوع يخص الهوية المغربية بجهل بالمكون الرئيسي للامة المغربية واذا كان الأمر مقصود فهذا يعني انك تخدم اجندة مشرقية عروبية

امازيغي موري مغربي
المعلق(ة)
29 نوفمبر 2023 21:57

جهل تام بهوية الوطن.و اعتبار الامازيغ اقلية.مضحك الامر.الخلط بين الامازيغي المستعرب و العربي.اقحام الدين في الهوية.اغلاط بالجملة في المقال.اشك ان كاتب المقال درس تاريخ المغرب الغير المؤدلج…ايعلم الكاتب ان جبالة امازيغ مستعربون و اصلهم غماريين من قبيلة مصمودة و ان 10 الف جبلي يتكلم الغمارية الامازيغية.هل يعلم أن جل المغاربة عندما يعملون تحليل الحمض النووي يجدون انفسهم امازيغ بنسبة كبيرة لا تقل عن 70%.هل يعلم الكاتب ان برغواطة الامازيغية هزمت الامويين سنة 123 هجرية و طردتهم من بلاد المور معركة الاشراف.هل يعلم ان العرب ادخلتهم الامبراطورية الموحدية الامازيغية التي امتدت حتى ليبيا و أتت بهم من تونس لدوافع انسانية بعد هزمهم و هم قبائل بنو هلال و بنو معقل و عددهم قليل جدا لا يتجاوز 5000 شخص استقر 200منهم في الصحراء المغربية الصنهاجية الامازيغية و ياتي شخص لم يدرس تاريخ و يقول لك رافد صحراوي.مضحك.كيف يعقل ان 5000 شخص تصنع امة بالملايين أربعون مليون رغم أننا هزمنا العرب في معركة الاشراف و في جل المعارك من اين اتوا العرب الذين اعطوا وطن بالملايين.سقطوا من السماء حتى أصبح الامازيغ اقلية نكتة

med
المعلق(ة)
29 نوفمبر 2023 21:25

“هل هناك مغربي عاقل يعتبر الأمازيغ المغاربة أقلية”

المرجو تصحيح المقال لأنه يسيء لموقعكم المحترم، المقال مليء بالمغالطات والافتراءات على القضية الأمازيغية.

تزوير واقع القضية الأمازيغية.

يفتري المقال زورا على القضية الأمازيغية المغربية للدفاع غير المباشر عن حرية التعبير للأقليات الدينية والجنسية.
هل يجوز تزوير وتزييف قضية الغالبية الأمازيغية المغربية للدفاع عن حقوق الطائفة الشيعية والأقلية الجنسية المثلية؟

المقال يخلط بشكل ملتبس ومتعمد بين حقوق الأقليات الجنسية والدينية وبين مطالب الشعب المغربي حول القضية الأمازيغية. كيف يمكن التدليس واعتبار الأغلبية الأمازيغية المغربية أقلية ومقارنتها بالأقليات الدينية والجنسية التي لا يتعدى عددها عشرات الألف.

الشعب المغربي الأمازيغي ليس أقلية على أرضه الأزلية:
يُفهم من المقال أن المغاربة غير الناطقين بالأمازيغية من العرق “العربي”، وهذا افتراض خاطئ لأن حسب التاريخ أكثر من 80% من المغاربة كانوا ناطقين بالأمازيغية في مطلع القرن الماضي، وتقلص عددهم إلى أقل من 40% بسبب تسريع وثيرة التعريب وإقصاء اللغة الأمازيغية بعد الاستقلال.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

6
0
أضف تعليقكx
()
x