لماذا وإلى أين ؟

شقير يفكك خيوط المعركة غير المعلنة بين المغرب والجزائر لاستقطاب موريتانيا

250X300 Ministre taransition mobile

معركة حامية الوطيس، تجري بين المغرب والجزائر من أجل استمالة مواقف السلطات الموريتانية كل إلى جانبه، وإذا كانت الجارة الشرقية التي تعاكس أي مبادرة أو تحرك ”صنع في المغرب”، فإن الدبلوماسية المغربية تجابه هذا التوجه الجزائري، عبر المضي قدما في سياستها الرامية إلى الانفتاح على العمق الإفريقي.

في هذا السياق، جاءت الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الموريتاني، محمد سالم ولد مرزوق، أمس الاثنين، إلى الرباط، بتعليمات من رئيس البلاد محمد ولد الشيخ الغزواني.

وتسعى الرباط إلى إشراك نواكشوط، في المبادرة الملكية الرامية إلى تسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، فيما يطمح صناع القرار في قصر المرادية، إلى محاصرة هذا التوجه أو على الأقل عرقلته، عبر استمالة الحاكمين في موريتانيا، ولو بتقديم ”إغراءات” بصبغة سياسية اقتصادية.

ووجدت موريتانيا، في خضم هذا التجاذب الحاد، نفسها، عالقة بين بلدين جارين لا يكن أحدهما الود للآخر.

السبب: مبادرة الأطلسي

المحلل السياسي والباحث في العلاقات الدولية، محمد شقير، يرى أن سياق الزيارة يدخل في إطار العلاقات الجيوستراتيجية بين الأقطاب الثلاث في منطقة شمال إفريقيا، أي بين المغرب والجزائر وموريتانيا، يحكمها ”تنافس إقليمي” بين البلدان المذكورة.

وأوضح شقير ضمن تحليله لدواعي وسياقات هذا التنافس، أن المغرب، وفي إطار رؤية إستراتيجية أكبر في التعامل مع إفريقيا، كان قد عرض مبادرة الأطلسي، غابت عنها موريتانيا.

ويرى أن الجزائر حاولت أن ”تُفشل أو على الأقل أن تعرقل”، انضمام موريتانيا إلى المبادرة المغربية من خلال عرضها، في مقابل ذلك، لما سمي ”منطقة التجارة الحرة” تجمع نواكشوط والجزائر، مشيرا إلى أن ذلك يعد ”المقابل” الذي تسعى من خلاله الجزائر أن تقنع موريتانيا بعدم الانضمام إلى مبادرة الأطلسي، مؤكدا أن ذلك كله ”لب ما يحرك” التسابق المغربي الجزائري نحو موريتانيا. أما سلطات الرباط فتطمح، حسب شقير، إلى إيجاد حل لمشكل الرفع من الرسوم الجمركية على البضائع المغربية، بعد أن حاولت السلطات الموريتانية إعلان ”نوع من الحرب الاقتصادية” على المملكة.

موريتانيا: لست عدوا لأحد!

ويظهر من خلال تصريح كل من وزير الخارجية المغربي ونظيره الموريتاني، خلال لقائهما أمس بالرباط، حين أشار المسؤول الموريتاني إلى أن الزيارة تأتي بـ ”مبادرة من الرئيس الموريتاني”، أنها تحمل، وفق شقير دائما، ”إشارات سياسية مبطنة بأن موريتانيا لا تريد أن تدخل كعدو أو خصم أو تحالف ثنائي جزائري موريتاني ضد المغرب”.

وكان وزير الشؤون الخارجية، ناصر بوريطة، قد أكد أن موريتانيا تعد، من منظور الملك محمد السادس، ”فاعلا أساسيا في المبادرة الملكية لتسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي”.

وقال بوريطة، خلال ندوة صحافية مشتركة مع نظيره الموريتاني محمد سالم ولد مرزوق، إن “الملك يعتبر أن موريتانيا لها دور ومكانة في مبادرة تسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي”.

من جهته شدد رئيس الدبلوماسية الموريتانية، خلال نفس اللقاء، على أن ”هناك آفاقا واعدة لتعزيز العلاقات المغربية-الموريتانية، وتعميقها بشكل أرحب وأوسع”.

شقير وضمن تحليله لمضمون  اللقاء والتصريحات التي أعقبته، كشف أنها أظهرت ”ترحيبا” مغربيا بانضمام موريتانيا إلى مبادرة الأطلسي، وفق ما جاء في تصريح بوريطة، الذي اعتبر أن جارة المملكة هذه ”قطب الراحة” لانضمام دول الساحل إلى المبادرة، بحكم العمق الاستراتيجي والعلاقات الموريتانية.

وقال المتحدث نفسه، إن قدوم المسؤول الموريتاني إلى الرباط، جاء مباشرة بعد الزيارة التي قام بها إلى الجزائر، مما يعطي إشارات على أن موريتانيا ”تبعث رسائل سياسية” إلى المغرب، مضمونها أنها “تتجنب الدخول في هذا التنافس المحتدم بين البلدين” حولها، وتحاول ما أمكن أن تحافظ على علاقة التوازن بين الطرفين.

وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، قد استقبل رئيس الجمعية الوطنية (البرلمان الموريتاني) محمد بمب مكت، تزامنا مع تواجد وزير الخارجية الموريتاني في الرباط.

في هذا الصدد، أوضح شقير أن السلطات الموريتانية، تطمح إلى ”إمساك العصا من الوسط” حفاظا على التوازن في العلاقات بين الطرفين المغربي والجزائري.

مبادرة الأطلسي تهديد للجزائر

في سياق ذي صلة، يشير المحلل السياسي نفسه، إلى أن مبادرة الأطلسي تُشكل للسلطات الجزائرية ”تهديدا كبيرا اقتصاديا وسياسيا”،إذ تعتبر أن نجاح المغرب في مبادرته يولد ”تحالفا قويا يقوي توازنه”، في منطقة الساحل، خصوصا وأن المنطقة ”تملك حدودا كبيرة مع الجزائر”، يضاف إليه التوتر القائم مؤخرا بين السلطات الجزائرية و دولة مالي التي تتهم الأولى بـ ”التدخل في شؤونها الداخلية”، بعد استقبال ”أزواد”.

وشدد شقير على أن ‘”صلب الصراع الحالي”، يدخل ضمن هذا الإطار، فيما تشكل موريتانيا حلقة أساسية في المسألة، مما يفسر أن السلطات الجزائرية” تحشد كل الوسائل من أجل استقطاب موريتانيا لإزاحة هذه الحلقة الأساسية”. ويشرح الباحث: ”دون موريتانيا يظهر بأن مبادرة الأطلسي ستفقد أهم حلقاتها، وهي المسألة التي تعيها جيدا السلطة الجزائرية، لذلك تسعى جاهدة إلى عرقلة المبادرة عبر استقطاب صناع القرار في نواكشوط إلى جانبها أو على الأقل عدم انضمامها إلى المبادرة”.

حسب شقير، يبدو أن الصراع الحالي بين الرباط والجزائر، يتمحور حول أن كل منهما، يبحثان عن كيفية جر موريتانيا إلى معسكره، كحلقة أساسية في المنطقة، إلا أن المغرب يركز في هذا الصراع الاقليمي على الجانب الاقتصادي، بينما الجزائر تكتفي فقط بما هو سياسي، في حين يبقى الشق الاقتصادي، عامل ثانوي بالنسبة إليها.

وكشف ذات الباحث أن تعطيل مشروع مبادرة الأطلسي، بالنسبة للجزائر، ”ضرب للمغرب”، في إطار توجهها العام الرامي إلى عرقلة أي مشروعي مغربي سواء كان اقتصادي أو غيره، سعيا منها إلى ”إضعاف المغرب أو على الأقل الحد من تمدده في المنطقة”.

وحول ”استغلال” موريتانيا، لهذا التجاذب لمحاولة استقطابها بين المغرب والجزائر، خدمة لمصالها؛ أجاب شقير أن السلطات الموريتانية ”واعية حاليا بأهميتها في الظرفية الراهنة، لذلك تبحث عن أعلى المكاسب وأوسع الأرباح سواء من الجزائر أو المغرب، لكن دون أن تثير حفيظة كلا الطرفين”، مشيرا إلى أن ”خطورة الأمر” بالنسبة لها، هي ”كيفية التوفيق” بين المتنافسين لاستمالتها.

600X300 Ministre taransition mobile

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x