لماذا وإلى أين ؟

وهبي يتجاهل اختصاصات الملك

يتوقع العديد من المتتبعين للشأن السياسي المغربي بل وحتى مسؤولين حكوميين إجراء تعديلا بالحكومة التي يقودها حزب التجمع الوطني للأحرار، لكون هذا الأمر أصبح عرفا سياسيا بالمغرب وسارت عليه الحكومات المتتالية منذ زمن حكومة الراحل عبد الرحمان اليوسفي.

وللتعديل الحكومي شروط دستورية وسياسية، فأما الدستورية، فتنْهل من الفصل 47 من دستور المملكة:

“يعين الملك رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب، وعلى أساس نتائجها.

ويعين أعضاء الحكومة باقتراح من رئيسها.

للملك، بمبادرة منه، بعد استشارة رئيس الحكومة، أن يعفي عضوا أو أكثر من أعضاء الحكومة من مهامهم.

ولرئيس الحكومة أن يطلب من الملك إعفاء عضو أو أكثر، من أعضاء الحكومة”.

وكما يظهر من نص الفصل 47 من الدستور، فلا يوجد فيه أية إشارة، كما لا يوجد أي  فصل غيره، يحيل إلى كون أن أحد أعضاء الحكومة له صلاحيات إعفاء أو تعيين أحد أعضائها أو مخول له تحديد من سيستبعد ومن سيبقى من تشكيلة الحكومة خلال التعديل.

والفصل 47 هو نفسه الذي قال عنه عبد اللطيف وهبي، خلال الحملة الانتخابية لاستحقاقات 2021، التي حملتهُ وحزبه إلى الأغلبية الحكومية، (قال) “إنه من أقدس النصوص الموجودة في الدستور التي تعطي قيمة للديمقراطية في البلاد هو الفصل 47″، لكن ربما لوهبي في نسخته المتحورة كوزير للعدل رأي أخر !!

فخلال لقاء دراسي نظمته المجموعة النيابية للعدالة والتنمية بمجلس النواب، يوم 17 ماي الجاري، قال وهبي، بصفته وزيرا للعدل: “أنا للي بغيت تتأكدو منو هو أنه غادي نغيروا أشياء كثيرة”، قبل أن يضيف “إلى بقيت من بعد التعديل الحكومي”.

لكن وبعد 4 أيام من تصريحه الأول، وخلال جلسة عمومية للأسئلة الشفهية بمجلس المستشارين، عقدت يوم 21 ماي الجاري، عاد وهبي ليؤكد للمستشارين البرلمانيين أنه باقٍ (على قلوبهم) بعد التعديل الحكومي، وذلك عندما قال وهو يتحدث عن أمله في التمكن من إنجاز مشاريعه المتبقية، “غانبقى فالعامين ونص القادمة غير هنيوا ريوسكم”.

وهبي تحدث بلغة الواثق من نفسه، وهو ما يدفع إلى التساؤل حول: ما الذي تغير خلال الأربعة أيام التي تفصل تصريحه المشكك في بقائه في الحكومة وكلامه المؤكد أنه باق بعد التعديل الحكومي؟ ومن منحه حق التحدث عن أمر لا يملك فيه أية صلاحية دستورية وقانونية؟

فكما أشرنا سابقا، وحسب الفصل 47، الملك هو الذي “يعين أعضاء الحكومة باقتراح من رئيسها، وللملك، بمبادرة منه، بعد استشارة رئيس الحكومة، أن يعفي عضوا أو أكثر من أعضاء الحكومة من مهامهم”، فمن خول لوهبي حق السطو على اختصاص ملكي محدد بنص دستور واضح ودقيق؟ أم أن الملك فوض لوهبي، بشكل استثنائي، القيام بهذا التعديل الحكومي؟

كلام وهبي لا يتضمن اعتداء على بعض صلاحيات الملك الدستورية وفقط، بل فيه اعتداء على صلاحيات لرئيس الحكومة أيضا، فالدستور منح هذا الأخير،حصرا، دون باقي أعضاء الحكومة، صلاحية الطلب من الملك إعفاء عضو أو أكثر، من أعضاء الحكومة”.

ما قاله وهبي، كلام ليس بالكلام الهين، خاصة وأنه، كما يفترض فيه، رجل قانون، ففي كلامه اعتداء صريح وواضح على الدستور، وسطو على بعض من صلاحيات الملك، وترام على اختصاصات رئيس الحكومة، والسكوت عنه قد يفتح الباب أمام آخرين للترامي على اختصاصات أخرى للملك، وإيهام الناس أنهم فوق الدستور الذي يعلو ولا يعلى عليه.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

0 0 أصوات
تقيم المقال
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

1 تعليق
الأكثر تصويتا
أحدث أقدم
Inline Feedbacks
View all comments
ابو زيد
المعلق(ة)
22 مايو 2024 17:25

ما لم يجزم فيه وهبي و لا غيره هو ( لو دامت لغيرك لدامت اليك) !!
هل يضمن وهبي ان يعيش لعامين اضافين او ليومين اضافين…؟؟!
و ما تشاؤون الا ان يشاء الله رب العالمين!!

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x