لماذا وإلى أين ؟

مشاركة الأساتذة في الإحصاء.. حق مكفول أم عنوان أزمة؟

خلقت مشاركة نسبة كبيرة من الأساتذة في الإحصاء الوطني للسكنى والسكن لسنة 2024 والمتزامن مع بداية الدخول المدرسي شهر شتنبر المقبل، جدلا ونقاشات حادة داخل وسائل التواص الاجتماعي.

وتوزعت آراء المهتمين بهذا الموضوع، بين من يعتبر أن مكان الأساتذة الأصلي والطبيعي مع بداية الدخول المدرسي هو حجرات الأقسام واستقبال التلاميذ العائدين من العطلة الصيفية لاعطاء انطلاقة مثالية للمنظومة التربوية محذرين من المخاطر الحقيقية المترتبة عن الإخلال بالمنظومة التربوية عبر تعطيلها لمدة شهر كامل، وبين من يعتبر مشاركة الأساتذة في الإحصاء حق مكفول لهم بموجب القانون وباقي النصوص المنظمة، وأنهم الفئة الاجتماعية الأكثر كفاءة لإنجاح الورش الوطني، وأن الجهة المسؤولة عن المشاركة هي المندوبية السامية للتخطيط ووزارة شكيب بنموسى الذين سمحا لهم بالمشاركة.

تعطيل الموسم الدراسي

عبد الناصر الناجي، الخبير التربوي  ورئيس الجمعية المغربية لتحسين جودة التعليم، اعتبر أن “مشاركة الأساتذة في الإحصاء الذي يتزامن مع بداية الدخول الجامعي، من شأنه إيقاع المنظومة التربوية في سلبيات وتفاوفات عدة، فإذا كانت الوزارة حددت الدخول المدرسي في بداية شهر شتنبر فإن الأمر سيترتب عنه دخول مدرسي لحين بداية شهر أكتوبر لدى تلاميذ التعليم الابتدائي بالخصوص، لأن مشاركة أساتذة السلك الإعدادي أو الثانوي يمكن أن تشمل مواد دون أخرى ما يضمن استئناف تلاميذ الإعدادي والثانوي الموسم الدراسيفي وقته الطبيعي”.

ومن بين الاختلالات المترتبة عن مشاركة الأساتذة في الإحصاء الوطني، وفق ما وقف عليه ذات الخبير التربوي هو أن “الشهر الأول من الدراسة يكون مهما بشكل كبير للتلاميذ، لأنه يأتي بعد العطلة الصيفية التي تعد مناسبة للتلاميذ للابتعاد عن الدروس، بالتالي يتم تخصيص شهر شتنبر لاستعادة التعلمات وهو ما لن يتم في هذا الموسم”، مشيرا إلى أن “الوزارة خصصت العطلة في النصف الثاني من شهر أكتوبر، وهو ما يجعلنا أمام تلميذ توقف عن الدراسة لثلاث أشهر كاملة متتالية يوليوز وغشت وشتنبر، تم يدرس أسبوعين في أكتوبر فقط، ليعود للعطلة من جديد”.

ورصد الناجي في تصريح لجريدة “آشكاين”، تفاوتا آخرا متمثلا في “تكريس التمييز بين “مدارس الريادة” والمدارس غير المصنفة ضمن “الريادة”، لأن الوزارة الوصية لم ترخص لأساتذة الريادة بالمشاركة في الإحصاء، ما يفيد بأنها واعية تماما بأن المشاركة في الإحصاء ستؤثر كثيرا على الموسم الدراسي وإلا سمحت لهم بالمشاركة، وهو بالتالي تكريس للهوة بين مدارس الريادة التي تستفيد من عدة امتيازات وبين باقي المدارس العمومية”.

ويرى رئيس جمعية تحسين جودة التعليم، أن “الأساتذة ليس فقط هم المؤهلين للقيام بعملية الإحصاء، إذا كان يمكن الاعتماد على طلبة وخريجي المدارس العليا والمعطلين حملة الشواهد العليا البالغة نسبتهم حوالي 20 في المئة، فإدا كان مفهوم أن الأساتذة الوحيدين المؤهلين للمشاركة في الإحصاء إبان السبعينات، فإن الوضع الآن متختلف تماما وهناك أطر كفؤة خارج المنظومة التعليمية قادرة على إنجاح هذا الورش الوطني المهم، وكان من الممكن كدلك أن يرفع أيضا من معنويات ونفسية المعطلين التي تشعر بما يمكن تسميته الإقصاءالاجتماعي”.

الظروف الاجتماعية هي السبب

في المقابل اعتبر عبد الوهاب السحيمي، الناشط البارز في الحراك التعليمي الأخير وعضو التنسيق الوطني لقطاع التعليم، أن “ضياع شهر من الدراسة صعب جدا خاصة بالتعليم الابتدائي الذي لن يلتحق بعض تلامذته بالحجرات الدراسية إلا مع بداية شهر أكتوبر، وهو إشكال يطرح سؤالا كبيرا جدا حول كيفية تدبير وزارة التربية الوطنية لهذا الشهر الضائع وتعويضه، وهو كذلك يفنذ كل ادعاءات الوزارة الوصية المتمثلة في حرصها التام على مصلحة التلاميذ الفُضلى”.

وأشار ذات المتحدث في تصريح لجريدة “آشكاين” الإخبارية، إلى أن “مشاركة الأساتذة في الإحصاء ناتج عن الوضعية الاجتماعية الصعبة للأساتذة، فلو كانت الوضعية الاجتماعية جيدة وتضمن حد أدنى للكرامة لما شاركوا في الإحصاء”، متسائلا عن “ما الذي يدفع الأستاذة للتخلي عن جزء من عطلتهم الصيفية للتكوين المفروض خلال شهر غشت على جل المشاركين في الإحصاء، فالأستاذ الذي لا تتجاوز أجرته الشهرية 6000 درهم سيلجأ للإحصاء ولأي شيء آخر ممكن للتغلب على متطلبات الحياة، إذ أن أغلب الأساتذة المشاركين في الإحصاء هم من أصحاب الرواتب والسلالم الدنيا، في حين لا نجد أساتذة السلم 11 وخارج السلم البالغة أجرتهم الشهرية 11 ألف درهم و12 ألف درهم من ضمن المشاركين في عمليات الإحصاء، ما يُفيد أن المشكل اجتماعي بالأساس”.

ورفض السحيمي “تحميل المسؤولية للأساتذة في ضياع شهر من الدراسة وفي تحميلهم مسؤولية تفويت الفرصة على المعطلين والطلبة، لأن الجهة الحريصة على حضور الأساتذة هي وزارة التربية والمندوبية السامية للتخطيط، كما الأساتذة المشاركين في الإحصاء يكونون الطلبة والمعطلين، ويشرفون على الطلبة”، مشيرا في ذات الصدد إلى “التصريحات التي أدلت بها الوزارة الوصية إبان الحراك التعليمي كون إضرابات الأساتذة تعيق التحصيل العلمي والدراسي الجيد للتلاميذ، لتأتي هذه الوزارة نفسها وتفرض على التلاميذ إضرابا كاملا لمدة 30 يوما متتالية”.

ووجه عضو التنسيق الوطني لقطاع التعليم “انتقادات حادة للنقابات التعليمية، لعدم إعطائها حتى الآن موقفا واضحا من مشاركة الأساتذة في الإحصاء الوطني للسكن والسكنى”.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

4 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
الحو
المعلق(ة)
15 أغسطس 2024 15:27

بما ان عملية الإحصاء عملية تقنية محظة لا أعتقد انها ستشكل صعوبة بالنسبة للطلبة و حاملي الشواهد العليا من العاطلين عن العمل. و عليه اظن ان المكان الطبيعي لكل رجال و نساء التعليم فهو مقر عملهم اي المؤسسة التعليمية . السبب في اعتقادي الذي أدى برجال التعليم للتنازل و الجري وراء فتات التعويضات عن العملية فهو احتقارهم لنفسهم و عدم توفر قيم القناعة و الكرامة لديهم . هناك البعض منهم في خارج السلم أمثال المفتشين و مع ذلك يهرولون للمشاركة كمشرفين جماعيين فاللهم ارزقنا القناعة و البركة في رزقنا. على الحكومة التي تدعي انها اجتماعية تحمل تبعات حرمان التلاميذ من زمن تعلمهم الذي يقدر لشهر كامل. اللهم ان هذا منكر. و صدق من قال ان هؤلاء فعلا عبارة عن عطاشة.

مصطفى
المعلق(ة)
14 أغسطس 2024 13:16

عطاشة في زمن العطش

مواطن مغربي
المعلق(ة)
13 أغسطس 2024 20:52

كان من الأولى تشجيع وتوظيف الشباب العاطل للعمل في عملية الاحصاء وترك الأساتذة يقومون بمهامهم .اما تمديد العطلة الصيفية للتلاميذ فانه لايخدم مصلحتهم ويعتبر هدرا للزمن المرسي .

احمد
المعلق(ة)
13 أغسطس 2024 19:33

رجال التعليم هم القوة التانية بعد الحيش من حيت العدد وهي القوة القادرة على تغطية محموع التراب الوطني بما يكفي من الاطر لتغطية الاحصاء، وقد توفر الكتير منهم على خبرة ميدانية عبر السنين، قلما تتوفر عند المبتدئين ولو بعد تدريب طويل، ولكن هذا لا يمنع من مقاربة جديدة لاشراك الطلبة والعاطلين الدين تتوفر فيهم الشروط لتغطية الخصاص

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

4
0
أضف تعليقكx
()
x