العقوبات التي تنتظر المحرضين على الهجرة الجماعية عبر منصات التواصل

تسببت الدعوات التي أطلقها عدد من نشطاء التواصل الاجتماعي بهدف الهجرة الجماعية يوم 15 شتنبر الجاري، إلى سبتة عبر الفنيدق والمناطق المجاورة، استنفارا أمنيا غير مسبوق بالمنطقة، بسبب توافد مئات القاصرين والشباب والأطفال والنساء المغاربة  ومن دول أخرى على الفنيدق لتحقيق الدعوات الفيسبوكية، ما جعل المنطقة تعيش ليلة بيضاء.

وفتحت المصالح الأمنية المختصة تحقيقاً لتحديد هوية المتورطين في التحريض على عملية اقتحام جماعي لمعبر سبتة المحتلة، والتي روج في مجموعات على مواقع التواصل أنها مقررة يوم 15 من الشهر الجاري.

ويثير الأمر عدة تساؤلات عما قد يطال المتورطين في أعمال التحريض الرقمي على الهجرة الجماعية، الذين تم أو سيتم اعتقالهم، وما إن كان القانون المغربي يعاقب المحرضين عبر منصات التواصل.

السياسة الجنائية لا تتابعهم

في هذا الصدد، يرى الحقوقي والمحامي بهيئة تطوان، الحبيب حاجي،  أن “الهجرة حق من حقوق الإنسان، لكن يبقى ما هو مجرم هو التنظيم، وهؤلاء الذين ينشرون تدوينات عبر الفيسبوك يدعون أشخاصا للهجرة للخراج من أجل المستقبل”.

وأكد حاجي في تصريحه لـ”آشكاين”، أن “الهجرة مقننة حاليا، والقانون يجرم الشخص الذي ينظم الهجرة بشكل غير قانوني، حيث أن الهجرة تستدعي التوفر على جواز سفر وتأشيرة لمغادرة التراب،  ورغم أن هؤلاء الذين يحاولون الهجرة، رغم أن محاولته تشكل مخالفة قانونية، فالسياسة الجنائية للمغرب لا تتابعهم  نهائيا، وحتى إن كانت متابعتهم فهي تتم في حالة سراح”.

وتابع أنه “مثلا عندما يتم اعتقال منظمي الهجرة السرية فإن ضحايا المنظمين الذين حاولوا الهجرة السرية لا تتم متابعتهم حتى في حالة سراح”.

لا وجود لعناصر الجريمة

وأردف أن “من نشروا هذه التدوينات لا يمكن اعتبارهم منظمين، حيث أن التنظيم يتطلب وجود اتصال بالأشخاص وتوفير مراكب ووجود خطة وكيفية الانتقال، ووجود شبكة وموجه، مع وجود اتصال مباشر وغير مباشر”.

واعتبر المتحدث أن “المعطيات الحالية المتربطة بهذه التدوينات لا تتوفر فيها عناصر الجريمة، ولا تثبت في حقهم جريمة، لأنه لا وجود لنص يعاقب على هذه الجريمة.

لا عقاب على المدونين

من جانبه، لم يبتعد المحامي بهيأة القنيطرة، رشيد بلعربي، عما ذهب إليه حاجي، حيث أكد أن “قانون الهجرة غير المشروعة في المغرب لا يعاقب هؤلاء  المحرضين على مواقع التواصل، فمثلا شخص يكتب في الفيسبوك أنه يطلب من المواطنين أن “يحركو” كاملين أو “نخويو هاد البلاد كاملين”،  لا يوجد فيه نص قانونؤي يطؤ عقابه”.

وشدد بلعربي في تصريحه لـ”آشكاين”، على أنه “في القانون الجنائي في الفصل 299-1 يعاقب الشخص في إطار التحريض على ارتكاب جنح أو جنايات، بعقوبة تتراوح بين سنة وخمس سنوات، وتشمل التحريض على ارتكاب جنح أو جنايات، وغرامة من 5 آلاف درهم إلى 100 ألف درهم”.

وتابع أن “كل من ارتكب أفعالا جرمية فردية فهو يعاقب على جرمه، في حين أن قانون الهجرة السرية لا يعاقب هؤلاء الذين نشروا دعوات على الفيسبوك، لكن يعاقب الأشخاص الذين هاجروا بشكل غير سري أو العصابات المنظمة للهجرة السرية”.

وفيما يتعلق بالتحريض، يضيف المتحدث فإن “الأمر يتعلق بمن يحرض على أفعال جنحية، فمثلا، أن يقوم أشخاص بعملية سرقة، لن يكون لها علاقة بالمحرض، حيث أن الأخير طلب فقط الهجرة الجماعية،  ولم يطلب منهم السرقة أو الإخلال بالأمن العام، وكل من ارتكب فعلا فسيعاقب عليه”.

وخلص بلعربي إلى ”أننا في هذه الحالة سنتجاوز فعل التحريض إلى ما هو أخطر، حيث سيصبح فعل التحريض فعلا بسيطا من الناحية الجنحية والإجرامية، وستتبعه أفعال أخرى مرتكبة، كأن يضرب شخص ضابط شرطة ويتسبب له في عاهة مستديمة، أو السرقة، أو غيرها”، منبها إلى أن “الأمر يجب النظر إليه بشموليته”.