2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
الطريقة القادرية البودشيشية تناقش التصوف ومآل القيم في زمن الذكاء الاصطناعي (صور)
عرفت فعاليات الدورة 19 من الملتقى العالمي للتصوف، تقديم مجموعة من المداخلات والمدارسات والمطارحات حول موضوع “التصوف ومآل القيم في زمن الذكاء الاصطناعي، إذ أصبح الذكاء الاصطناعي يطرح إشكالات وتحديات كثيرة، وذلك باعتباره نظاما آليا يطور نموذجا للغة الصورية يقوم على خوارزميات تُحلل وتُعالج البيانات المختلفة بشكل مُبهر وبسرعة فائقة من أجل تلبية رغبات المستعملين وتوجيههم بل والتحكم فيهم.

المشاركون في المتلتقى المنظم من طرف الطريقة القادرية البودشيشية ومؤسسة الملتقى بشراكة مع المركز الأورومتوسطي لدراسة الإسلام اليوم، من 11 إلى 16 شتنبر الجاري، أكدوا على أن الإشكال الجوهري يتعلق بكيفية المحافظة على هويتنا الثقافية والدينية والإنسانية في ضوء استعمال تقنيات الذكاء الاصطناعي وتأثيرها القوي على حياة الإنسان اليوم، هل برفضها أم بتقنينها أم باقتراح مواثيق أخلاقية لها؟

مبرزين أن التحدي الكبير لهذا الذكاء هو التحدي الأخلاقي، إذ أصبح يفرض علينا هوية وقيما جديدة على حساب هويتنا وقيمنا بل حتى على القيم الإنسانية بشكل عام كتحدي ما بعد الإنسانية والانبهار والخلود وغير ذلك…”
وقد ركزت مداخلات المشاركين في الملتقى على تناول هذه الإشكالات والتحديات من خلال زوايا للنظر متكاملة أكدت على “منافع هذا الذكاء في تحسين مستوى العيش وحل مشاكل في مجالات الصحة والتعليم والاقتصاد والثقافة والتنمية بشكل عام، لكن مع العمل على تحييد الاتجاهات السلبية المناقضة للاتجاهات الإنسانية والمساهمة في بلورة أنظمة للذكاء تكون أخلاقية وموثوقة ودقيقة ومنسجمة مع هويتنا وقيمنا”.

وقد تمت مطارحة هذه الرؤية من خلال عروض نخبة من العلماء والأكاديميين والخبراء والباحثين المشاركين في هذه الفعاليات التي توزعت أشغالها على أربعة عشرة جلسة تمكن من خلالها المشاركون من التأكيد على أهمية التصوف باعتباره مقام الإحسان في الدين وظيفته في تزكية النفوس وما يزخر به من إسهامات غنية لرجالاته الذين بلوروا فهما راقيا لرسالة الدين باعتباره رحمة للناس أجمعين، فجمعوا بين البعد التعبدي والتزكوي وبين إنتاج قيم نبيلة شاركوا بها المجتمع همومه وعملوا على نفعه ونفع الإنسان من خلال قيم الجود والعطاء والتضامن… وغيرها من القيم النبيلة. وبذلك فقد شكلوا مرجعية روحية متينة لها أن تمكن من تحصين الشباب من الوقوع في مخاطر ما يتهدد هويته وقيمه.

كما أبرز المتدخلون أن مغرب القيم شاهد على الإشعاع الروحي على الصعيد الوطني والدولي، وتمسكه الوثيق بقيمه الوطنية والدولية، لذا فكل الزوايا والمؤسسات ومراكز البحث مدعوة إلى إبراز هذا الإشعاع ومعالم ترشيد التدين من خلال مسلك التصوف حتى تُجابه كل التحديات. فهذه الهيئات مدعوة للمساهمة في تحسين أداء الذكاء الاصطناعي من خلال اقتراح مضامين وبيانات، تظهر قيمنا بدل الاكتفاء بأن تكون مستهلكة فقط لما يروج.

وقد عرفت فعاليات الملتقى حضورا مباركا من شيخ الطريقة فضيلة الدكتور مولاي جمال القادري بودشيش حفظه الله الذي أبى إلا أن يتابع باهتمام بالغ وبتفاعل مع ما تطارحه الأساتذة والعلماء الأفاضل، وهذه الجلسات قد تم بثها في الفضاء الرقمي تعميما للفائدة.

هذا بالإضافة إلى الأنشطة الموازية التي عرفتها هذه الدورة بما في ذلك الملتقى الوطني للقرآن الكريم، وما عرفه من مسابقات في حفظ وتجويد القرآن الكريم، والمسابقة العلمية والشعرية. بالإضافة إلى منتدى شباب الطريقة القادرية البودشيشية الذي تمحور حول موضوع “التصوف ودبلوماسية التضامن: المنجز والمأمول”، ومعرض الكتاب الذي تضمن منشورات مؤسسة الملتقى بما فيها المنشورات الجديدة لهذه السنة. بالإضافة إلى ما تخلل هذا المحفل من وصلات ماتعة ومتنوعة من السماع والمديح.
