لماذا وإلى أين ؟

الطلاق بالمغرب..يُفزِع الأزواج ويُخيف العُزاب

فاروق مهداوي/صحافي متدرب

أرقام مخيفة تدق ناقوس خطر تفكك وتحلل المجتمع تلك التي تعلن عنها وزارة العدل بعد نهاية كل موسم قضائي، وفي مثل هذا الوقت أصبح الشارع المغربي مهتما بمراقبة الأرقام المعلن عنها من حيث عدد حالات الطلاق التي تسجلها محاكم الأسرة بالمغرب، فهي ظاهرة تفاقمت و تزداد تفاقما منذ 2004، وهو تاريخ الإعلان عن إخراج مدونة الأسرة الجديدة لحيز الوجود. الآن وبعد مرور أزيد أربعة عشر سنة على تنزيل مدونة الأسرة، ألا يحق لنا أن نقوم بوقفة لنقد هذه التجربة ؟ أيمكن أن نقول بأن المدونة الجديدة ساعدت و سهلت المساطر للأزواج للجوء إلى القضاء بغية الطلاق؟

أزواج على صفيح ساخن 

في تقاليد الشعب المغربي و أعرافه يعتبر الطلاق من الخطوط الحمراء التي لا تناقش بين الأزواج مستندين في ذلك على الحديث النبوي القائل “إن أبغض الحلال عند الله الطلاق” .

فكرة استمرت لقرون بإيجابياتها وسلبياتها، وبدأت بالتفكك مع حلول مدونة الأحوال الشخصية سنة 2004، حيث سهل المشرع المغربي مساطر ولوج القضاء، كما ضمن مجموعة من الحقوق الجديدة للأطفال والنساء، التي ناضلت من أجلها الحركة النسائية.

إن نهاية الموسم القضائي لسنة 2017 جعل عددا من الأزواج يعيدون ترتيب علاقاتهم، خصوصا بعد نشر عدد حالات الطلاق التي سجلت بذات الموسم، حيث وصلت لأزيد من 10 آلاف حالة طلاق أي ما يزيد عن 27 حالة في اليوم.

هذه الأرقام وأخرى جعلت أزواج اليوم يرون أنفسهم مُطلقي الغذ، فالكل معني بهذا المشكل الذي أصبح ظاهرة وجب تناولها سوسيولوجيا، حيث أنه من الأزواج الذين تعاملوا مع هذه الأرقام نوعان.

النوع الأول، رآى فيها أرقاما مخيفة أرجعته إلى صوابه وجعلته يعيد ترتيب أوراقه بغية الإبتعاد عن الوقوع في لخبطة المحاكم و النفقة و المتعة … وهناك نوع ثانٍ من الأزواج، من نظر إلى هذه الأرقام كمحفز دفعهم إلى اللجوء للقضاء بسهولة دون تعقيد للأمور، وهذا النوع هو الغالب .

أرقام … تخلط أوراق الشباب 

لا تُؤرق هذه الأرقام المتزوجين فقط، فحتى الشباب العازب وصلتهم سياط الطلاق قبل الزواج في حالة معكوسة لحالة الطبيعة التي وجب أن يكون عليها الشاب .

معطيات جعلت نسبة العنوسة ترتفع داخل المجتمع بسبب التفكير العميق و التخوفات التي تصيب الشباب قبل البدء في ترجمة نية الزواج إلى الواقع. صحيح الطلاق ليس وحده ما يؤرق بال الشباب فهناك أسباب مجتمعية مثل الفقر و البطالة و عدم التوفر على سكن …

بسبب هذه الأحوال، فهل من الممكن أن نرى حياة زوجية مغايرة للأعراف التي كانت في المجتمع؟ أم أنها ستدفع بتحولات مجتمعية جديدة قادرة على إعطاء إيجابات على أسئلة هذه الظاهرة ؟ أم أننا سنرى قرارات أخرى من أعلى الجهات يفرض نمطا أسريا جديد مثل ما وقع في 2004؟

رؤية ضيقة للمجتمع

صحيح أنه لا وجود لزواج مثالي، فمن الضروري أن تقع هناك مشاكل بين الأزواج وهو أمر طبيعي حسب مختصين في المجال، لكن المجتمع لا يرحم أبناءه عندما يتعلق الأمر بقضية طلاق سواء من ناحية نظرته للمرأة المطلقة التي تكون عبء وعالة على أسرتها خصوصا إذ دائما ما يرجع أصل المشكل للمرأة رغم أن المشكل يكون من الطرف الآخر، والعكس صحيح.

لكن المتغير الجديد في المجتمع أن المرأة المطلقة لم تعد تنظر إلى ما يقوله الناس ونظراتهم الفضولية، بل نجحت عديدات منهن في بناء حياة زوجية جديدة أكثر أمانا، لكن نظرات الدونية ما زالت تلاحق كل امرأة تحمل صفة المطلقة تجعل حظوظها شبه ضعيفة في الحصول على فرصة أخرى خصوصا إذا كانت مكبلة بأبناء باعتبارها “منتهية الصلاحية”.

أما من ناحية الزوج فهو الآخر لم يسلم من نظرة المجتمع، إذ دائما ما يعتبره غير كفء، وإنسانا لا يتحمل مسؤولية بيته، فهو دائما عنوان للعجز، ففي جميع الحالات هناك نظرات وأحكام مسبقة وخلفيات يُنطلق منها لتحليل أي واقعة طلاق ولو بدون توفر على معطيات، فمن الممكن أن نقول بأن العادة جرت هكذا في التعاطي مع الأزواج المطلقين مهما كان الدافع .

ليبقى الأطفال في الأخير الخاسر الأكبر في كل هذه العملية بالرغم من عدم تحملهم أية مسؤولية في الواقعة، فالطلاق لا يأثر على الأزواج فقط بل يأثر على الدائرة المحيطة بهم بأكملها .

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x