لماذا وإلى أين ؟

الناجي: حق الحكومة في وضع تصورها لمنظومة التربية لا يجب أن يكون على حساب المشاريع القائمة

أقر تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي لعام 2023 بوجود العديد من الاختلالات التي تعاني منها منظومة التربية الوطنية، واضعا نوعا من الترابط بين هذه الاختلالات وبين التأخيرات المتكررة في إعمال الإصلاحات الضرورية المنصوص عليها.

وتحدث مجلس التربية والتكوين عن وجود تأخر وتعثر في إصلاح التعليم بالمغرب، وهو ما يجعل أن الجيل الأول الذي سيتفيد من إعمال الإصلاح منذ التعليم الأولي لن يكون إلا بعد سنة 2030، في حين السقف الزمني للرؤية الاستراتيجية للتعليم هو سنة 2030.

ومن بين أهم الإشكالات التي عانى منها التعليم العمومي المغربي حسب نظرة المجلس، هي غياب الاشتغال بالتراكم، الذي ينبغي أن يتم بغض النظر عن التوجهات السياسية للمسؤولين عن تدبير القطاعات التربوية.

وتطرح إشكالية غياب التراكم في منظومة التربية الوطنية بين الوزراء المتعاقبين إشكالا كبيرا، إذ يرى فيها العديد من الخبراء من الأسباب الرئيسية لتعثر الإصلاح التربوي، وتتجلى أبرز هذه الإشكالات في كيفية التوفيق بين ضمان التراكم وإكمال السياسات المتبعة في ذات القطاع من وزير لآخر، وبين أحقية كل وزير إعمال رؤيته الخاصة للقطاع كونه مرتبط برنامج حكومي، وهو المسؤول الأول عما يحدث في القطاع وليس الوزير الذي سبقه.

الخبير التربوي عبد الناصر الناجي، اعتبر أنه من “الطبيعي أن تأتي حكومة جديدة بتصور جديد في جل القطاعات بما فيه التعليم، وهو حق دستوري لها بناء على تفويض برلماني، فطريقة تنصيب الحكومة تكون عن طريق التصويت على البرنامج الحكومي من طرف البرلمان، وذلك البرنامج من بين ما يتضمنه هو الأهداف الكبرى للعمل الحكومي في مجال التعليم والمنظومة التربوية”.

وأضاف ذات الخبير التربوي في تصريح لجريدة “آشكاين” الإخبارية، أن “حق الحكومة في وضع التصور لا يجب أن يكون على حساب إلغاء المشاريع القائمة في مجال منظومة التربية الوطنية، فمجال التعليم له خصوصية، وفي المغرب تجلت هذه الخصوصية في سنة 2015 عن طريق وضع الرؤية الاستراتيجية 2015 – 2030، ولإعطائها الطابع الالزامي تم تضمين كل بنودها في قانون الإطار 51.17 لتبقى ملزمة لكل الأطراف السياسية، كون أن هذه الأطراف هي نفسها صوتت على قانون الإطار في البرلمان وأصبحت ملزمة به خاصة أنه مر بإجماع جل المكونات، باستثناء الخلاف الذي وقع حول التناوب اللغوي وهو بند واحد من بين عشرات البنود المتوافق بشأنها”.

في هذا الإطار تُطرح إشكالية التوفيق بين الاستمرارية والقطيعة وفق ذات المتحدث، “أي في ضمان استمرارية التراكم الحاصل في التعليم مع ضمان حق وزير التربية الوطنية في القطع مع بعض سياسات سلفه إذا كان يراها متعارضة مع فلسفته وفلسفة الحكومة الجديدة، فإذا جاءت حكومة جديدة عليها الانضباط للتوجهات الكبرى الموضوعة لمنظومة التربية الوطنية، فمثلا أي حكومة مغربية الآن كيفما كانت طبيعة الأحزاب المشكلة لها، ملزمة بالتوجهات الاستراتيجية لقانون الإطار، في حين يبقى لكل وزير الحق في تغيير الممارسة وفي تقرير كيفية تنزيل تلك الأهداف والتوجهات الاستراتيجية بناء على فلسفته وطريقة اشتغاله بتنسيق مع باقي القطاعات الحكومية، وهذا مجال كبير للابتكار والإبداع في تقديم الحلول المبتكرة، وبهذا يمكن التوفيق بين المبدأين المتعارضين”.

ويرى الناجي أن “الغاية هو إصلاح المنظومة، وتَم طرح كيفية إصلاحها عبر أهداف واضحة منصوص عليها يجب الوصول لها في سقف زمني معين، في حين يمكن حدوث اختلافات في الطريق الذي سنختاره لبلوغ نفس الهدف باختلاف المواقع السياسية والتصورات الفكرية في هذا الصدد، على ألا تمتد لما هو استراتيجي”.

50

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

1 تعليق
Inline Feedbacks
View all comments
متتبع
المعلق(ة)
27 سبتمبر 2024 19:32

مقاربة تحترم،ولكنها لم تتطرق الى العراقيل الحقيقية التي تواجه النهوض بالنظام التعليمي،
والممثلة في:
-انه نظام مبني على مقاربة أمنية
-نظام تعليمي خاضع لايديولوجية ،الدولة،التي ليس في مصلحتها -الاصلاح-
-خاضع لوضعيات محددة،لايمكن،زحزحتها
-قائم على -الفكر والمدرسة ،الفرانكفونية-
-لايمكن المس،بالمقررات،والمناهج-وكأنها خط أحمر-
-كل مسؤول،له تخطيطه-الذي لايمكن ان يتجاوز سقفا،اصلاحيا منوغرافيا
-نظام -لاتشاركي-
-اصلاح-عبارة عن ترقيعات-لاتتشاور مع اصحاب المهنة،والممارسين(هيئة التدريس،هيئة إدارة التربوية،هيئة التفتيش والتأطير والتقييم التربوي،هيئة التخطيط والتوجيه،اساتذة اكاديميون،اساتذة جامعيون،جمعيات مجتمع مدني،احزاب ونقابات…)

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x