لماذا وإلى أين ؟

فاعلون يرصدون عوامل تعرض 40%من تلاميذ المغرب للتحرش الجنسي

جدل ونقاش عمومي كبير أثارته الأرقام الصادرة عن التقرير الأخير للمجلس الأعلى للتريية والتكوين والبحث العلمي حول واقع المساواة بمؤسسات التربية الوطنية.

وتركز الجدل أساسا فيما تحدث عنه التقرير عن تفشي ظاهرة التحرش الجنسي بالتلاميذ مقدما أرقاما قال إنها “مثيرة للقلق” وتتطلب تدخل السلطات لوضع تدابير لحماية التلاميذ في الوسط المدرسي، مسجلا إبلاغ أكثر من 30 في المئة من التلميذات و37.9 في المئة من التلاميذ في المرحلة الابتدائية تعرضهم للتحرش الجنسي.

وتحدت أرقام التقرير عن وقوع أكثر من عُشر التلميذات المغاربة بالمرحلتين الإعدادية والتأهيلية ضحايا “لعلاقات جنسية قسرية”، وتفشي اشكال مختلفة من العنف الرقمي بين التلاميذ والتلميذات أبرزها نشر الصور الحميمية على شبكات التواصل الاجتماعي، مشيرا للحاجة الملحة لاتخاذ تدابير عاجلة لحماية البنات من العنف الجنسي في الوسط المدرسي

ورأى العديد من الفاعلين أن الأرقام المعبر عنها في التقرير نتاج حتمي وطبيعي للانيهار الأخلاقي والقيمي بالمجتمع التي تظل المدرسة مؤسسة صغيرة من مؤسساته المتعددة، وبين من يراها دليل واضح على التراجع التربوي للمدرسة العمومية انعكاس لتوجه المنظومة التربيوية لشحن التلاميذ بالمعلومات العلمية والتقنية دون أي تكوين قيمي وأخلاقي مرافق لهدا الشخن.

راجع لتدني المنسوب القيمي المجتمعي..

سعيد كشاني، رئيس الكونفدرالية الوطنية لجمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ، اعتبر أن “الأرقام المؤسفة الواردة في التقرير نتيجة للتدهور الأخلاقي والقيمي للمجتمع المغربي، هو مظهر واحد من مظاهر التحلل المجتمعي فكما هو بديهي المدرسة غير مفصولة على المجتمع”

يرى كشاني في تصريح لجريدة “آشكاين” الإخبارية، أن “تفشي العنف والتحرش بالمدرسة المغربية مؤشر واضح على تدني الدور التربوي للمدرسة، حيث تراجعت عن القيام بمهام التوعية والتربية الأخلاقية،لدرجة أصبح معها من النادر جدا في الوقت الحالي أن تجد لقاءات توعية منظمة من طرف مدرسة ما حول الالتزام الأخلاقي والقيمي”.

وقال ذات المتحدث أنه “إضافة إلى التدهور الأخلاقي، يجب كذلك معالجة محيط المؤسسات التعليمية التي أصبحت غير آمنة تماما، إذ يكفي التجول أمام سور أي مؤسسة تعليمية لتجدها مفتوحة أمام كل شيء بما فيه التحرش بالتلميذات وتجارة المخدرات، وفي هذا الصدد دعت الكونفدرالية المصالح الأمنية مرارا وتكرارا بالقيام بدوريات مستمرة ودائمة حول محيط المؤسسات التعليمية، كما طالبت ولا زالت بتزويد المؤسسة التعليمية ومحيطها بكاميرات المراقبة على اعتبارها أداة حاسمة في أثبات التحرش غير اللفظي ومتابعة مرتبكيه”.

وأشار رئيس كونفدرالية أولياء التلاميذ إلى “تنبيه ذات الهيئة مرارا وتكرارا في كل بياناتها ونشراتها لهذه الآفات خاصة التحرش بالتلميذات وبيع وتعاطي المخدرات بمحيط المدرسة وداخليها، كما طالبت مرارا من المسؤولين في كل اللقاءات بإيجاد حلول ناجعة وإنهاء هذه المظاهر عبر فرض الرعاية الأمنية بالمحيط المدرسي”.

تفكير التلميذات في الانتحار والتخلي عن الدراسة..

بشرى عبده، رئيسة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، اعتبرت أن الأرقام الصادرة عن التقرير صادمة ومخيفة جدا، وكافية وحدها لدق ناقوس الخطر عما يتعرض لها التلميذات والنساء بالمغرب من عنف كبير جدا، كون تشخيص التقرير  تستدعي رد فعل فوري من طرف وزارة التربية الوطنية، والانتباه للواقع القيمي والأخلاقي للجيل الحالي والصاعد قبل فوات الأوان”.

وأشارت ذات الفاعلة النسائبة في تصريح لـ “آشكاين”، أنه يجب “فتح نقاش مجتمعي كبير حول كيفية إيقاف العنف المفروض على التلميذات وخاصة التحرش داخل المؤسسات التعليمية، إذ لم نعد فقط أمام سب وشتم وإهانة، إذ هناك تحرش جنسي كذلك، وتفاقم ظاهرة التشهير بالتلميذات وتعميم صورهن بوسائل التواصل الاجتماعي، ما يؤدي لإصابتهم بأمراض نفسية خطيرة جدا كالوسواس القهري أو الخوف ما يجعلهن يفكرن إما بالانتحار أو الاعتكاف عن الذهاب للمدرسة وغيرها من المشاكل النفسية المعقدة الناتجة عن العنف الجنسي، ما يستلزم متابعة حالتهن باستمرار”.

وتساءلت ذات المتحدة عن “دور المساعد الاجتماعي داخل المؤسسة الذي يجب أن يكون بجل المؤسسات التعليمية، من أجل الاستماع للتلميذات والتلاميذ لوقف هذا الفعل الجرمي، إضافة إلى حث وزارة التربية الوطنية على اعتماد مناهج تعليمية مبنية على القيم الإنسانية تساعدة على تربية الناشئة ضد العنف وأفعال التحرش وإدراج المواد التي تهتم بالجانب القيمي في الامتحانات الإشهادية حتى تُعطى لها الأهمية اللازمة من طرف التلاميذ، كما أن المؤسسات التعليمية لا تقوم بأدوارها التربية، فإن كان هناك فعلا موجة كبيرة حالية حول خلق أندية ثقافية داخل المدرسة فإن دورها في تطوير الجانب القيمي يبقى محدودا جدا”.

ورأت الناشطة بشرى أن “الإشكال الحالي المطروح الآن، هو تربية الجيل الحالي على قيم أخرى، وهذا سؤال يجب الإجابة عنه ليس فقط بالدور التربوي للمدرسة وإنما بالدور التربوي لكافة باقي وسائط التنشئة الاجتماعية بما فيها الإعلام والأسرة، عبر إنشاء برامج إعلامية مستدامة موجهة للأسرة حول تربية الأبناء على ثقافة وقيم حقوق الإنسان، مع مسائلة دور النيابة العامة عما يتعرض لها القاصرات من عنف رقمي خيالي بمنصات التواصل الاجتماعي”.

50

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x