لماذا وإلى أين ؟

ماذا سيتغير لو حُذِفت كتابات الدولة من الحكومة؟

فاروق مهداوي / صحافي متدرب

كثر الحديث في الأيام الأخيرة عن موقع كتاب الدولة و الأدوار المنوطة بهم، خصوصا بعد حذف كتابة الدولة المكلفة بالماء التي كانت تترأسها شرفات أفيلال، وما زاد من النقاش حدة هو تنازع الإختصاص بين الوزراء المكلفين بالإشراف المباشر على الوزارة مع كتاب الدولة المكلفين بقطاع معين.

ورغم أن كتابة الدولة موقع ليس بالجديد في التشكيلات الحكومية المتعاقبة إلا أن موقعها في حكومة سعد الدين العثماني كان هو المميز من بين سابقيه حيث خصصت 12 حقيبة لكتابة الدولة، رغم أن هذه التجربة جاءت في ظروف خاصة و بعد مخاض عسير كانت تتطلب معه شيئا من التخفيض في جميع الحقائب الوزارية، خصوصا بعد ما عُرف بالبلوكاج الحكومي في فترة ما بعد إنتخابات السابع من أكتوبر.

فبالعودة للهندسة الحكومية في دستور2011 نجده يصنف الوزراء إلى خمس أصناف كل حسب إختصاصاته وكل في موقعه، فرئيس الحكومة على رأس الحكومة ويعتبر مسؤولا على تصرفاتها وممثلها القانوني، أما بخصوص  وزير الدولة فهو منصب بروتوكولي يصنف كثاني أقوى وزير من حيث الصلحيات في الحكومة، أما في الصنف الثالث فنجد الوزير العادي الذي يرأس قطاعا معينا بتفويض من رئيس الحكومة، وجرت العادة أن الوزارات التي لها مجموعة من الإختصاصات لا يمكن للوزير تحمل أعبائها لوحده إذ تخصص لها وزارة منتدبة تكون إما تحت إشراف الوزير أو رئيس  الحكومة.

في حين يبقى منصب كاتب دولة أقل أهمية ويأتي في أسفل الهرم، بحيث لا يحق لكتاب الدولة الحضور للمجلس الوزاري، كما لا يحق لهم توقيع القرارات التنظيمية نظرا للرقابة المفروضة على أعمالهم و تصرفاتهم، وهذا ما يجعلنا نطرح العديد من التساؤلات من قبيل ما جدوى خلق منصب حكومي دون إعطائه هامشا لممارسة الإختصاصات اللازمة؟ وهل غفل دستور 2011 مسألة التوضيح في إختصاصات هذا المنصب؟ أم أن وجود هذا الصنف في الهندسة الحكومية له أغراض أخرى بعيدة عن خدمة المصلحة العامة وضمان السير العادي للمؤسسات العمومية؟

إن ظاهرة “التفريخ” التي أصبح يعاني منها المشهد السياسي عامة أظهرت وبالملموس أن الغرض منها هو حماية المصالح الشخصية وترضية الخواطر السياسوية الضيقة، بعيدا كل البعد عن القصد التشريعي في إيجاد مثل هكذا مناصب، فإذا راجعنا بدايات الحوار من أجل تشكيل الحكومة الحالية وما سبقه من صراع على توزيع “الكعكة” الحكومية فإننا نجده يدل على اتجاه بعض المسؤولين نحو إقرار سياسات ريعية، بعيدا عن الشعارات المرفوعة في الحملات الإنتخابية من قبيل محاربة الفساد و الحفاظ على المال العام.

فماذا سيقع إذا تم حذف هذا المنصب من تشكيلة الحكومة؟

التجارب السابقة، أتبثت أن إضافة كتابة الدولة، أو حدفها من الهندسة الحكومية لن يؤثر على السير العادي للعمل الحكومي، ففي حكومة عبد الإله بنكيران لم تكن هناك أية كتابة دولة ومع ذلك لم يؤثر هذا العمل الحكومي، كما في الحكومة الحالية مع حذف كتابة الدولة المكلفة بالماء نرى أن الحكومة السائرة في مواكبة أنشطتها بدون أن يؤثر الحذف على سيرها العادي.

فالبحث في العمل الذي يقوم به كتاب الدولة، يكشف لنا عن أمور صادمة في تعاطي المسؤولين مع هذا المنصب حيث نجد أن أحدهم مثلا حمو اوحلي كاتب الدولة لدى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات المكلف بالتنمية القروية والمياه والغابات، لا يتوفر حتى على مكتب رسمي لمزاولة مهامه، كما أن الأعمال التي تقوم بها 12 كتابة دولة التي تؤثث ديكور حكومة العثماني لم نرَ لها أي صدى لها في الأوساط التي يشتغلون بها، مما يجعلنا نطرح سؤالا اَخر هل بالفعل كتاب الدولة موجدون في حكومة العثماني أم أننا أمام وزراء بدون حقيبة؟

إن المتغير في حذف كتابة الدولة من التشكيلة الحكومية هو تقليص عدد المناصب الوزارية و التقليل من هدر المال العام و عدم تبذيره مما يعود نفعا على الميزانية العامة للدولة، ومع حذف هذا المنصب سيتحمل كل وزير إختصاصاته الكاملة دون الإتكال أو تفويض بعض الإختصاصات لمناصب خلقت في الأصل فقط لإرضاء خواطر بعض الأحزاب المشاركة في الحكومة.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

1 تعليق
Inline Feedbacks
View all comments
aziz houari
المعلق(ة)
8 سبتمبر 2018 01:55

bravo

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x