لماذا وإلى أين ؟

الاحتكار والريع السائدان في قطاع صناعة الأدوية يهدد استدامة النظام الصحي الوطني (تقرير)

سلطت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة – الحق في الحياة الضوء على واقع بيع الادوية بالمغرب، مشيرة لوجود نسب عالية من الاحتكار والريع والجشع عالي بالقطاع أثر بشكل خطير على توزان نظام التغطية الصحية.

وأكد التقرير الذي اطلعت عليه جريدة “آشكاين” الإخبارية أن أسعار الأدوية بالمغرب أغلى من نظيرتها في بلجيكا وفرنسا بنسب مرتفعة جدا 3 او 4 مرات فعلى العموم هي أعلى من مثيلاتها في دول أخرى تتراوح ما بين 30 الى 250% كأدوية السكري والربو وضغط الدم وامراض القلب والشرايين والسرطانات وعلى سبيل المثال يبلغ سعر دواء التهاب الكبد الفيروسي ما بين 3000 درهم و6000 درهم في حين لا يتجاوز سعره 800 درهم في مصر، وهناك اختلاف كبير بين أثمنة نفس الدواء المستورد تحت علامات تجارية مختلفة بل ان بعض الأدوية الجنيسة سعرها يفوق سعر دواء اصيل في بعض الدول.

وأشار التقرير إلى أن المغرب يُعد “جنة الأسعار الباهظة للدواء” تستفيد منها الشركات متعددة الجنسيات، وهو ما يعمق نزيف احتياطاتنا من العملة الصعبة ويعرقل مسيرتنا نحو التغطية الصحية الشاملة، حيث ظلت شركات صناعة الأدوية في المغرب تواصل مراكمة الأرباح على حساب جيوب المواطنين وصحة وحياة المرضى، وظلت تفرض عبئا ثقيلا سواء عند شرائها مباشرة من الصيدليات أو من خلال تغطيتها بتعويضات صناديق الحماية الاجتماعية حيث ظل هامش الربح في المغرب مرتفع جدا و يعتبر ثاني أكبر هامش ربح في دول شمال أفريقيا ودول البحر الأبيض المتوسط.

وأكد التقرير أن قطاع صناعة الأدوية بالمغرب اليوم 54 مختبر، تتحكم في سوق الأدوية 15 مختبر بنسبة 70 في المائة من حصص السوق، مع وجود احتكارات جد ممركزة واحتكارات ثنائية واحتكارات تحتل وضعية شبه هيمنة، حيث أن سوق الأدوية بالمغرب ضعيف الشفافية مع غياب سياسة عمومية حقيقية للدواء الجنيس وشبكة توزيع ملائمة، ما يجعل مجال الأدوية في المغرب عالما يسود فيه الاحتكار والريع والجشع، وغياب الشفافية في مراقبة أرباح الشركات.

وترى الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة أن ان ارتفاع أسعار الأدوية لا تثقل كاهل الأسر المغربية فحسب بل تهدد أيضا على المدى القريب والمتوسط توازن نظام التغطية الصحية وتهدد الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي كهيئة التدبير الموحدة للنظام الأساسي بالعجز المالي ، بعد أن كانت السبب الرئيسي في عجز وتراجع احتياطات للصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي ”الكنوبس” ومستقبلا يمكن ان تهدد المنظومة الصحية بأكملها ان لم يتدخل صناع القرار السياسي لوضع حد للاحتكار وفرض أسعار باهظة على المواطن المغربي والنفخ غير المشروع في حسابات الشركات المتعددة الجنسية.

ولتعزيز موقف الشبكة المختصة بقضايا قطاع الصحة، أدلى التقرير ببعض الأرقام المسجلة خلال السنتين الماضيتين، حيث أن فالأدوية تشكل مكونا جوهريا من مكونات تكلفة النظام الصحي في المغرب، إذ مثلت سنتي 2022 و2023 حوالي 40٪ من تكلفة النظام الصحي المغربي، وبالمقارنة مع بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية OCDE فهي تبلغ فقط نسبة 18٪. ومن بين العوامل التي تؤدي الى ارتفاع مساهمة الأسر المغربية وتحملها لما يقارب 56٪ من هذه النفقات الاجمالية للصحة بصفة مباشرة ومن جيوبها، رغم الاستفادة الجماعية من التغطية الصحية الشاملة والتامين الصحي الاجباري

وأوضحت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة الحق في الحياة أن ضعف القوانين ونفاد المخزون الأمني والاستراتيجي للدواء والمستلزمات الطبية له آثار خطيرة على حياة المرضى المغاربة حيث شهدت سنة 2023 نقصا يقارب 400 دواء في الصيدليات، نصفها من إنتاج الشركات الاحتكارية. ولم تخرج سنة 2024 عن القاعدة في فقدان عدد كبير من الأدوية، مثل أدوية أمراض القلب والشرايين والأمراض النفسية والنادرة.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

2 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
احمد
المعلق(ة)
20 نوفمبر 2024 15:36

النظام الصحي المتعلق بتسويق الدواء في المغرب نظام مجحف والاسعار المتداولة في الصيدليات تجاوزت الخيال حتى بالمقارنة مع الدول الاروبية المرتفعة الدخل كفرنسا وبلجيكا، وهذا اصبح معروفا عند الخاص والعام ومن اراد ان يتأكد فليقارن بين تمن نفس الدواء في المغرب وهذه البلدان، فهل شاء القدر للمغاربة ان يكونو فريسة دائمة لاصحاب هذا المرفق في غياب أي رادع.؟

محمد
المعلق(ة)
19 نوفمبر 2024 20:53

من يحمي المواطن؟ يجب على الحكومة التي صوت عليها الشعب أن تحميه من جشع الشركات التي تقتل بالبطأ المواطن البسيط وتستنزف صندوق الحماية الإجتماعية مفروض على الحكومة أن تتصدى لهاذه الشركات.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x