ما الذي سيُثبت أنني غمزتُ فتاة في الشارع؟

في سياق النقاش الدائر بالمغرب حول ما بات يعرف بـ”قانون محاربة التحرش”، يبدو أن هذا الأخير تشوبه العديد من الفراغات التشريعية، خاصة في الشق المتعلق بإثات الفعل الجرمي.

فمن خلال قراءة مستفيضة لنص القانون رقم 13-103، يظهر أن المشرع المغربي، قد ركز كثيرا على أغلب حالات التحرش الممكنة في الحياة اليومية من بينها الأفعال والأقوال والإيحاءات ذات الطبيعة الجنسية أو لأغراض جنسية، كما ركز القانون على بعض مما يتعلق بـ”الرسائل الهاتفية أو المكتوبة أو الالكترونية أو التسجيلات أو الصور ذات الطبيعة الجنسية أو لأغراض جنسية”.

كما فصل المشرع أيضا في العقوبات المترتبة عن هذه الأفعال المذكورة أعلاه والتي قد تصل إلى 5 سنوات سجنا نافذا مع غرامة قد تصل إلى 5 ملايين سنتيم إذا ارتكب الفعل الجرمي من طرف أحد الأصول أو المحارم أو شخص ذو وصاية…

لكن الفراغ المخيف في هذا القانون المثير للجدل، هو أنه لم يُفصّل في وسائل إثبات الأفعال الجرمية على اختلافها، إذ يكفي مثلا لرجل أن يُمعن النظر في امرأة ويقوم بإيحات جنسية من بينها “الغمز وعض الشفتين” -وهي طبعا تندرج ضمن ما جاء في القانون- لكن “الضحية” لا تملك أي دليل قد يساعدها في تأكيد تعرضها للتحرش الجنسي أمام القضاء.

وبمعنى آخر، ماذا ستفعل المرأة، إذا تعرضت للتحرش في مكانٍ خال من الناس “الشهود” أو تغيب فيه كاميرات المراقبة، أو عجزت عن تسجيل واقعة التحرش عن طريق الفيديو أو التسجيل الصوتي أو التصوير.

إشكال آخر مطروح في هذا الباب، هو إذا قبِل القضاء شكاية السيدة المذكورة وأدان الشخص المتحرش، بدون أن تُقدم “الضحية” أي دليل واكتفت فقط بـ”التصريح والادعاء”، فهذا يفتح المجال أمام جميع نساء المغرب لتوجيه التوهم لأي كان دون أي دليل.

فهل سيتم تدارك هذه “الهفوات القاتلة” في قانون التحرش قبل أن تؤدي إلى ما لا تُحمد عقباه، حيث يمكن لمثل هذه الفراغات أن تؤدي إلى سجن أبرياء وإلى عدم إنصاف الضحايا.