2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
أربعة قوانين مثيرة للجدل خلال 2024.. تعرف عليها

على خلاف السنوات السابقة، تميزت سنة 2024 بأحداث سياسية واجتماعية كبرى، تجلت بشكل أساسي في تحريك الحكومة المغربية لمشاريع أربعة قوانين ظلت مجمدة لسنوات عديدة لما تطرحه من جدل حاد.
وكما كان متوقعا، طرح التحرك الحكومي على المستوى التشريعي نقاشات سياسية ومجتمعية لا تنتهي، شهدت معها محاولة كل طرف تعبئة الشارع والرأي العام بكل ما يملكه من وسائل يتيحها القانون.
ورغم تعدد المتدخلين في النقاشات والجدالات التي خلفتها التحرك التشريعي الحكومي المتمثل في أربعة قوانين مثيرة، فقد انحصر أساسا إما في مؤيد ومعارض للحكومة كما هو الحال في النقاش المرتبط بمشروع القانون التنظيمي للإضراب والمسطرتين الجنائية والمدنية، وإما في تيار حداثي وتيار محافظ مثلما هو الشأن في الجدل الذي شهده نقاش التعديلات المرتقبة لمشروع مدونة الأسرة.
المسطرة المدنية: أول جدل قانوني بين الحكومة والمعارضة
أولى القوانين المثيرة للجدل خلال سنة 2024 تمثلت في مصادقة مجلس النواب، يوم الثلاثاء 23 يوليوز 2023 في جلسة تشريعية عمومية بالأغلبية، على مشروع القانون رقم 02.23 المتعلق بالمسطرة المدنية، وذلك بموافقة 104 نواب، ومعارضة 35 نائبا، دون تسجيل أي امتناع.
وأثارت مسودة مشروع قانون المسطرة المدنية بمجرد الكشف عن تفاصيلها احتجاج العديد من المنظمات الحقوقية والسياسية خاصة مضامين المادتين 16 و17، باعتبارهما تخالفان الدستور والمبادئ الأساسية للعدالة وفق أراء المنتقدين، حيث أن هاتان المادتان تمنحان النيابة العامة سلطة غير مسبوقة للطعن في الأحكام القضائية، حتى وإن لم تكن طرفًا في القضية، كما يمكنها طلب إلغاء أي حكم مخالف “للنظام العام” دون التقيد بأجال الطعن العادية.
ويعتبر المنتقدون أن هذه الصلاحية واسعة للغاية تشكل تهديدًا لاستقرار الأحكام القضائية وتتعارض مع حق الأفراد في التقاضي، كما يرون أن هذه المواد تخالف الفصل 126 من الدستور الذي يكفل الحق في محاكمة عادلة.
المسطرة الجنائية: صدام جديد بين وهبي والمحامين وحماة المال العام
أسابيع قليلة على طرح مشروع المسطرة المدنية، صادق مجلس الحكومة يوم الخميس 29 غشت 2024 على مشروع آخر متصل ولا يقل أهمية عنه، وهو مشروع قانون المسطرة الجنائية.
ويتضمن مشروع القانون المُرتقب عرضه على مجلسي البرلمان لإكمال مسطرة المصادقة عليه، العديد من المضامين والمقتضيات أبرزها تشديد اللجوء للحراسة النظرية، وتقليل اللجوء للاعتقال الاحتياطي وتشديد الخناق على هيئات حماية المال العام فيما يخص رفع شكايات تخص جرائم تبديد وهدر المال العام، وهو تهديد سبق ووجه وهبي لهذه الجمعيات قبل أشهر قليلة داخل قبة البرلمان.
وخلق مشروع قانون المسطرة الجنائية خلق صراعا حادا جدا بين أصحاب البدلة السوداء وبين وزير العدل الحالي عبد اللطيف وهبي ترتب عنه دخول المحامين في إضراب مفتوح عن الترافع في سابقة من نوعها، انتهى بدخول وهبي في مفاوضات مع جمعية هيآت المحامين بالمغرب لم تظهر نتائجها النهائية لحدود اللحظة.
قانون الإضراب: إشكالية التوفيق بين الباطرونا والشغيلة
استمرت الحكومة في طرح مشاريع القوانين المثيرة للجدل والشنآن، بطرحها مشروع القانون التنظيمي المُبين لكيفيات وشروط ممارسة الإضراب على المؤسسة التشريعية بعد سنوات من تجميده.
وترتب عن هذه الخطوة غضبا نقابيا وسياسيا عارما جدا، تكتلت على إثره نقابات وهيئات حقوقية وأحزاب سياسية محسوبة على اليسار في جبهات احتجاجية مناهضة لهذا المشروع.
وبعد نقاش مستفيض وجدل مجتمعي كبير، توصلت الحكومة والنواب لمسودة جديدة تضمنت مئات التعديلات على المسودة خاصة فيما يخص إلغاء الأحكام الجنائية، والتخفيف من شروط إعلان الإضراب وتنظيمه.
ورغم ذلك، لم تلقى التعديلات الجديدة رضى كل المكونات المعنية من هدا الموضوع، حيث واصلت أغلب النقابات المهنية رفضها للمسودة الجديدة كونها لم تغير كليا من مضمون القانون السابق، فيما فضلت أكبر وأقدم المركزيات النقابية بالمغرب (الاتحاد المغربي للشغل) الصمت وعدم إعطاء الموقف النهائي من التعديلات الجديدة لحديد للحظة.
مدونة الأسرة: صراع جديد المحافظين والحداثيين
تميزت سنة 2024 بجدل سياسي واجتماعي جديد، يختلف عن الجدالات السياسية السابقة التي كانت منحصرة بين المعارضة والاغلبية البرلمانية، إذ تمحور هذا الجدل الذي كان إيديولوجيا أكثر مما هو سياسي بين اليساريين والحداثيين سواء المؤيدين أو المعارضين للحكومة الحالية، وبين المحافظين حول مقتضيات مدونة الأسرة، وذلك على أعتاب تعيين الملك لجنة خاصة على عاتقها الجلوس مع كل الأحزاب والهيئات والنقابات المغربية دون استثناء لسماع مقترحاتهم حول الموضوع.
وبعد انتهاء اللجنة من عملها صاغت وثيقة رفعتها للملك محمد السادس، أصدر على إثرها توجيهاته إلى المجلس العلمي الأعلى -وهو الجهة الرسمية الوحيدة لإصدار الفتوى في الشؤون الدينية-، قصد “دراسة المسائل الواردة في بعض مقترحات الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة”.
وعرف الموضوع تطورات كبيرة نهاية السنة الجارية بعدما كشفت الهيئة المكلفة بمراجعتها الاثنين الماضي، عن أهم مضامين التعديلات، ومضمون الرأي الشرعي للمجلس العلمي الأعلى، والتي قام أعضاء من الحكومة بتقديمها أمام الملك محمد السادس في جلسة عمل ملكية، ثم أمام الرأي العام في ندوة صحفية.
ولاقت التعديلات المقترحة ردود أفعال متباينة جدا على مواقع التواصل الاجتماعي عكست جانبا من النقاشات التي يخوضها المغاربة في بيوتهم ومنتدياتهم بشأن أثر التعديلات على موقفهم من فكرة الزواج، فيما ثمنها أغلب الأحزاب والمنظمات النقابية والحقوقية بغظ النظر عن انتماءهم السياسي ومرجعياتهم الأيديلوجية، مع تحذيرهم من أي “تنزيل قانوني فردي يُغلب طرفا على آخرا”.
هي إذا سنة تشريعية بامتياز عرفت طرح مشاريع قانونية مثيرة للكثير للجدل، غير أن هذه القوانين التي تم نفض الغبار عنها، لم تُكمل جميعها مسارها التشريعي والمسطري، ما يُنذر بجدالات وصراعات سياسية جديدة مرافقة للمحطات المتبقية لها خلال السنة المقبلة، قبل نشرها بالجريدة الرسمية واعتمادها رسميا.
ان الشيطان يتسرب في التفاصيل، وكل هذه المشاريع لها ما بعدها، وحفظ الله وطننا مما يحاك ضده من دسائس قد تعصف باستقراره.