لماذا وإلى أين ؟

مطيع يكشف أوراق “تالويكاند” والغاية من توفير وسائد لضيوفه (حوار)

بعد سنة من الإنقطاع، يعود مهرجان “تالويكاند” هذه السنة ليخلق حركية فنية واجتماعية واقتصادية بحي تلبرجت التاريخي بمدينة أكادير، وتتأهب اللجنة المنظمة لإنجاح الدورة الثانية بعد النجاح الباهر الذي شهدته الدورة الأولى (2023) للمهرجان الذي توقف السنة الماضية لأسباب مالية.

وحيث إن هذه التظاهرة الفنية تحظى بمكانة معتبرة لدى الأكاديريين وتعتبر من المهرجانات التي تلقى إقبالا من طرف مختلف فئات المجتمع بالمغرب وخارج، ارتأت صحيفة “آشكاين” الإخبارية، استضافة “مهندس” ومدير المهرجان ورئيس ومؤسس جمعية أگادير ميموري، سعيد مطيع، للحديث عن هوية وتصور “تالويكاند”.

في البداية لابد أن نفصل بين التظاهرات التي تعتمد على التصور وبين التي تعتمد على البرمجة؛ أي برمجة فقرات وأنشطة دون تصور محدد، عكس المهرجانات التي تنبني على تصور واضح، مثل مهرجان كناوة، مهرجان الموسيقى الروحية، مهرجان تاركالت بمحاميد الغزلان.

مهرجانات التصور تنبني على ثلاث ركائز أسياسية، أولها الإجابة عن أسئلة القلق، بحيث أننا نعتبر أن التظاهرات التي لا تجيب عن أسئلة القلق ليست مهرجانات بالنسبة لنا. ثاني الركائز هي خلق الدهشة، ونعتبر أن التظاهرات الفنية التي لا تخلق الدهشة لدى المواطن ليست تظاهرات، ثم السرد والحكاية، بحيث لابد للتظاهرة الثقافية أو الفنية أن تحكي أو تسرد شيئا ما وتبلغي أفكارا ورسائل للمتلقي.

هذه هي الأفكار والفلسفة التي ترتكز عليها جمعية “أكادير ميموري” لتنظيم “تالويكاند” الذي جاء لدمقرطة الفضاء العمومي، بحيث أن جل الفقرات تكون في الفضاء العمومي ما يخلق الدهشة لدى المواطنين الذين يتحولون إلى مشاركين في التظاهرة الثقافية، كما كسر “تالويكاند” القواعد الأرثوذكسية المتعارف عليها، من قبيل برمجة الأنشطة.

سعيد مطيع ــ مهندس ومدير “تالويكاند”

“تالويكاند” هو تمزيغ لـ”تلبرجت ويكاند” وهو مزج بين إسم الحي التاريخي الذي يحتضن التظاهرة الفنية “تلبرجت” و”ويكاند” أي نهاية الأسبوع، وهي كلمة سهلة التداول وسريع الإنتشار والتفكر وتتميز بجانب موسيقي في نطقها.

“تالويكاند” فضاء يريد أن يعيد للمدينة ذاكرتها المنسية ويكرم أصالتنا وتاريخنا، في التكريمات على سبيل المثال، عكس ما تذهب إليه مختلف التظاهرات الفنية في المغرب، نكرم نحن شخصية “الكراب” بما يحمل من دلالة اجتماعية وثقافية، نكرم شخصية “حارس المدرس” الذي يضغط طيلة عقود من الزمن بأصبعه على جرس المدرسة ليدعونا لدخول الأقسام للتعلم، نكرم شخصية “الكسال” الذي أفنى حياته في تنظيف أوساخنا ويمثل تاريخ الحمام المغربي، نكرم شخصية شرطي المرور الذي ينظم حياتنا، نكرم الهامش وننظر لمجتمعنا بنظرة مختلفة.

هذه التظاهرة الفنية وسيلة وليست غاية، وسيلة للحفاظ على ذاكرتنا وتاريخنا المشترك، وأيام المهرجان تتحول إلى “ألموكار” كما هو معروف تاريخيا بلمسة حديثة، يجمع الأصدقاء والأحباب الذين لم يلتقوا لأزيد من 40 و50 سنة، هناك متقاعدين التقوا بزملائهم في أقسام التعليم التعليم الإبتدائي، وعائلات من الأحفاد والأجداد يلتقون في هذا الحدث الفني السوسي.

ببساطة لأن هذه الساحة تاريخية، هنا كان يعزف الفنان الراحل عموري مبارك بالقتارة، هنا كان يبدع الفنان محمد جبارة، المغني السابق كات ستيفنز كان يقطن هنا في فنادق تلبرجت لسنوات، الكاتب الأمازيغي محمد خير الدين أقام هنا، الشاعر المغربي محمد وساط كان معانا هنا، شأنه شأن الفنان المسرحي عبد القادر عبابو الذي نشأ معانا هنا إلى جانب فنانين كبار.

أمامنا سينما الصحراء التي تشهد لنوادي سنمائية عتيدة منذ سنوات السبعينات داخل حي تلبرجت ذو حمولة تاريخية وذاكرتية ونضالية، وهذا ما جعلنا نرتبط بهذه الساحة وهذا الحي.

أي شيء في هذا المهرجان له دلالاته ولا شيء يتم دون سبب وعلة. أنظر مثلا إلى “الوسادة” التي نوفرها في فضاء المهرجان للمواطنين، تعني الإحتضان والضيافة الأمازيغية التي يتميز بها المغرب، وترمز إلى فضاء كان يسمى قبل ثلاثينيات القرن الماضي “تلمكانت” بتلبرجت، تجتمع فيه نساء الحي لتبادل أطراف الحديث. وكل واحدة منهن لها وسادة خاصة. لهذا اختزلنا عبارات الترحيب وحدث تاريخي بالحي بوسادة مكتوبة عليها اسم التظاهرة.

لابد أن أشير إلى أن “تالويكاند” لا يتسابق لاستضافة ما يسمى “ألمع الفنانين” أو الفنانين المشهورين في “السوشل ميديا”، بل يوفر فضاء لإبراز المواهب المختلفة التي تمثل هويتنا وتسهم في تطوير فننا ليصل إلى العالمية، يوفر تكوينات في مجالات فنية مختلفة للشباب. هذا المهرجان يوفر مجالا للإبداع ويخلق الفرجة الحقيقية لساكنة المدينة.

ننفتح على الرقص و”الكولكرافي” وعلى الأنماط الفنية الحديثة، لكننا لا ننسى حقنا من أحواش، لنقول إننا مهما انفتحنا على العالم فنحن أمازيغ وفتخر بهويتنا التي نبرزها في كل شيء، في الألوان والطابع والشكل البسيط للمهرجان المستوحى من البساطة التي تتميز بها الأسر الأمازيغية.

هذه السنة ستشهد تنظيم عروض موسيقية متنوعة وفرجات في فضاءات عمومية مفتوحة، وتنظيم أوراش تكوينية وثقافية وتقنية من قبيل ورشة الكوريغرافيا، ورشة صناعة المحتوى، ورشة الماكياج السينمائي والمسرحي، ورشة الفوتوغرافيا، وتنظيم المعرض البصري للتشكيل ومعرض الكتاب المستعمل وفضاء المنتوجات المجالية المحلية في تثاقفها البصري وتناسجها وتقاطعاتها الخطابية مع مختلف الثقافات المتجاورة، من خلال استضافة إقليم تارودانت، بعد استضافة إقليم تيزنيت الدورة السابقة، حيث سيتم عرض مميزات الإقليم من المنتوجات المجالية.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x