2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

أبلغت الحكومة الموريتانية نظيرتها الشمالية بالمملكة المغربية، الموافقة على تنفيذ مشروع توحيد شبكة الإنترنت فائقة السرعة والهاتف و الكهرباء في شبكة ربط واحدة بين البلدين، وفق ما كشفته مصادر إعلامية موريتانية.
وأوضحت ذات المصادر، أنه بعد هذا المشروع الواعد، “سيعمل البلدان على ربط شبكات الطرق البرية والموانئ في إطار مشروع اقتصادي ضخم يحقق لهما ما يطمحان معا لتحقيقه من تكامل تجاري واندماج اقتصادي شامل”.
ووصفت مشروع الربط بين البلدين بالأنترنيت والكهرباء بأنها “خطوات متسارعة تجسد الطموح الكبير الذي عبر عنه البلدان خلال اللقاء الذي جرى في الشهر الماضي بالدار البيضاء بين الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني وعاهل المغرب الملك محمد السادس”.
ويأتي هذا في ظل ما تشهده المنطقة من تحولات جيوسياسية، وسعي الجزائر الحثيث لجر موريتانيا إلى دوائرها، تارة عبر دعوتها إلى تكتل مغاربي يستثني المغرب، وتارة أخرى عبر إغراءات بشحنات بصل أو ورق أو إنجاز مشاريع للبنيات التحتية لم تر النور إلى حدود اليوم، وهو ما يجعل لهذه الخطوة الموريتانية تجاه المغرب تحمل أكثر من رسالة لجوارها.

وفي هذا الصدد أوضح الخبير في العلاقات الدولية وأستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق بتطوان، محمد العمراني بوخبزة، أن “هناك تحولات كبيرة تعرفها موريتانيا، من خلال التوجه نحو ترسيخ أسس الديمقراطية من خلال احترام صناديق الاقتراع والتناوب على السلطة بشكل سلمي”.
ويرى بوخبزة، في حديثه لـ”آشكاين”، أن “موريتانيا تبدو مرتاحة نوعا ما على المستوى الاقتصادي، حيث بدأت تشغيل حقول الغاز المشتركة مع السنغال، يمما يجعلها تفكر في مستقبلها بشكل مستقل”.
وأشار إلى أن “المغرب تقدم بمشاريع مندمجة كبيرة جدا، لم يتقدم بها الآخرون، وعوائدها كثيرة على من سينخرط فيها، إذ أن موريتانيا جزء من مشروع الغاز نيجيريا-المغرب، وهي جزء من المشروع الأطلسي، وهو الذي يشكل مشروعا كبيرا جدا ومندمجا، كما أن حجم المبادلات التجارية ما بين المغرب وموريتانيا عبر معبر الكركارات، كان له وقع كبير على السوق الموريتانية”.
ونبه إلى أن “المغرب أظهر جليا قدراته الأمنية التي استطاع من خلالها أن يؤمن حدوده مع موريتانيا، ما جعل الأخيرة لا تعاني من أي تهديدات أمنية من المناطق الحدودية ما بين المغرب وموريتانيا”.
واعتبر المتحدث أن موافقة موريتانيا على توحيد الربط بالأنترنيت والكهرباء مع المغرب “فيه إشارات قوية جدا، مفادها أن انخراط موريتانيا في مشاريع مع المغرب، تدخل في إطار شراكة رابح-رابح التي يقدمها المغرب، ليس كشعار، وإنما كمشاريع عملية”.
وأضاف أن “هذه الاختيارات الحالية بالنسبة لموريتانيا تظهر أنها قرأت الرسائل بشكل دقيق جدا، حيث لاحظت كيف أن القوى الكبرى اصطفت إلى جانب المغرب، في حين أن الطرف الآخر الذي هو الجزائر، خسر الحلفاء الذين تشبت بهم لعقود من قبيل سوريا وإيران، ما يعني أن الكفة تميل لصالح المغرب”.
وخلص إلى أن “الدول الحديثة والأنظمة الحديثة هي الدول والأنظمة التي تبحث عن المصالح، والحصول على أكبر عدد من المنافع، وموريتانيا رصدت ما يقع حولها من تحولات استراتيجية، وبالتالي انخرطت مع المغرب، ومشروع التحول الطاقي والرقمي هو بداية لإمكانات الاندماج الواعدة جدا، رغم محاولة الاطراف الأخرى، وهذه رسالة مفادها عدم التجاوب مع المشروع الجزائري الراغب في خلق تكتل إقليمي بديل عن تكتل المغرب العربي”.