2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
هل تسببت الخدمة العسكرية في “مَوجة الحْريكْ”؟

تنامت بشكل كبير مؤخرا، موجة الهجرة السرية لآلاف الشباب المغاربة الذين اختاروا الابتعاد عن بلدهم وأهلهم وأقاربهم، بغية الارتماء في أحضان المجهول، عبر معانقة الحلم الأوروبي، أو الارتماء في غياهب البحر عبر التضحية بأرواحهم.
وتكررت في الآونة الأخيرة، مشاهد تدمي القلوب، عبر فيديوهات يبثونها قبل وأثناء وبعد ركوبهم لقوارب الموت، وهو الحدث الذي طغا على مواقع التواصل الإجتماعي خلال الشهر الأخير، مما دفع الحكومة المغربية إلى الخروج عن صمتها الرهيب، والتصريح بكونها ستتصدى لموجة الهجرة السرية، مشيررة إلى أن المغرب يتوفر على فرص شغل هائلة، وهو الكلام الذي نقلته وسائل الإعلام على لسان الناطق الرسمي باسم الحكومة التي يترأسها الأمين العام لحزب “العدالة والتنمية” سعد الدين العثماني.
موجة الهجرة، وإن لم تكن وليدة هذه السنة، إلا أنها جاءت هذه المرة بشكل متزايد عقب إعلان المغرب إقرار الخدمة العسكرية الإجبارية على الشباب المتراوحة أعمارهم ما بين 19 و25 سنة، وفي بعض الحالات قد تشمل أيضا الأشخاص الذين يصل سنهم إلى 40 سنة. وهنا يُطرح التساؤل العريض، هل كانت الخدمة العسكرية سببا في تنامي ظاهرة الهجرة السرية؟
هذا الأمر يمكن قراءته من عدة زوايا؛ ففي الوقت الذي كان الشباب المغاربة ينتظرون من حكومتهم التي صوتوا عليها، توفير فرص شغل وإقرار العدالة الاجتماعية والمساواة والديمقراطية وتنفيذ مشاريع تنموية حقيقية تعود بالنفع على العنص البشري وخاصة فئة الشباب، تفاجؤوا بإقرار قانون الخدمة العسكرية علما أنه لم يكن ضمن برامج الأحزاب السياسية، أو ضمن مخططات الحكومة، حيث جرت المصادقة عليه في المجلس الوزاري في انتظار عرضه على البرلمان بغرفتيه، وبالتالي فإن الإقرار الرسمي ليس سوى مسألة وقت لا غير.
طبعا فالشباب المغاربة المغاربة ليسوا متخوفين من استدعائهم لقضاء 12 شهرا من التجنيد الإجباري، لكون “الويلات” التي عاشها عدد كبير لن تساوي قيد أنملة مما ينتظرهم في الخدمة العسكرية، فالكثير منهم عانى من البطالة والتهميش والأمية والحكرة بشتى أنواعها والشطط في استعمال السلطة وكذا رداءة التعليم والخدمات الاجتماعية وقلة فرص الشغل والوعود الكاذبة من المنتخبين والبرلمانيين والوزراء والحكومات المتعاقبة بشكل عام، مما يعني أنهم عاشوا “جحيما” حقيقيا زاد من “حقدهم” على الوضعية وعلى الواقع المعاش داخل الوطن.
“آش خاصك ألعريان..الخدمة العسكرية أمولاي”، هو شعار رفعه هؤلاء الشباب الرافضين للتجنيد الاجباري، إذا كانوا ينتظرون على الأقل الإلتفات إلى مؤهلاتهم وقدراتهم وآمالهم وأحلامهم بمغرب أفضل، مغرب يعانق جميع أبنائهم على قدر المساواة ويحترم آراءهم وتوجهاتهم وتطلعاتهم، غير أن الرد الذي تلقوه هو الزج بهم بين أسوار الثكنات مع إجبارهم على قضاء سنة كاملة من التداريب العسكرية بعلة ترسيخ مبادئ الوطنية، فكيف يعقل أن تُجبر إنسانا على فعل شيء هو كارهه؟ وكيف يُعقل أن تُشكك في وطنية شخص وأنت لم توفر له مطالبه المشروعة والتي يخرج من أجلها للاحتجاج في الشوارع؟
ومن هذا المنطلق، فإن “موجة الحريك”، ليست سوى إشارة إلى الحكومة المغربية، من أجل إعادة النظر في برامجها التي تستهدف فئة الشباب وكذا للنظر في مطالبهم والاستجابة لها، وعلى رأسها التشغيل الذي يشكل أولوية قصوى لكونها المنفذ الوحيد لحفظ كرامة المواطن، عوض فرض قوانين -كالخدمة العسكرية- هو في غنى عنها على الأقل في الوقت الحالي حيث زادت الأوضاع الاجتماعية تأزما، فهل ستواصل حكومة العثماني سياسة الآذان الصماء تجاه هذه الشريحة وبالتالي التضحية بمزيد من الأرواح في البحار والمشردين في شوارع أوروبا؟
الحكرة و عدم الثقة في من يفبركون الملفات اضافة للتضييق على حرية التعبير الانسان يحس بانه مشروع سجين لا محالة ، هناك من يسجن بسبب نقرة …..