لماذا وإلى أين ؟

شروط استسلام الجزائر

أحمد نورالدين

ظهرت في الآونة الأخيرة تصريحات من هنا وهناك تدعو للمصالحة بين المغرب والجزائر دون اخذ بعين الاعتبار لستة عقود من العدوان وما تخللها من مصالحات غير مبنية على قواعد صلبة. وهذه الدعوات تأتينا تارة على لسان جزائريين محسوبين على “المعارضة” في الخارج، وتارة على لسان جهات قد تكون مأجورة وقد تكون بحسن نية، ولكن لا يمكن أن نعيد نفس السناريوهات السابقة دون ضمانات مع الجزائر التي حطمت كل الارقام القياسية في نقض الاتفاقيات وخيانة العهود والطعن في الظهر. لقد جرب المغرب كل الحلول مع الجارة “الشقيقة” في إطار ثنائي عبر اتفاقيات المصالحة وحسن الجوار والتعاون ومنها اتفاقيتا 1969 و1972، وفي إطار مغاربي عبر اتفاقية 1989، وفي كل مرة كانت الجزائر هي التي تكسر الجرة. لذلك سيكون من الغباء أن نكرر نفس الأخطاء في المقدمات وننتظر تغييرا في النتائج كما يقول المناطقة.

لأجل ذلك على المغاربة ألاّ يلدغوا من جحر الجزائر ألف مرة ومرة، وعليهم أن يحذروا من هذه الدعوات التي تدس السم في العسل، فالجزائر هي التي جعلت من المغرب عدوها الاستراتيجي طيلة نصف قرن، وليس المغرب من جعلها عدوا، وهي التي أنفقت مئات المليارات لهدم وحدته وفصله عن صحرائه، وخرقت كل الاتفاقيات التي وقعتها مع المغرب، وهاجمت بجيشها المغرب مباشرة في أمغالا الأولى والثانية وبطريقة غير مباشرة عن طريق الميليشيات الانفصالية منذ 1975 إلى اليوم، ، والجزائر هي التي تدرب وتسلح البوليساريو، وتنطلق هجمات الانفصاليين على المغرب من التراب الجزائري، وهذه أعمال حربية حقيقية وليست مجرد نوايا أو حملات اعلامية او حرب كلامية، إنها حرب أزهقت أرواح آلاف الشهداء المغاربة في حرب الصحراء، ويتمت ورمّلت آلافا أخرى، والجزائر هي التي قطعت العلاقات واغلقت الحدود واغلقت المجال الجوي حتى في وجه طائرات حجاج بيت الله الحرام، والجزائر هي التي طردت وشردت دون إثم أو ذنب خمسة وأربعين الف عائلة مغربية في يوم عيد الاضحى حقدا وانتقاما من المسيرة الخضراء لتحرير الصحراء من الاستعمار الاسباني، والقائمة طويلة..

لذلك كله علينا نحن المغاربة أن نحذر من دعوات السم في العسل، فنحن لم نكن يوما في موقع المعتدي بل كنا طيلة ستة عقود في موقع المعتدى عليه في ارضه ودمائه وعرضه. واليوم بعد أن خسرت الجزائر خسرت حروبها العلنية والسرية ضد المغرب، وبعد أن أصبحت معزولة عربيا وإفريقيا ودوليا، وبعد أن اصبحت مفككة داخليا بسبب الحراك الشعبي وحتى قبل ذلك منذ الانقلاب على صناديق الاقتراع في يناير 1992 وما تلاه من عشرية سوداء، ثم بسبب صراع اجنحة الجيش الذي يوجد حوالي اربعين من جنرالاته خلف القضبان، وبسبب الانهيار الاقتصادي والاحتقان الاجتماعي، ترتفع أصوات تمدّ النظام العسكري الجزائر بطوق النجاة بشكل مجاني يدوس على حقوق ودماء واعراض واراضي المغاربة، ويعطي نفسا جديدا للطغمة العسكرية في الجزائر. هذا ليس من الحكمة في شيء، بل هو الرعونة والخيانة في أبشع صورها.

لقد جربنا نحن المغاربة مع الجزائر كل حلول المصالحة، ووقعنا معهم على معاهدات أو اتفاقيات أو بروتوكولات للمصالحة، وفي كل مرة كان الغدر ونقض العهود هو العملة الجزائرية الرائجة. ولا يمكن لأحد أن يزعم أن الأمر عرضي أو ظرفي لأنه سلوك دائم ومستمر للدولة الجزائرية طيلة ستة عقود، تداول على رئاستها تسعة رؤساء، مع استثناء يتيم دام ستة شهور في عهد الرئيس المرحوم محمد بوضياف الذي أراد فعلا تصفية الاحقاد وأسباب الصراع فكان مصيره الاغتيال من طرف الجيش الجزائري على مرأى ومسمع من العالم وأمام الكاميرات وفي قلب تجمع جماهيري حضره آلاف الجزائريين. لقد كان اغتياله رسالة لكل من يأتي بعده، أن هذا هو مصير من يريد المصالحة مع المغرب: الاغتيال.

أمام هذه التجارب المريرة مع جارة السوء التي عضت اليد المغربية التي ساعدتها لنيل استقلالها، يبقى الحل الوحيد اليوم قبل أي حوار أو مفاوضات هي أن تتوفر الشروط الموضوعية المبنية على الواقعية السياسية وعلى تاريخ العلاقات بين البلدين، وليس على الشعارات العاطفية التي تدغدغ المشاعر وتعمي العقول بخطاب ضال ومضلل. وحتى نضمن للمصالحة البقاء وحتى نبني المستقبل على أسس متينة وعقلانية، علينا أن نصفي تركة النزاعات ونستأصل شأفتها بلا رجعة. وفيما يلي بعض المقترحات غير الحصرية، التي علينا جميعا المساهمة في إغنائها وتوثيقها، لتحقيق مصالحة حقيقية مبنية على تراكمات تاريخية وليس مصالحة ظرفية عابرة وعبثية، كما يريدها البعض، تقفز على الذاكرة الجمعية وعلى المعطيات الميدانية:

اولا : على الجزائر أن تعترف بالسيادة المغربية الكاملة على الصحراء الغربية المغربية دون تحفظ؛

ثانيا : على الجزائر أن تفكك مخيمات تندوف دون قيد أو شرط؛

ثالثا : على الجزائر أن تسلم سلاح ميليشيات البوليساريو للمغرب؛

رابعا : على الجزائر أن تسلم مجرمي الحرب للمحاكمة في المغرب؛

خامسا : على الجزائر أن تعتذر عن عدوانها ضد المغرب طيلة نصف قرن وأن تعوض المغرب عن كل الخسائر التي تسببت فيها بشكل مباشر او غير مباشر؛

سادسا : على الجزائر أن تعيد ممتلكات المغاربة المطرودين والمهجرين قسريا سنة 1975 بسبب المسيرة الخضراء التي لا ذنب لهم فيها؛

سابعا : على الجزائر ان تعوض هؤلاء الضحايا وابناءهم عن تلك الجريمة ضد الانسانية؛

ثامنا : على الجزائر أن تعيد الأراضي المقتطعة من المغاربة وآخرها واحة العرجا بفكيك وتعوض عن الخسائر المترتبة عن الجريمة؛

تاسعا : على الجزائر أن تعوض كل ضحايا الاغتيالات غدرا برصاص الجيش الجزائري على الحدود، وهم يعدون بالمئات وآخرهم الشبان الثلاثة بشاطئ السعيدية وسائقو الشاحنات بجمهورية مالي؛

عاشرا : على الجزائر أن تعوض المغرب عن ثلاثة وخمسين سنة من عرقلة استغلال منجم غارة جبيلات، وأن تعيد الحدود إلى وضعها قبل التفاقية 1972 التي خرقتها؛

إحدى عشرة : على الجزائر أن تعوض المغرب عن ضحايا حادثة أطلس آسني وما ترتب عنها من خسائر في السياحة؛

إثنى عشرة ، على الجزائر أن تعوض المستثمرين المغاربة في الجزائر الذين تضررت مصالحهم بسبب قرارات قطع العلاقات الدبلوماسية من طرف الجزائر بشكل أحادي، وبسبب قرارات وزارية موثقة تمنع التعامل مع الشركات والمقاولات والبنوك ومكاتب الدراسات المغربية؛

ثلاثة عشرة : على الجزائر أن تعوض الشركات المغربية عموما، وكل المتضررين في المناطق الحدودية عن الاضرار الاقتصادية التي تسببت فيها الجزائر باغلاق الحدود من جانب أحادي؛

أربعة عشرة : على الجزائر أن تعوض المغرب عن الخسائر المترتبة على قطع أنبوب الغاز نحو أوروبا بشكل أحادي، وكل الإجراءات التعسفية المماثلة؛

خمسة عشر : على الجزائر أن تعوض المغرب عن الخسائر المباشرة وغير المباشرة اقتصاديا واجتماعيا، المترتبة عن عرقلة وتجميد اتفاقية اتحاد المغرب العربي؛

ستة عشرة : على الجزائر أن تعوض سكان مدينة فكيك عن حرمانهم من استغلال واحاتهم خلف الحدود مثلما كانت تنص عليه كل الاتفاقيات المشتركة منذ استقلال الجزائر، ونصت عليها كذلك الاتفاقيات والبروتوكولات الأخرى منذ 1902؛

سبعة عشرة : على الجزائر أن تعوض المغرب ماديا ومعنويا عن السب والقذف والطعن في الأعراض والشرف وتشويه سمعته الدولية من طرف الوزراء والمسؤولين الجزائريين ومن طرف الاعلام الجزائري الرسمي مع الاحتفاظ بحق المتابعة في حق الجهات غير الرسمية؛

ثمانية عشرة : على الجزائر أن تقدم ضمانات دولية ملموسة وموثوقة وموثقة بعدم تكرار جرائمها في حق المغرب والمغاربة.

الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي “آشكاين” وإنما عن رأي صاجبها.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

2 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
ملاحظ
المعلق(ة)
23 مايو 2025 10:24

فعلا هذا ما ينبغي فعله لاثقة في جيران السوء

Nassiri
المعلق(ة)
22 مايو 2025 23:39

الله يعطيك الصحة

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x