2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
قانون المسطرة الجنائية تخلص من الإجراءات التعقيدية التي كانت تعيق النجاعة القضائية (برلماني)

أثار مشروع قانون رقم 02.23 المتعلق بالمسطرة المدينة، الذي صادق عليه مجلس المستشارين، أول أمس الثلاثاء 27 ماي الجاري، (أثار) غضب فعاليات حقوقية ومهنية، لما يتضمنه مقتضيات، تقول هذه الفعاليات إنها تمس حقوق المتقاضين.
المشروع كما صادق عليه المستشارون بالإجماع ودون تسجيل معارضة أحد، أولى أهمية لرقمنة الإجراءات القضائية، فإلى جانب إحداث نظام معلوماتي موحد لتدبير المساطر والإجراءات القضائية على مستوى محاكم الدرجتين الأولى والثانية، تم التنصيص على إنشاء منصات إلكترونية خاصة بجميع مهنيي العدالة، كالمحامين والموثقين والمفوضين القضائيين، بهدف تبادل المعطيات والوثائق القضائية إلكترونياً.
كما أقر المشروع إمكانية التقاضي عن بعد وتنفيذ الإنابات القضائية الدولية عبر التقنيات الحديثة، مع ضمان الضمانات القانونية الكاملة للمتقاضين، وتمديد الآجال القانونية في حال تعذر الولوج إلى المنصات الإلكترونية.
وشملت التعديلات الجوهرية التي أقرها مجلس المستشارين تبسيط الإجراءات القضائية وتسريع وتيرتها، حيث تم تثبيت أجل استئناف الأحكام الصادرة عن محاكم الدرجة الأولى في 30 يوماً، بما يمنح المتقاضين وقتاً كافياً للطعن، في حين تم إعادة صياغة المادة 390 لتمكين محكمة النقض من إحالة الدعوى إلى نفس المحكمة التي صدر عنها القرار المنقوض في حالات استثنائية، بهدف اختصار زمن التقاضي.
كما تم العدول عن تغريم التقاضي الهادف إلى المماطلة أو التسويف أو في حالة رفض طلب التجريح، في خطوة تهدف إلى تيسير الولوج إلى العدالة ورفع أي حرج عن المتقاضين.
وبالإضافة إلى ذلك، تضمنت التعديلات توضيحات هامة لبعض الاختصاصات وتغيير في عدد من المواد. فتم إسناد العديد من اختصاصات قاضي التنفيذ إلى رئيس المحكمة، بما في ذلك البت في صعوبات التنفيذ الوقتية.
وتم أيضا تحديد سقوف جديدة للاختصاص القيمي لكل من محكمة النقض وقضاء القرب، وضبط الإمكانية المتاحة للنيابة العامة لطلب بطلان أي مقرر قضائي مخالف للنظام العام، مع إضافة قضايا كفالة الأطفال المهملين إلى الحالات التي تكون فيها النيابة العامة طرفاً أصلياً.
في هذا الصدد، أكد مصطفى الدحماني، المستشار البرلماني عن فريق التجمع الوطني للأحرار، أن مشروع قانون المسطرة المدنية الجديد، ”تخلص” من الإجراءات التعقيدية التي كانت تعيق النجاعة القضائية، بما يتوافق مع دستور 2011.
وأوضح الدحماني، متحدثا لجريدة ”آشكاين”، أن المشروع عزز أيضا آليات الرقمنة والعدالة الإجرائية وتسريع تنفيذ الأحكام ، مبرزا أنه استجاب لمخاوف المهنيين، ويلبي تطلعات المتقاضين الذين يهمهم هذا المشروع بدرجة أولى.
كما تحدث ذات البرلماني التجمعي عن إدخال تعديلات جوهرية على مستوى “الزمن القضائي”، بهدف تدقيق الآجال وتقليصها واختصار زمن التقاضي، ويشمل اعتماد التبليغ في عنوان البطاقة الوطنية دون الحاجة إلى إشعار بالتوصل، والسحب المباشر للاستدعاءات من كتابة الضبط، وإلغاء مسطرة التبليغ بواسطة القيم، وتصحيح الأخطاء من طرف المحكمة دون الحاجة إلى دعوى مستقلة، وكلها إجراءات، وفق المتحدث، تصب في تسريع وتيرة العمل القضائي.
و أبرز الدحماني الدور المحوري للتحول الرقمي في المشروع، حيث تم تأطير رقمنة الإجراءات القضائية، بما في ذلك التبادل الآلي للإجراءات، والتقاضي عن بعد، والحسابات المهنية، والتبليغ الإلكتروني. وقد تم التنصيص على إحداث نظام معلوماتي متكامل لتدبير المساطر والإجراءات القضائية أمام مختلف المحاكم، مع إحداث منصات إلكترونية خاصة بمهنيي العدالة لتبادل المعطيات والوثائق إلكترونياً. كما تم التأكيد على إمكانية تنفيذ الإنابات القضائية الدولية الواردة من الخارج بنفس الطريقة التي تنفذ بها الإنابات الداخلية باستعمال تقنيات الاتصال عن بعد.
وفيما يخص صلاحيات النيابة العامة والقاضي، تم تدقيق دور النيابة العامة وحقوقها في القضايا المدنية، ومسؤوليتها في حماية النظام العام، وحقوقها في الطعن، مع إضافة القضايا المتعلقة بكفالة الأطفال المهملين إلى الحالات التي تكون فيها النيابة العامة طرفاً أصلياً.
وتم تعزيز المسؤولية الإيجابية للقاضي المدني في تصحيح المسطرة وإنذار الأطراف. بالإضافة إلى ذلك، تم نقل العديد من اختصاصات قاضي التنفيذ إلى رئيس المحكمة، بما يعزز مكانة هذا الأخير في الإشراف على مساطر التنفيذ وتبسيطها وإزالة الصعوبات التي تعترضها.
وتضمنت التعديلات أيضاً العدول عن تغريم التقاضي الهادف إلى المماطلة والتسويف، وحذف التغريم في حالة رفض طلب التجريح. كما تم تخفيض مبلغ الغرامة المنصوص عليها في المادة 413 إلى 4000 درهم، وتحديد سقف الاختصاص القيمي لقضاء القرب في 5000 درهم، وللطعن بالنقض ضد القرارات الانتهائية في 30000 درهم.
ودعا المستشار الدحماني إلى تفعيل المراقبة الدستورية الاختيارية القبلية للمشروع قبل نشره في الجريدة الرسمية، لتقليص الشكوك المحيطة بمدى موافقة النص للدستور، مؤكداً أن هذا النص التاريخي يمثل تتويجاً لمسار طويل من العمل الجاد لتحقيق ”عدالة ناجعة وشفافة”.