2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

نورالدين زاوش*
في هذه الأيام الأخيرة، أو قل في السويعات القليلة السابقة؛ تعرَّضت حظيرة الجزائر لسلسلة من الانتكاسات والهزائم والإحباطات التي لم تتعرض لها طيلة العقود الفائتة؛ فأينما يولي هذا النظام الجبان وجهه شطر سماء الدبلوماسية؛ إلا ويجد الركل والصفع ينهمران عليه من كل صوب وحدب؛ حتى ما عادت مظلة الغاز والنفط تقوى على أن تواري سوأته النتنة، خصوصا وأن قواعد اللعبةقد تبدلت في عالم لا يثبت على حال، وميزان القوى قد مال، أخيرا، لكفة النزاهة والشفافية والمصداقية.
فبعد أن وضعت المملكة العربية السعودية موطئ قدم لها في الساحل، باعتبارها دولة راعية لأمنه واستقراره من التهديدات الإرهابية التي تهدده، ومدت الإمارات ذراعها لتسليح موريتانيا من استفزازات الجزائر الغبية، ومن مناوشات منظمة البوليساريو التي تحاول خلق توتر دائم في شمال موريطانيا، عمدت هذه الأخيرة إلى غلق معبر “البريكة” الحدودي، في سابقة من نوعها تعكس حجم العزلة التي بات يعيش في كنفها نظام العسكر، والذي يبدو أنه لم يتبقَّ له من حليفٍ سوى ذلك المخبول التونسي الذي يحاول أن يُسَيِّر الدولة التونسية بمنطق الشعراء وقواعد قطاع الطرق، وبمراسيم قصائد الصعاليك.
من واجهة البحر الأبيض المتوسط، نجد نظام العسكر محاصرا بالجمهوريةالفرنسية التي فتحت مراكزها القنصلية في الصحراء المغربية قبل يومين، ثم من إسبانيا التي باتت شريكا موثوقا للمغرب؛ ومن ناحية الجنوب، نجد النظام الجزائري محاصرا بدول الساحل التي تنسق مواقفها ضده كرجل واحد؛ ومن جهة الشرق، فإن ليبيا قد حسمت اصطفافها لجانب المملكة المغربية الشريفة؛ وخير دليل على ذلك، حضور وفد عسكري مغربي رفيع المستوى، للاستعراض العسكري الضخم الذي أقامه المشير “حفتر” في “بنغازي” مؤخرا.
إن مناورات الجزائر في محاولة سرقة مقر البرلمان العربي من سوريا إلى الجزائر، في غياب الطرف السوري الشقيق، والتي أجهضها الوفد المغربي بكفاءة واقتدار من عقر الجزائر، وما تلاه مِن إغلاق السلطات السورية لمكاتب البوليساريو في دمشق، ووضع الترتيبات لإعادة فتح سفارة المغرب بدمشق المغلقة منذ اندلاع الثورة السورية، وكذا اعتراف كينيا بمغربية الصحراء، بعدما كانت سندا قويا للأطروحة الانفصالية، يشكلان ضربتان موجعتان، إضافة إلى عشرات الضربات التي لا يتسع المقام لذكرها، لنظام العسكر المشؤوم الذي يسير نحو حتفه المحتوم.
من كثرة ما انْهلنا على عسكر المرادية بالرّكل والصفع، ومن شدة ما أشبعناه لطما ورفسا، ومن عِظم ما أمعنا فيه إهانة وإذلالا، على مدى نصف قرن كامل، أَنْهكَنا العياء أيَّما إنهاك، وبلغ منا الجهد مبلغه؛ لكن إذا كان هذا شأن الصَّافع الواثق بنفسه، والذي يصفع من وراء الغرفات المكيفة، فكيف هو حال المصفوع الذي يُصفع وهو يتقلب في جحيم التوجس والشك والريب؟
ربما لهذا السبب، صرَّح وزير الخارجية “عطاف”، في الندوة التي أقامها عسكر الجزائر يوم الأحد 25 ماي تحت عنوان: “الساحل الإفريقي: التحديات الأمنية والتنموية في ظل التجاذبات الجيوسياسية بالمنطقة”، بأن بلاده لديها مخزون من الصبر كاف لمواجهة معضلات المنطقة.
عضو الأمانة العامة لحزب النهضة والفضيلة
الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي “آشكاين” وإنما عن رأي صاحبه.
عطاف الذي يسير طبق بوصلة يحدد اتجاهها العسكر يتحرك ضد قناعاته الشخصية، فقد سبق ان صرح خارج منصبه الحالي صوتا وصورة ان مكانة المغرب كحليف متميز للولايات المتحدة تعطيه مكانة خاصة في التحرك الديبلوماسي لا تستطيع مجاراتها الجزائر، ومع ذالك فعطاف يدير الرحى وفق ما تشتهيه المرادية حفاظا على منصبه الى حين ان تعصف به الزوابع التي عصفت بمن كان قبله.
الجزائر مع التبونية والشنقريحية أصبحت اسما على مسمى في علاقة بين الدال والمدلول فكلمة جزيرة تجمع على صورة جزر أو جزائر ، وحالة العزلة أو العزل أصبحت منبوذة دوليا تعيش في عالم اخر وحدها ، ويحق فيها قول طرفة بن العبد: الجزائر أفردت افراد البعير المعبد(المجراب)