لماذا وإلى أين ؟

“درونات” موريتانية تطارد عصابات البوليساريو الإرهابية

في خطوة لافتة تؤكد التحول النوعي في عقيدتها الأمنية، كشفت صحيفة “الأنباء” الموريتانية عن استخدام الجيش الموريتاني لطائرات مسيرة متقدمة لمطاردة مجموعة مسلحة من عناصر جبهة البوليساريو، حاولت التسلل إلى داخل الأراضي الموريتانية شمال البلاد، في عملية أعادت رسم ملامح المشهد الأمني في المنطقة.

وحسب المصدر ذاته، فإن الطائرات المسيرة رصدت تحركات مريبة في منطقة حدودية نائية، قبل أن تطارد المتسللين وتجبرهم على التراجع نحو مخيمات تندوف، بعد أن تبين أن المجموعة كانت مسلحة وهي بصدد تنفيذ عمليات إرهابية ضد أهداف مغربية في المنطقة العازلة.

ويأتي هذا التصعيد الأمني بعد أقل من أسبوع على زيارة مثيرة للجدل لوفد من جبهة البوليساريو إلى العاصمة الموريتانية نواكشوط، حيث سلم رسالة إلى الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، يُعتقد أنها تضمنت طلباً لإعادة فتح معبر “لبريكة” الحدودي مع الجزائر، والذي كان الجيش الموريتاني قد أغلقه في 21 ماي الماضي، في خطوة وصفتها مصادر رسمية بـ”الاستراتيجية لتأمين الحدود الشمالية لموريتانية من اختراقات العناصر المسلحة التابعة للبوليساريو”.

ويؤشر القرار الموريتاني باستخدام الطائرات المسيرة إلى تحول جذري في طريقة التعاطي مع الخروقات الأمنية، خصوصاً من طرف عناصر محسوبة على البوليساريو التي لطالما اعتبرت المناطق العازلة فضاءً مفتوحاً لتحركاتها. وتُعد هذه المرة من الحالات النادرة التي تقدم فيها نواكشوط على مواجهة مباشرة – وإن تكن غير دموية – مع عناصر الجبهة، في موقف يُترجم نفاد صبر موريتانيا من سلوكيات تهدد أمنها وسيادتها وتحرجها مع جيرانها.

ووفق الصحيفة ذاتها، فإن موريتانيا عازمة على المضي قدماً في استراتيجيتها الأمنية الجديدة، مستفيدة من امتلاكها منذ العام الماضي طائرات مسيرة حديثة مكّنت الجيش من تطوير قدراته في المراقبة والردع السريع، في محيط جغرافي معقد وشاسع.

هذه التطورات تفتح الباب أمام تساؤلات عريضة حول مستقبل العلاقة بين نواكشوط وجبهة البوليساريو، في وقت تبدو فيه موريتانيا أكثر ميلاً إلى فرض منطق السيادة الصارمة ورفض التحركات المريبة على حدودها، سواء كانت تحت عناوين إنسانية أو سياسية.

يشار إلى أن القيادي السابق في جبهة البوليساريو، مصطفى سلمى ولد سيدي مولود، كان قد أماط اللثام عن خلفيات التحول الذي تشهده قضية الصحراء على المستوى الميداني، حين أشار إلى أن البوليساريو لم تعد قادرة منذ 1984 على خرق الحزام الدفاعي المغربي دون المرور من الأراضي الموريتانية، خاصة عبر منطقة “بير أم اكرين”، وأن هذه الوضعية الشاذة استمرت لعقود بسبب غض الطرف الإقليمي عنها.

لكن، وفقًا لولد سيدي مولود، فإن المغرب استغل بلاغات الجبهة العسكرية نفسها، التي توثق استهداف قواته من خارج الحزام، ليشرعن رده ويستهدف أي تحرك في المناطق الشرقية، حتى تلك التي تضم منقبين عن الذهب، والتي يختلط فيها النشاط المدني بوجود عناصر الجبهة.

واعتبر ولد سيدي مولود، أنه تحت ضغط هذه المعطيات الميدانية، وجدت نواكشوط نفسها في موقف حرج؛ فمن جهة، تتعرض لضغط داخلي لحماية مواطنيها من التوغلات في مناطق تعتبر منطقة عسكرية، ومن جهة ثانية، لا يمكنها أن تحتج على المغرب ما دامت الحوادث وقعت في منطقة حرب تتعرض قواته فيها للقصف المتكرر.

مصطفى سلمى ذهب إلى أن موريتانيا بدأت عمليًا تمنع مرور عسكريي البوليساريو، وهو ما دفع الجبهة، في رد فعل مباشر، إلى إرسال وفد عسكري رفيع لنواكشوط بهدف ثنيها عن هذا القرار. لكنه، وفق تدوينة دبجها المتحدث، وفد جاء متأخرًا في وقت يبدو فيه أن القرار الموريتاني قد اتُّخذ وأصبح من الصعب التراجع عنه دون خسائر في السيادة والهيبة.

ويرى القيادي السابق في البوليساريو، أنه إذا استمرت نواكشوط في سياستها الأمنية الجديدة، فسيكون المغرب قد حقق اختراقًا استراتيجيًا كبيرًا دون إطلاق رصاصة واحدة، يتمثل في تأمين المناطق شرق الحزام بشكل كامل، وإنهاء عبور البوليساريو عبر الأراضي الموريتانية، وربط حدوده بشكل مباشر ومستقر مع كامل التراب الموريتاني، مقابل دفع البوليساريو نحو مزيد من العزلة داخل التراب الجزائري.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

1 تعليق
Inline Feedbacks
View all comments
بويشو
المعلق(ة)
5 يونيو 2025 20:35

يجب ان تضمن موريتانيا الا تستعمل اراضيها للاعتداء على المغرب

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

1
0
أضف تعليقكx
()
x