لماذا وإلى أين ؟

الاستخبارات الإسبانية تحذر من اختراق “البوليساريو” لتنظيم “داعش” في الساحل

كشفت صحيفة La Vanguardia الإسبانية، في تقرير استخباراتي مقلق، عن اختراق غير مسبوق لعناصر من جبهة البوليساريو لتنظيم “داعش – ولاية غرب إفريقيا” (ISWAP)، حيث بلغ عشرة شبان صحراويين منحدرين من مخيمات تندوف بالجزائر مراتب قيادية داخل التنظيم الجهادي الأكثر دموية في الساحل.

وترى الصحيفة أن هذا التطور يضع إسبانيا، ومن خلفها أوروبا، في مرمى تهديد إرهابي مباشر ومتجدد، لا سيما وأن بعض هؤلاء القادة المتطرفين تربوا في كنف عائلات إسبانية، ضمن برنامج إنساني كان يُفترض أن يحميهم من التطرف.

ما يزيد من خطورة هذه المعطيات الإستخباراتية التي كشفها المنبر الإعلامي؛ هو الخلفية التي يحملها هؤلاء القادة الجدد؛ شبان وُلدوا وتربوا في مخيمات تندوف التي تديرها البوليساريو بدعم من الجزائر، وسبق لهم أن استفادوا من برنامج “عطلات في سلام” الإسباني، الذي أتاح لهم قضاء فصول الصيف داخل بيوت عائلات إسبانية مضيفة، في إطار مبادرات إنسانية تستهدف أطفال الصحراء.

لكن الواقع انقلب، بحسب ما أكدته المصادر الإستخباراتية، إذ بات هؤلاء الشباب جزءًا من نخبة قيادية داخل تنظيم داعش في الساحل. فهم يجيدون اللغة الإسبانية ويتقنون الثقافة الأوروبية، ما يجعلهم أداة محتملة لتوجيه “الذئاب المنفردة” في أوروبا، أو حتى تنفيذ عمليات مباشرة باسم التنظيم، مستغلين علاقاتهم السابقة وملفاتهم النظيفة.

التقرير يسلط الضوء كذلك على تصاعد غير مسبوق في النشاط الجهادي بمنطقة الساحل، خصوصًا في مالي، بوركينا فاسو والنيجر. هذه الدول، التي تعاني من هشاشة أمنية عميقة، أصبحت عمليًا تحت قبضة تنظيمين إرهابيين رئيسيين؛ “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” (JNIM) التابعة للقاعدة، وتنظيم “داعش – ولاية غرب إفريقيا”.

وتحذر أجهزة الاستخبارات من أن الجماعات الجهادية في هذه المنطقة لم تعد تكتفي بمشاريعها المحلية أو الإقليمية، بل بدأت تنظر شمالًا، نحو المغرب الكبير، وصولًا إلى السواحل الأوروبية. وتُعدّ إسبانيا – الأقرب جغرافيًا – أول المتأثرين، خاصة في ظل تراجع الوجود العسكري الأوروبي بالساحل عقب الانسحاب الجماعي للقوات الغربية، آخرها القوات الإسبانية، رغم اعتراضات وزارة الدفاع في مدريد.

الانسحاب الغربي تزامن مع تحولات داخلية في المشهد الأمني الإقليمي. فقد تركت مجموعة “فاغنر” الروسية فراغًا ملأه ما يُعرف بـ”الفيلق الإفريقي” التابع للكرملين. لكن رغم وجود المرتزقة الروس، لم تتمكن الأنظمة العسكرية المحلية من صد الهجمات المتكررة.

في المقابل، اختارت الجماعات الجهادية تكتيكًا جديدًا يتمثل في الامتناع مؤقتًا عن استهداف المصالح الغربية، والتركيز بدلًا من ذلك على إسقاط “الأنظمة العميلة لروسيا”. والرسالة واضحة هي: “هذه حربنا، وإذا تدخلتم، ستدفعون الثمن”، بحسب ما نقلته الصحيفة عن مسؤول استخباراتي.

ويُضاف إلى هذه التهديدات وجود روابط إثنية وقبلية قوية بين تنظيمات الجهاد في الساحل وبعض مكونات جبهة البوليساريو. وتشير المعلومات إلى أن إثنية “الفلاني” (Peuls) تمثل أكثر من 75% من مقاتلي JNIM، و90% من صفوف ISWAP، وهي الجماعة التي ينتمي إليها القادة الصحراويون الجدد.

وتُعرف البوليساريو بعلاقاتها المتشعبة داخل هذه الشبكات، بما يشمل التهريب والدعم اللوجستي في مناطق نائية من الصحراء الكبرى، مما يجعلها فاعلًا في تعقيد الوضع الأمني.

ورغم أن أوروبا – وإسبانيا تحديدًا – لم تشهد بعد موجات هجمات من مقاتلين قادمين مباشرة من الساحل، إلا أن التحذيرات تتزايد بشأن إمكانية تسلل عناصر جهادية وسط قوارب المهاجرين غير النظاميين.

وتؤكد مصادر الاستخبارات أن الأعداد الحالية “قليلة”، لكن تغيّر التعليمات التكتيكية للتنظيمات قد يحوّل طرق الهجرة إلى ممرات مفتوحة أمام مقاتلين مدرّبين. وتبرز موريتانيا كنقطة انطلاق رئيسية، خاصة من مخيم “امبرة”، الذي يضم أكثر من 200,000 لاجئ، وسط أوضاع اجتماعية مزرية.

وتُظهر الإحصائيات أن معظم القوارب التي تصل إلى جزر الكناري تنطلق حاليًا من السواحل الموريتانية، وأن المهاجرين الماليين يمثلون أكبر نسبة من الوافدين بطريقة غير نظامية، ما يزيد من احتمالات تسلل إرهابيين بين صفوفهم.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x