لماذا وإلى أين ؟

حرب إيران ـ إسرائيل تشعل “حرب التدوينات” بين الإسلاميين والحركة الأمازيغية في المغرب

في الوقت الذي يترقب فيه العالم تبعات التصعيد العسكري الخطير بين إيران وإسرائيل، تشهد الساحة المغربية حرباً من نوع آخر، ليست بالصواريخ ولا بالمسيرات، بل بالتدوينات والمواقف المتضاربة على مواقع التواصل الاجتماعي. حرب رمزية تعكس انقسامات أيديولوجية وثقافية عميقة، تتصدرها تيارات الإسلاميين والحركة الأمازيغية، في مشهد يعيد طرح سؤال: كيف يجب أن ينظر المغرب لصراعات الشرق الأوسط؟

التيار الإسلامي في المغرب، ممثلاً بحزب العدالة والتنمية وبعض الجمعيات والتنظيمات ذات التوجه الديني، خرج بمواقف تساند إيران فيما تعتبره “معركة وجودية ضد الكيان الصهيوني”. وتماهت هذه المواقف مع خطاب “العروبي” المتشبع بمبادئ العروبة وشعارات الأمة الواحدة من المحيط ويرى في القضية الفلسطينية جوهر الصراع في المنطقة.

عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، لم يتردد في الإشادة بإيران، واصفاً إياها بأنها “الدولة الوحيدة التي تدعم فلسطين فعلياً”، في خطاب بدا أقرب إلى التوبيخ لبلده، المغرب، الذي ترأس حكومته سابقاً، وكأن المغرب لم يقدم شيئا في دعم القضية الفلسطينية.

الناشط عزيز هناوي، المنتمي هو الأخر لهذا التيار، ذهب أبعد من ذلك، مهاجماً نشطاء الحركة الأمازيغية، واتهمهم بـ”التماهي مع الصهيونية” لمجرد رفضهم الوقوف إلى جانب إيران. وسخر هناوي من المفارقة التي يراها في موقف الحركة الأمازيغية، قائلاً: “هل إيران عربية؟ هل سبق لها أن احتلت تامزغا؟ وهل عندها مشكل مع تيفيناغ حتى يتم الاصطفاف ضدها؟ أليست إيران متقدمة علميا ومن حقها أن تدافع عن ذلك.. كما يحلو لـ”عصيد” أن يتمسخر بذلك على دول العرب المتخلفين خارج العصر”.

في المقابل، عبر تيار واسع من الحركة الأمازيغية عن موقف واضح ومباشر؛ مصلحة المغرب أولاً. ويرى نشطاء هذا التيار أن الانخراط في دعم أي طرف في صراع الشرق الأوسط يجب أن يكون مبنياً على منطق براغماتي ووطني، لا على ولاء ات دينية أو عاطفية.

فبالنسبة لهؤلاء، فإن إيران ليست إلا دولة توسعية ساهمت في تأجيج الصراعات الطائفية وتدمير دول عربية، وامتد دورها السلبي – بحسبهم – إلى شمال إفريقيا بدعمها لجبهة البوليساريو الانفصالية. “كيف يمكننا أن نناصر دولة تمول مليشيات تسعى إلى اقتطاع جزء من وطننا؟”، يتساءل أحد النشطاء الأمازيغيين على فيسبوك.

أما إسرائيل، فيُنظر إليها في هذا المعسكر باعتبارها شريكاً استراتيجياً داعماً لمغربية الصحراء، ترتبط مع المملكة باتفاقيات أمنية وعسكرية واقتصادية، في وقت قطعت فيه الرباط علاقاتها مع طهران منذ سنوات، بسبب ما وصفته بـ”أنشطة عدائية ضد وحدة المغرب الترابية”.

الجدل الدائر على المنصات الاجتماعية المغربية يعكس صراعاً أعمق بين من لا يزال يؤمن بخطاب “الأمة العربية” و”المقاومة”، وبين من يتبنى خطاب “الوطن أولاً” بمنظور براغماتي بعيد عن الأيديولوجيات العابرة للحدود.

تيار الإسلاميين يرى أن الوقوف إلى جانب إيران واجب أخلاقي وديني في مواجهة “العدو الصهيوني”، فيما يعتبر جزء من الحركة الأمازيغية أن هذا الموقف لا يخدم المصالح العليا للمغرب، بل يضر بقضاياه الحيوية وفي مقدمتها الصحراء المغربية.

وبين هذا الصراع الرمزي، يراقب المواطن المغربي البسيط تطورات الحرب الحقيقية بقلق بالغ، ليس من منطلق مواقف إيديولوجية، بل خشية من تداعيات اقتصادية محتملة. فأسعار النفط مرشحة للارتفاع، وأسعار المواد الغذائية أصلاً ملتهبة منذ شهور.

وفي حال اتسع نطاق المواجهة في الشرق الأوسط، فإن انعكاساتها ستكون محسوسة في الأسواق المغربية، وقد تزيد من تأزيم الوضع المعيشي للفئات الهشة.

وفيما تشتعل الجبهات بالسلاح في المشرق، تتواصل حدة النقاش في المغرب بتغريدات وتدوينات، عنوانها: هل نحن مع إيران؟ أم مع إسرائيل؟ أم مع المغرب فقط؟

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

6 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
said
المعلق(ة)
19 يونيو 2025 08:59

العدو الصهيوني كيان مصطنع من قبل القوى الامبريالية الاستعمارية التي قتلت مئات الملايين من الأبرياءمن المسلمين وغير المسلمين في أفريقيا وآسيا وأمريكا لسلب تروات وخيرات بلادهم وياتي هذا الفقيه ليفظلهم على بلد إسلامي يحاول التمركز بين العالم باكتسابه للتكنلوجيا الحربية والصناعية فماذا فعلنا نحن السنة سوى المهرجانات والمسابقات الرياضية والخضوع لمستعمرينا الذين يكرهوننا حتى النخاع
الفجوة الحقيقية توسعت بين أحرار المغرب الذين يدعمون حق ايران في الدفاع عن نفسها، و بين الصهاينة و أذنابهم .

ابو زيد
المعلق(ة)
18 يونيو 2025 17:39

في المسيرة الاخيرة للامازيغيين في مراكش بدأ جليا ان اغلبية الامازيغ يتبنون القضية الفلسطينية و به غالبية المغاربة و ليس تيارا دون اخر!!
على فكرة الدفاع عن غزة دفاع عن الحياة عن الذوق عن الإنسانية عن العدالة !!
و لا مكان للهمج في وطن الابطال و المقاومين و الشهداء و العلماء و الشهامة و الوقفات!!
هل اسبانيا او ايرلندا او حتى احرار العالم ينتمون الى التيار الإسلامي ليتبنوا قضية فلسطين؟؟؟

احمد
المعلق(ة)
18 يونيو 2025 11:20

بغض النظر عن النقاش الدائر بين الاسلاميين وبعض الجمعيات التي تتكلم باسم المغاربة وبعيدا عما يجري بين إسرائيل وايران والذي لا يهمنا كمغاربة، نقول أن القضية الفلسطينية هي قضية انسانية اولا قبل ان تكون قضية عربية او إسلامية، و قد حركت انطلاقا من بعدها الانساني كل احرار العالم من جميع الاجناس والديانات بما فيها اليهود المناهضون للمشروع الصهيوني، ومن يريد ان يقحمها في إطار عروبي اوقومي او إسلامي إنما يريد تحريف النقاش وإلباس هذا الصراع الحظاري والتاريخي لوبوسات عنصرية تريد عمدا ان تتحيز للمنظور الصهيوني التوسعي الذي تناهضه الدولة المغربية وعبرت عنه في بلاغاتها الرسمية، وأدانه الشارع المغربي، فباسم من يتكلم هؤلاء.؟ هل اصبحنا مخترقين من طرف الصهاينة الى هذا الحد.؟

محمد
المعلق(ة)
18 يونيو 2025 11:08

يقول أحدهم بتهكم كيف لك ان تكون ضد ما تقوم به ايران او لا تابه بما يحدث هناك رغم انهم ليسوا ضد تيفيناغ ولم يحتلوا تامزغا !!! قمة الدكاء و العبقرية وروح الدعابة !!! يا أمة ضحكت من جهلها الأمم
حبدا لو تدهبوا للجهاد فهو في ادبياتكم وممكن عبر تركيا لبنان او سوريا وتحرروا مشهدنا في المغرب و من هناك إلى جنة الفردوس

Fadli
المعلق(ة)
18 يونيو 2025 08:48

لا عصيد يمثلني بصفتي امازيغيا..ولا بنكيران يمثلني بصفتي مسلما مغربيا . نحن ضد واعداء للصهيونية إلى آخر رمق. ومع من يحاربها ظالما او مظلوما.

متتبع
المعلق(ة)
18 يونيو 2025 07:34

صراعات فارغة،ذات محتوى بئيس،تطغى عليه الشعبوية،يسعى أصحابه إلى تكريس الانقسام والعنف والعدوان،،،ينطبق عليهم المثل العامي:”اولاد عبد الواحد كلهم واحد”،،،بدل انشاد الحوار والاصطفاف وراء المواقف الرسمية(المحايدة)،يخرج هؤلاء بنقاشات،،،لاتنفع في شئ،،،لابعاد المغاربة عن همومهم اليومية،،،
أن دوركم،تأطيري،،،وتوجيهي،فلا اسرائيل ولا ايران محتاجة الى مواقفكم الشعبوية،والبئيسة،،،
تشبتوا -من فضلكم-بوطنكم،وبمقدسات بلادكم،وانشدوا الوحدة-من طنجة الى لگويرة-،،،

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

6
0
أضف تعليقكx
()
x