2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

في أفق الانتخابات التشريعية لسنة 2026، يلوح في الأفق شبح العزوف السياسي كمؤشر مقلق يهدد المسار الديمقراطي بالمغرب ويضع مجمل العملية السياسية أمام سؤال الجدوى والشرعية. فالمواطن المغربي، اليوم، لا يشعر بوجود أثر ملموس للأحزاب السياسية في حياته اليومية، ولا يرى في العمل السياسي وسيلة فعالة لتحسين أوضاعه أو الاستجابة لتطلعاته المشروعة، سواء تعلق الأمر بتوفير فرص الشغل، أو بمحاربة غلاء الأسعار، أو بالتصدي لظواهر الفساد والاحتكار.
لقد أفرزت التجربة السياسية لما بعد دستور 2011 خيبة أمل متراكمة، عنوانها الأبرز هو غياب الثقة في الفاعل الحزبي والحكومي، وتراجع الأمل في التغيير عبر صناديق الاقتراع. فلا البرامج الانتخابية التي روج لها قبل كل استحقاق ترجمت نفسها إلى سياسات عمومية حقيقية، ولا الوعود التي أغدق بها المرشحون تم تجسيدها على أرض الواقع. في المقابل، يلاحظ المواطن أن المشاريع التنموية ذات الأثر المباشر غالبا ما تكون من المبادرات الملكية، وتنجز بوتيرة أسرع وفعالية أعلى، في مفارقة صارخة تعمق الشعور بعدم جدوى الحكومة والأحزاب مجتمعة.
ويزيد من تعقيد هذا الواقع المأزوم ضعف تواصل الحكومة مع المواطنين، وغموض عدد من القرارات المصيرية، فضلا عن عجز الإعلام العمومي والخاص عن مواكبة التحولات السياسية والاجتماعية بقدر كاف من المهنية والجرأة. إذ لا يساهم الإعلام، كما يفترض، في تعزيز الثقافة السياسية أو في إشعاع القيم الديمقراطية ونبل الفعل السياسي، بل يكتفي في كثير من الأحيان بتغطيات سطحية أو محابية، تساهم في ترسيخ اللامبالاة السياسية بدل مواجهتها.
أما المشهد الحزبي، فبات يعاني من أزمة نخب حقيقية، حيث تم إقصاء عدد من الكفاءات النزيهة والمستقلة، إما بفعل مناورات داخلية، أو خوفا من المس بالتوازنات القائمة داخل الأحزاب التي يهيمن عليها من يمكن وصفهم بـ”بزناسة السياسة”. هؤلاء الذين حولوا العمل السياسي إلى وسيلة للارتزاق أو لتصفية الحسابات الشخصية، لا إلى مجال للتنافس الشريف حول المشاريع المجتمعية والنماذج التنموية البديلة. هذا التوجه أدى إلى إفراغ الأحزاب من مضمونها التأطيري، وزاد من اتساع الهوة بين نخب الرباط وباقي شرائح المجتمع، خصوصا في المناطق التي تعاني التهميش والإقصاء.
ولم تعد الملاحقات القضائية المتكررة لعدد من المنتخبين والبرلمانيين بتهم تتعلق بالفساد واستغلال النفوذ إلا عاملا إضافيا في تكريس الصورة السلبية للمنتخبين، وتعزيز قناعة لدى المواطن بأن صندوق الاقتراع لا ينتج التغيير بقدر ما يعيد إنتاج الرداءة.
في هذا السياق، يغدو الحديث عن العزوف السياسي ليس مجرد هاجس ظرفي مرتبط بانتخابات قادمة، بل تعبير عن أزمة عميقة في العلاقة بين الدولة والمجتمع، وبين المواطن والمؤسسات التمثيلية. أزمة ثقة متراكمة تفرغ الممارسة السياسية من معناها، وتفقد الديمقراطية مضمونها الحيوي.
إن إنقاذ ما تبقى من هذه الثقة يتطلب من الفاعلين السياسيين، حكومة وأحزابا ومؤسسات، وقفة نقد ذاتي صريحة وشجاعة. فلا مستقبل ديمقراطي دون نخب كفؤة ونزيهة، ولا ديمقراطية بدون مشاركة شعبية فعلية، ولا مشاركة دون أفق، ولا أفق دون نتائج ملموسة يشعر بها المواطن في معيشه اليومي وكرامته الاجتماعية.
العزوف لا يغديه غياب الكفاءة وفشل الاحزاب فحسب، بل اكتر ما يغديه بشكل خطير هو غياب الثقة في المؤسسات، وانعدام الثقة يخلق شعورا بعدم الجدوى في الدهاب الى مراكز الاقتراع، تالتا ان صوت المواطن لا يشعره بقدرته على التغيير، بما ان هذا الصوت لا ينعكس فيما يقرره نواب الامة على حياته اليومية. رابعا: هو ان التمرين على الديمقراطية وعلى حرية الاختيار كمبدأ، لم يترسخ بعد و ان هناك من الصاهرين على الشان العام من لايريدونه ان يترسخ لاقتناعهم بفائدة الفراغ في شراء الاصوات.
ولما لا تكون الاغلبية المقبلة مشكلة من قادة الاحزاب وعائلاتهم والعاملين في شركاتهم
اليست هذه ديموقراطية تمثيلية حقيقية