لماذا وإلى أين ؟

عصابات “الباركينغ” تبتز وتعتدي على المواطنين أمام أعين سلطات الوالي أمزازي

مع حلول موسم الصيف، تحوّلت مدينة أكادير وضواحيها إلى ساحة مفتوحة لعصابات “الباركينغ” الذين يفرضون قانونهم الخاص على المواطنين والسياح، في ظل غياب شبه تام لتدخل السلطات الولائية والمنتخبة. فبين جماعة أكادير، أورير، وتغازوت، لم يعد ركن السيارة مسألة يومية بسيطة، بل صار فعلاً محفوفاً بالمخاطر ومصدراً للابتزاز، بل وحتى الاعتداء ات الجسدية.

رغم إعلان جماعة أكادير في بلاغ رسمي أن المرابد العمومية مجانية إلى إشعار آخر، فإن الواقع يكشف عكس ذلك تماماً. فكل من يحاول ركن سيارته في مناطق معينة يصطدم بحقيقة مرعبة؛ “القانون لا يطبق هنا”، وأصحاب السترات الصفراء يفرضون تسعيرات عشوائية وفق مزاجهم، وإن رفض المواطن الدفع، فالعقاب جاهز، إما الاعتداء المباشر أو إلحاق الضرر بالسيارة.

اللافت أن هذه الاعتداء ات تقع أمام أعين السلطات التي تكتفي بحملات موسمية قصيرة المدى، لا تلبث أن تتلاشى بعد ضجة إعلامية عابرة، ليعود الوضع إلى ما كان عليه وكأن شيئاً لم يكن.

على بُعد كيلومترات فقط من أكادير، في جماعة أورير، يأخذ الوضع منحى أكثر خطورة. فالمربد هناك ليس سوى رقعة عشوائية من الأرض يستولي عليها أحد “الكارديانات”، ويحوّلها إلى مصدر دخل ثابت دون أي سند قانوني. لا وجود لصفقات عمومية أو لوائح تنظيمية. فقط فوضى و”سيبة” تتنامى مع كل صيف، أمام أعين السلطة المحلية.

السكان المحليون والزوار يشتكون من تحويل الشواطئ والمناطق القريبة من البحر إلى “أسواق سوداء” للمرابد، حيث الأداء إجباري وتحت التهديد أحياناً، فيما تتوسع المقاهي على حساب الملك العمومي البحري دون رقيب.

أما في تغازوت، الوجهة السياحية المشهورة وطنياً ودولياً، فالوضع خرج عن السيطرة تماماً. فقد بات “الكارديانات” هم من يقررون أين تركن، كم تدفع، ومن يُعفى من الأداء. “المرابد” هنا غير قانونية، لكن يتم استغلالها بـ”العلالي”. والتمييز صارخ؛ إن كنت من أصحاب النفوذ أو تنتمي إلى جهاز أمني أو سياسي، فستركن سيارتك مجاناً وربما تحصل على غسلة مجانية، أما المواطن البسيط فعليه أن يدفع و”يبلع السكات”.

خلال نهاية الأسبوع الماضي، تم الاعتداء الجسدي على مواطن أمام عائلته من قبل سبعة أشخاص في تغازوت، فقط لأنه ركن سيارته في مكان يعتبره أصحاب “السترات الصفراء” مخصصاً لمعارفهم. مشهد يلخص عبث الواقع و”دولة الباركينغ” التي تُسيّر بسلطة العنف والصمت الرسمي.

ما يجري في أكادير وضواحيها لم يعد مجرد تجاوزات فردية، بل أصبح نظاماً موازياً يهدد الأمن العام، ويشوه صورة المدينة كوجهة سياحية. فالتخاذل الرسمي والتراخي الأمني وغياب الرقابة الجادة، كلها عناصر تسمح لهذه “العصابات” بالتمدد والسيطرة.

المطلوب اليوم ليس بلاغاً جديداً من جماعة معينة، بل تطبيقاً صارماً للقانون وتحريراً للملك العمومي من أيدي المتحكمين الجدد. لأنه السكوت عن هذا الوضع ليس فقط خيانة لثقة المواطنين، بل مساهمة في شرعنة العنف والفوضى.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

2 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
مغربي
المعلق(ة)
16 يوليو 2025 11:53

وماذا عسى الوالي امزازي ان يفعله؟؟ في كل منطقة يوجد على راسها عامل معين من طرف صاحب الجلالة وهو من يجب عليه القيام بالمتعين في منطقته. أما الوالي فمهمته التنسيق بين العمال وليس التدخل في اختصاصاتهم

RACHID9975
المعلق(ة)
15 يوليو 2025 22:54

شاهد من مدينة الرباط في عطلة في مدينة أكادير . بكل وضوح وثقة اشكر السلطات هذا الصيف، لم التقي ولو حارس سيارات واحد. والسلطة خالي من فوضى البارصول. يمكنك وصف أكادير صيف السنة الماضية بمقالك هذا معقولا. اما هذه السنة فإني لم اتوانى عن شكر رجال و اعوان السلطة، القوات المساعدة والشرطة المتواجدون بالشاطى يسهرون ليل نهار على أمن وراحة المواطنين والمصطافين. شكرا جزيلا لكم كلكم بدأ من العون الى الوالي. رجاء تشجيع من يقوم بواجبه وكفى من تعميم المساوءى و التنكيل بالكل.

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

2
0
أضف تعليقكx
()
x