لماذا وإلى أين ؟

مسكين: مشروع قانون مجلس الصحافة يورّط الدولة

حذر الصحافي يونس مسكين، مدير الأخبار بصحيفة “صوت مغرب” الرقمية، من المخاطر السياسية والدستورية الكبرى التي ينطوي عليها مشروع القانون رقم 26.25 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، مشددً على أن تمريره في صيغته الحالية لا يمثل فقط تراجعا عن المكاسب الدستورية، بل قد يُورّط الدولة ومؤسساتها، وعلى رأسها المؤسسة الملكية، في سجالات كان من المفروض تجنبها.

وفي لقاء حواري استضافته صحيفة “بديل” الرقمية، كشف مسكين أن النسخة الأولى من مشروع القانون التي تم سحبها سابقًا كانت تتضمن بندًا يقضي بـالتعيين الملكي لرئيس المجلس الوطني للصحافة، وهو ما أثار تحفظات قوية، لأن النقاش حول هذا البند كان سيجرّ المؤسسة الملكية إلى ساحة الجدل العمومي والسياسي، في وقتٍ يُفترض أن تبقى فوق كل السجالات.

وأضاف أن سحب ذلك المشروع لم يكن تعديلا جذريا بقدر ما كان استبدالا لصيغة التعيين الملكي، بصيغة أخرى لا تقل خطورة، إذ تم التنصيص على تعيين ممثلين عن “الرأسمال الكبير والمهيمن”، ما يؤشر إلى محاولة واضحة لـ”التحكم” في المجلس وتوجيهه بعيدا عن استقلاليته ومهامه الدستورية.

وأكد مسكين أن المشروع الجديد يمس بثوابت دستورية، خاصة تلك المنصوص عليها في الفصل الأول من الدستور الذي يحدد “الاختيار الديمقراطي” كأحد أسس الحياة العامة، مشيرًا إلى أن الطريقة التي يُراد بها تشكيل المجلس الوطني للصحافة تنزع عنه الطابع التعددي والاستقلالي، وتجعله خاضعا لتوازنات المال والنفوذ، بدل أن يكون حاميا لحرية الرأي والتعبير.

وفي السياق ذاته، اعتبر مسكين أن المشروع يضرب بوضوح الفصل 28 من الدستور، الذي ينص على أن “حرية الصحافة مضمونة، وتُشجع السلطات العمومية على تنظيم القطاع على أسس ديمقراطية ومستقلة”، وهو ما يناقضه هذا المشروع، الذي يسعى إلى خلق مجلس فاقد للاستقلالية ومُحكم التوجيه.

الأخطر من ذلك، بحسب مسكين، هو أن المشروع يتجاوز حتى مقتضيات الفصل 42 من الدستور، الذي ينص على أن الملك “ضامن الاختيار الديمقراطي”، معتبرا أن الإصرار على تمرير هذا المشروع بالصيغة الحالية يضع الدولة والملكية في موقف محرج، ويُورّط المؤسسات في نقاشات لا ضرورة لها.

وأشار المتحدث إلى أن النص الحالي ليس نصًا تنظيميًا، ما يعني أنه لن يُعرض على المحكمة الدستورية، وهو ما يفتح المجال أمام تمريره بـ”الألاعيب السياسية الصغيرة”، دون مراقبة دستورية، مما يجعل من الخطأ التعامل معه كقانون عادي، وهو في جوهره يمسّ التوازنات الكبرى التي يحميها الدستور.

وختم مسكين بتحذير صريح يتمثل في أن الاستمرار في الدفع بهذا المشروع بصيغته الحالية، لن يضر فقط الصحافة والمؤسسات المهنية، بل قد يضع المؤسسة الملكية في صلب جدل لا يخدم صورتها كضامن للدستور والحريات.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

1 تعليق
Inline Feedbacks
View all comments
احمد
المعلق(ة)
17 يوليو 2025 18:27

من بلقنة الاحزاب الى تحجيم النقابات ومن تطويق الجمعيات إلى التحكم في الصحافة، توجه خطير يتناقض مع سياسية الانفتاح التي تريدها الدولة على المستوى الاقتصادي والمالي ولا يخدم التوجه نحو الاستتمار.

1
0
أضف تعليقكx
()
x