2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
“فوكس” المستفيد الأكبر من أحداث العنف ضد الجالية المغربية (صحيفة إسبانية)

شهدت بلدة توري باتشيكو، الواقعة في إقليم مورسيا الإسباني، تصاعدًا خطيرًا في التوترات العنصرية ضد الجالية المغربية، بعد حادثة اعتداء استغلتها الجماعات المتطرفة لتأجيج خطاب الكراهية. ووفق تقرير لموقع “Diari ARA” الإسباني، فمع تصاعد الأحداث، برز حزب “فوكس” اليميني المتطرف المعروف بمعاداته للمغرب، كأكبر المستفيد سياسيًا من هذه التعبئة التي انطلقت أساسًا من وسائل التواصل الاجتماعي.
الحادثة التي أشعلت فتيل التوتر تعود إلى ادعاء رجل إسباني مسن تعرضه لاعتداء من قبل شاب “أجنبي”، ما لبثت أن استغلتها شخصية بارزة من فوكس محليًا لترويج فيديو مفبرك يربط الجريمة بـ”ديانة السلام”، في إشارة إلى المسلمين. رغم تكذيب الفيديو لاحقًا، فقد انتشر على نطاق واسع، مما أشعل موجة من الكراهية الجماعية، خصوصًا على منصات مثل تيليغرام، التي سُخّرت للدعوة إلى مظاهرات وأعمال عنف ضد مهاجرين مغاربة.
وسرعان ما تحولت هذه الدعوات الافتراضية إلى أعمال عنف واقعية، تمثلت في الاعتداء على شاب من أصول مغربية وكسر واجهات متاجر يملكها مهاجرون. وتؤكد هذه التطورات، بحسب خبراء، انتقال خطاب الكراهية من الفضاء الرقمي إلى الشارع، في نموذج وصفه البعض بـ”النسخة المصغرة لاقتحام الكابيتول”، مما يبيّن تنامي قدرة المتطرفين على التأثير في الرأي العام والتعبئة.
وقد لعب “مؤثرو” اليمين المتطرف دورًا حاسمًا في تغطية وتوجيه الأحداث، من خلال بث مباشر وتحريض علني ضد الإعلام الرسمي والمهاجرين، مع تقديم أنفسهم كـ”صحفيين بديلين”. أسماء مثل برتراند ندونغو وفيتو كيلس ودافيد سانتوس كانت حاضرة في توري باتشيكو، ما يعكس وجود شبكة إعلامية موازية تديرها جهات متطرفة بشكل ممنهج.
تاريخيًا، لم تكن مثل هذه التعبئة ممكنة دون وجود غطاء سياسي، لكن حزب “فوكس” وفّر ذلك اليوم، مستفيدًا من حالة التوتر لتعزيز أجندته المناهضة للهجرة. وبحسب مؤرخين، فإن توري باتشيكو شكلت فرصة ذهبية لـ”فوكس” لتحريك النقاش السياسي وتوسيع شعبيته، خصوصًا في ظل ضعف استجابة الأحزاب التقليدية، وعلى رأسها الحزب الشعبي (PP).
وقد تجلّى هذا التأثير في استطلاع للرأي أصدره مركز الدراسات الاجتماعية (CIS)، أظهر قفزة كبيرة في نوايا التصويت لـ”فوكس” بنسبة 5.7 نقطة خلال شهر واحد فقط. هذا النمو دفع بعض الخبراء إلى التحذير من تركيز الخطاب السياسي في يد اليمين المتطرف، وسط غياب واضح لمواجهة هذا الخطاب من طرف الأحزاب الأخرى، خاصة عبر الفضاء الرقمي، حيث لا يزال نشاطهم محدودًا، بحسب المراقبين.
فوكس لن يتجاوز استراتجية الدولة العميقة في تصورها للعلاقات الجوسياسية، وهذه الضربات تحت الحزام لا تعدو كونها تندرج في مناخ الصراع الداخلي لربح مزيد من الاصوات وكسب مواقع في المشهد السياسي القادم لإسبانيا.