2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
المغرب يعتزم إطلاق “الدرهم الإلكتروني”: خطوة نحو المستقبل أم تحديات غير محسوبة؟

يستعد المغرب للانتقال إلى مرحلة جديدة في تاريخ منظومته المالية بإطلاق مشروع “الدرهم الإلكتروني”، كعملة رقمية سيادية يصدرها بنك المغرب. المشروع، الذي دخل حيز التجربة العملية، يأتي استجابة للتحولات المتسارعة في النظام المالي العالمي، وسعيًا لتحقيق الشمول المالي، وتقليص الاعتماد على النقد الورقي، ومكافحة الاقتصاد غير الرسمي.
في تصريحات رسمية، أكد عبد الرحيم بوعزة، المدير العام لبنك المغرب، أن المؤسسة المالية أنهت مرحلة تجريبية ثانية، تم خلالها اختبار مساطر الأداء بالعملة الإلكترونية، بعد سلسلة دراسات بدأت منذ عام 2021. وأوضح أن التجربة ركزت على تقييم واقعي لإمكانية دمج العملة الجديدة ضمن المنظومة المالية الوطنية، مع محاكاة عمليات دفع حقيقية.
الخبير الاقتصادي المغربي عبد العزيز كوكاس أشار إلى أن البنك أجرى تجارب محاكاة لعمليات أداء من نظير إلى نظير (P2P) داخل بيئة رقمية مغلقة وآمنة، بهدف اختبار جوانب تتعلق بالأمان، وسهولة الاستخدام، وسرعة تنفيذ المعاملات، وفعاليتها من حيث الكلفة.
لا تقتصر أهداف “الدرهم الرقمي” على مجرد رقمنة وسيلة الدفع، بل يتعداها إلى تحقيق تغييرات هيكلية في الاقتصاد المغربي. وفقًا لكوكاس، من شأن هذه الخطوة أن تسهم في:
- مكافحة الاقتصاد غير الرسمي، الذي يشكل نحو 30% من الناتج الداخلي الإجمالي.
- تيسير إيصال الدعم والمعاشات مباشرة إلى المواطنين عبر المحافظ الرقمية.
- تسهيل التحويلات المالية الدولية، خاصة من خلال التعاون مع دول أفريقية مثل مصر، ومنصات الدفع القارية.
- تحقيق الشمول المالي لملايين المغاربة غير المتعاملين مع البنوك، بفضل التطبيقات الذكية والبنية الرقمية.
في السياق نفسه، قال الخبير المالي زهير الخديسي إن المشروع يأتي استكمالًا لورشة إصلاحات بدأها بنك المغرب منذ 2021، من خلال لجنة متخصصة لدراسة العملات الرقمية للبنوك المركزية، مشيرًا إلى أن الملف “وصل مرحلة النضوج”، وقد يُطلق رسميًا خلال الأشهر المقبلة.
تأتي هذه الخطوة في لحظة حرجة، حيث تتجه العديد من الدول نحو إصدار عملات رقمية مركزية (CBDC)، لمواكبة التطورات التكنولوجية ومنافسة العملات المشفرة. كما تتقاطع المبادرة المغربية مع التحضير لاحتضان بطولات كبرى، مثل كأس العالم للأندية، ومساعي المملكة لجذب استثمارات وسياح من أسواق عالمية، ما يتطلب منظومة مالية رقمية شفافة وقابلة للمراقبة.
الخديسي لفت أيضًا إلى أن المحاولات السابقة لرقمنة التعاملات في المغرب لم تنجح، ما يضع المشروع الجديد أمام اختبار الثقة والفعالية، خاصة أنه قد يمثل أداة مهمة لمراقبة حركة الأموال، ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
خطوة جبارة تصطدم بوجود فئة واسعة من الاميين والمداشر المعزولة عن المدن.