2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
أبرزها الحروب الهجينة والذكاء الاصطناعي.. معهد دولي يكشف التحديات التي تواجه الاستخبارات المغربية

سلط معهد “روك” للدراسات الجيوسياسية والأمنية الضوء على التحولات العميقة التي شهدتها أجهزة الاستخبارات المغربية، مؤكدا أن البلاد انتقلت من مجرد التركيز على التهديدات الداخلية إلى مواجهة تحديات معقدة وعابرة للحدود.
وأشار تقرير المعهد الدولي، الذي أعده رئيسه كمال أكريديس، إلى أن التحولات في أجهزة الاستخبارات المغربية، تأتي كاستجابة للتغيرات الجيوسياسية والتكنولوجية السريعة التي فرضت واقعا جديدا.
يحدد التقرير المعنون بـ ‘‘الاستخبارات في المغرب: التطورات القانونية والتحولات الاستراتيجية وقضايا السيادة في عصر التهديدات الهجينة” هجمات الدار البيضاء الإرهابية في 16 ماي 2003 كـنقطة تحول حاسمة، حيث دفعت المغرب إلى تسريع عملية تقنين العمل الاستخباراتي.
وقد أدى هذا الحدث، يضيف المصدر، إلى إقرار القانون 03-03 المتعلق بمكافحة الإرهاب، الذي يعتبر حجر الزاوية في الترسانة القانونية الحديثة لمواجهة التطرف، مما منح الأجهزة الأمنية صلاحيات أوسع مع الالتزام بالضوابط القانونية.
وأبرز التقرير البنية المؤسسية المتطورة للاستخبارات المغربية، مع التركيز على القيادة الموحدة لعبد اللطيف حموشي للمديرية العامة للأمن الوطني (DGSN) والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (DGST)، مشيرا إلى أن النموذج الفريد عزز من التآزر العملياتي والفعالية في مواجهة التهديدات. كما أشاد التقرير بدور المديرية العامة للدراسات والوثائق (DGED) بقيادة محمد ياسين المنصوري في الدبلوماسية الأمنية وتعزيز نفوذ المغرب على الساحة الدولية.
استعرض التقرير الإطار القانوني الشامل الذي تم بناؤه تدريجيا، بدء من دستور 2011 الذي كرس حماية الخصوصية وسرية الاتصالات، وصولا إلى قوانين متخصصة مثل القانون 09-08 لحماية البيانات الشخصية والقانون 05-20 المتعلق بأمن أنظمة المعلومات. وأكد أن هذه النصوص القانونية توازن بين ضرورة العمل الأمني واحترام حقوق الإنسان، ما يعزز شرعية الأجهزة الأمنية.
يفصل التقرير التحديات الجديدة التي تواجه الاستخبارات المغربية، مثل الحرب الهجينة التي تجمع بين حملات التضليل والهجمات السيبرانية، بالإضافة إلى الجرائم الإلكترونية المتقدمة والتجسس الاقتصادي.
كما حذر من مخاطر الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية، التي يمكن أن تهدد سرية البيانات على المدى المتوسط، وتتطلب استجابة استباقية.
ويطرح التقرير مفهوم “القانون الرشيق” كحل للتحديات التكنولوجية سريعة التطور، ويدعو إلى تحديث مستمر للنصوص القانونية.
وشدد على أهمية المرونة الإجرائية والرقابة المتناسبة لضمان فعالية الأجهزة الأمنية دون المساس بالحريات الأساسية، مشيرا إلى أن القانون يجب أن يواكب سرعة التهديدات لا أن يتخلف عنها.
وقدم المعهد مجموعة من التوصيات، أهمها صياغة قانون إطاري موحد للاستخبارات لتنظيم مهامها بوضوح، وتحديث المادة 108 من قانون الإجراءات الجنائية لتشمل التحديات الرقمية الحديثة، داعيا أيضا إلى تعزيز تفعيل القانون المتعلق بأمن أنظمة المعلومات وإدماج التشفير ما بعد الكمي في السياسات الوطنية.
وأوصي التقرير بإنشاء حوكمة وطنية للذكاء الاصطناعي الآمن، عبر لجنة فنية تضم مختلف الجهات المعنية لتحديد الإطار الأخلاقي والقانوني لاستخدامه في المراقبة. ويهدف هذا الإجراء إلى الاستفادة من إمكانيات الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات مع تجنب التحيزات الخوارزمية وضمان الرقابة الفعالة.
ويقترح المعهد إنشاء تقرير عام سنوي عن أنشطة الاستخبارات، يتضمن إحصائيات مجمعة حول العمليات والإنجازات. ويؤكد أن الشفافية المحكمة ستعزز من ثقة المواطنين، وتعطي المغرب مصداقية أكبر لدى شركائه الدوليين، مما يرسخ مكانة المملكة كفاعل موثوق في الأمن العالمي.
وخلص التقرير إلى أن التحدي القادم للاستخبارات المغربية بحلول سنة 2030 لن يقتصر على حماية الأراضي فحسب، بل سيشمل أيضا استباق التهديدات في بيئة تكنولوجية سريعة التغير. ويتطلب ذلك إطارا تنظيميا مرنا وثقافة ابتكارية وقدرة على تسخير الاستخبارات كرافعة للقوة العالمية، مع استمرار الجمع بين الأمن واحترام الحريات الأساسية.