2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
بين تدخين المخدرات والعري وحمل السلاح.. أطفال ”تيك توك” يسائل واقع منظومة التنشئة بالمغرب

تعاظم في الأشهر الأخيرة، ظهور أطفال في عمر الزهور وقاصرين من كلا الجنسين في وضعيات صادمة فاقدة لأي بعد تربوي قيمي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصا على تطبيق ”تيك توك”، و”انستغرام”.
ويتم التداول على نطاق واسع، مقاطع فيديو تظهر قاصرين وقاصرات يفتخرون بالتدخين، وتناول المخدرات علنا أمام الكاميرا أو حمل السلاح الأبيض، أو حتى الظهور في “وضعيات جنسية”.
وتلقى هذه المقاطع الفيديو “رواجا” كبيرا للغاية، إذ تُحقق نسب مشاهدة قياسية واستثنائية للغاية، ما يُشجع هذه الفئة على الظهور في مقاطع جديدة أكثر “جرأة” من سابقاتها، في ظل غياب أية مقاربة لمحاصرة الظاهرة التي غزت الهواتف الذكية المغربية.
محمد الطيب بوشيبة، الخبير في مجال الطفولة، والمنسق الوطني لمنظمة “ما تقيش ولدي”، يرى أن “ظهور الأطفال في هذه المشاهد المرفوضة الصادمة تجد رواجا كبيرا ونسبة مشاهدة عاليا، وهو الإشكال الكبير المطروح، فالخطير ليس فقط ظهور الأطفال في هكذا مظاهر، وإنما كذلك هو التعاطي معها بحفاوة والمساهمة في انتشارها الواسع وتحقيق مشاهدات عالية جدا”.
وأضاف الطيب بوشيبة في تصريح لجريدة “آشكاين” الإخبارية، أن “الأطفال الذين يظهرون في هكذا مقاطع هو خارج عن المنظومة القيمية التي تتبناها المدرسة والمؤسسات العمومية والخاصة الساعية لخلق مواطن صالح لنفسه ولوسطه ولبلده وللإنسانية جمعاء”.

وشدد ذات المُتحدث أن “سبب هذه المقاطع التي تُظهر تَغني الأطفال بحمل الأسلحة البيضاء أو تناول المخدرات أو اللباس غير التربوي وفي مشاهد جنسية وما تخلقه من تعاطي كبير، راجع أولا لغياب المنظومة القيمية، حيث نسبة كبيرة من الأطفال في المغرب، إما خارج المنظومة القيمية، وإما مُتمدرسون بشكل فج دون تتبع أسري في ظل افتقار الأباء في أغلب الحالات لمبادئ المسؤولية والتربية والتنشئة، كونهم غير مؤهلين إطلاقا ليكونوا أباء وأمهات”.
وأشار الخبير في قضايا الطفولة إلى أن “سهولة الوصول لوسائل التواصل الاجتماعي، في ظل عدم الإحاطة المجتمعية بمخاطرها الكبيرة سبب آخر في انتشار هكذا مقاطع صادمة، فالأطفال والقاصرين حاليا عرضة للتنمر الالكتروني ونشر الصور الفاضحة والتحرش، وإرسال رسائل مهينة ومُخيفة على وسائل التواصل الاجتماعي، ناهيك عن الألعاب المُخيفة الجديدة”، معتبرا أن “ما يحدث في مواقع التواصل الاجتماعي إشارة خطيرة مُقلقة للغاية على غياب الجانب الأخلاقي القيمي لدى الناشئة، فالطفل أصبح يتباهى علنا بابتزاز المُجتمع وتحديه عبر الظهور في وضعيات صادمة”.
وفيما يخص الأسباب المؤدية لظهور هكذا مقاطع، يرى الطيب بوشبة، أنه “نتاج موضوعي لغياب سياسة بناء الإنسان لدى الدولة وتسبيق سياسة بناء الحجر، فما عرفه المغرب خلال العقود الأخيرة من بنيات تحتية جد متطورة واكبه عدم وجود سياسات مهتمة ببناء البشر، مع العلم أن الاستثمار في مجال الطفولة أقرب طريق لتحقيق الاستدامة، فمادام المغرب يُنشد التنمية، فلا يمكن تحقيقها إن لم يتم الاستثمار في الطفولة حيث بناء البشر قبل بناء الحجر”.
وشدد المنسق الوطني لجمعية ما تقيش ولدي، على أن “التدخل العقابي وإن كان غير مجدي، فإنه في ظل غياب وسائل أخرى لمحاصرة الظاهرة الخطيرة، يبقى هو الحل الأنجع، إذ يجب فرض العقوبة الصارمة على القاصر وعلى ولي الأمر أيضا باعتباره مسؤولا مباشرا، إضافة إلى البحث الجاد والفوري عن الجهات المستفيدة ماديا من ظهور الأطفال في هكذا أوضاع وفرض أقصى العقوبات عليها، ثم إعمال بعد ذلك المعالجة النفسية والسوسيولوجية والقيمية، فالكل مسؤول عن هذا التهديد المُجتمعي”.
