2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

أطلقت فيدرالية اليسار الديمقراطي مذكرة إصلاحية تضم عشرين مقترحا لإعادة صياغة قواعد العملية الانتخابية في المغرب، في مسعى يروم تعميق المسار الديمقراطي وتطهير المشهد السياسي من شوائب المال والفساد، واضعة الأصبع على أعطاب النظام الانتخابي الحالي وتقترح بدائل عملية تروم ضمان نزاهة الاقتراع وشفافية نتائجه.
في مقدمة هذه المقترحات تبرز الدعوة إلى إحداث هيئة مستقلة تتولى الإشراف الكامل على الانتخابات، في استجابة لمطلب قديم لقوى المعارضة، فضلا عن اقتراح اعتماد دائرة انتخابية وطنية موحدة، بما يشكل تحولا نوعيا في فلسفة الاقتراع، كما أولت المذكرة أهمية خاصة لمغاربة العالم من خلال دعوتها إلى فتح المجال أمامهم للترشح والتصويت في دوائر مخصصة لهم، مع اعتماد البطاقة الوطنية كوثيقة أساسية لممارسة الحق الانتخابي.
وتقارب المذكرة ملف الفساد السياسي والمالي بجرأة لافتة، حيث تقترح إصلاح نظام تمويل الأحزاب وربطه بالأداء، من خلال معايير أكثر عدالة وشفافية، إضافة إلى إقرار آلية لاقتطاع نسبة 2.5 في المئة من الدعم العمومي لأي حزب يثبت تورط أحد برلمانييه في قضايا فساد أو اتجار بالمخدرات، كما تشجع على تحالفات حزبية تروم تقوية الكتلة السياسية وتجاوز التشرذم الحزبي.
وتفتح المذكرة الباب أمام توظيف التكنولوجيا في تعزيز المراقبة والحد من التجاوزات، بدعوتها إلى تثبيت كاميرات في مكاتب التصويت وتشديد العقوبات ضد كل الممارسات المشبوهة، مع منع الموظفين الجماعيين من ترؤس مكاتب التصويت، وتقليص عدد هذه الأخيرة في المدن والتجمعات السكنية. كما تقترح تجريم إدخال الهواتف والأجهزة الإلكترونية إلى مكاتب التصويت، وإلزام رؤساء المكاتب بإظهار أوراق الاقتراع للمراقبين الحاضرين والاحتفاظ بها إلى حين البت النهائي في الطعون.
أما على مستوى التحفيز والمشاركة، فقد وضعت المذكرة الشباب والمجتمع المدني في صلب أولوياتها، باقتراحها تحديد يوم الاقتراع في يوم أحد لتسهيل المشاركة، وتعميم إشعار الناخبين بأماكن التصويت عبر مختلف وسائل الإعلام والاتصال، إلى جانب الدعوة إلى فتح الإعلام العمومي والخاص أمام جميع الأحزاب على قدم المساواة من خلال مناظرات وحوارات مباشرة، مع حصر فترة الحملة الانتخابية في 21 يوماً لترشيد الإنفاق وضمان تركيز الرسائل السياسية.
إن مجمل هذه المقترحات تشكل رؤية متكاملة لإصلاح المنظومة الانتخابية، تعكس طموح فدرالية اليسار في إعادة الاعتبار للعملية الديمقراطية وجعلها أداة فعلية للتغيير السياسي. غير أن السؤال الذي يظل مطروحا هو مدى استعداد باقي الفاعلين السياسيين للتجاوب مع هذه المقترحات وتحويلها إلى إجراءات عملية، في سياق وطني يتصاعد فيه الطلب على إصلاحات حقيقية تواكب تطلعات المغاربة نحو مزيد من الديمقراطية والشفافية.
الاحزاب تنام ظهرا وتتكلم شهرا، تدني التاطير السياسي وعدم رفع مطالب لفك الحصار على النقاش العمومي في القضايا السياسية يؤشر على انتخابات بدون نكهة ويعمق ظاهرة العزوف.