2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]
العنصرية ضد مغاربة إسبانيا قد تتحول إلى ملاحقات واعتداءات تخلف عشرات القتلى (البجوقي)

استغلت الأطراف اليمينية في إسبانيا، واقعة شبهة اغتصاب قاصر مغربي من المهاجرين غير النظاميين، لفتاة إسبانية تبلغ من العمر 14 سنة، لنفث خطابات الكراهية والعنصرية ضد المغاربة.
وارتفعت طيلة الأسبوع الجاري، تاريخ واقعة الاغتصاب المعزولة، وتيرة الخطاب العنصري الموجه ضد المغاربة، سواء عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو حتى في أرض الواقع، حين احتشد حوالي 100 شخصا من أنصار حزب ” فوكس” اليميني المتطرف، وسط العاصمة مدريد، مرددين شعارات ضد المغرب، وفق ما أفادت وسائل إعلام محلية.
ولم يكتف المتطرفون اليمينيون في الجارة الشمالية، على مجرد الكلام فقط، بل انتقلوا إلى الفعل، حين هاجم ملثمون، مساء أمس الثلاثاء، مركزا لإيواء القاصرين المغاربة غير النظاميين، وأرسلوا أحدهم في حالة حرجة للمستشفى، فيما أصيب إثنان أخرين بضربات وكدمات بالعصي، حسب ما أوردت المصادر الإعلامية نفسها.
ويبدو أن وتيرة التطرف بإسبانيا خصوصا تجاه مغاربة، اتخذت منحنى تصاعديا، في ظل ازدياد شعبية ”فوكس”، الذي يملك 50 نائبا في البرلمان الإسبانية، خلال الولاية التشريعية الحالية، إضافة إلى كونه يساهم في تدبير الحكم بالعديد من الأقاليم في هذا البلد ذي نظام الحكم الذاتي.
وتطرح مسألة العنصرية أكثر من علامات استفهام، حول ما ستؤول إليه الأوضاع في المستقبل، خصوصا وأن الآونة الأخيرة شهدت مواجهات عنيفة بين اليمينين المتطرفين ومن يمكن أن يوصفوا بالمهاجرين المغاربة، وخلفت قتلى وجرحى.
كيف السبيل لوضع حد للظاهرة؟ ومن يتحمل المسؤولية؟ ولماذا لا يزال ينظر شريحة واسعة من الإسبان إلى المغاربة كـ ”مورو” بما تحمله من معنى التحقير والإهانة؟
جوابا على هذه الأسئلة، يرى الكاتب والباحث المغربي المتخصص في الشأن الإسباني، عبد الحميد البجوقي، أن خطورة الوضع بدأ منذ 2000، حيث وقعت جريمة في حق المغاربة ببلدية الخيدو في ألميريا، التي كان يترأسها في ذلك الوقت يميني متطرف جدا ينتمي للحزب الشعبي، شكل، إلى جانب أخرين، النواة الحقيقية لولادة ”فوكس” سنة 2014. قاموا بقطع الطرقات والشوارع بالعجلات المحروقة ومنع ”الموروس” من الولوج إلى المدينة وطرد ما يقرب من 300 مغربي، بالعصي والهراوات، إلى الجبال لمدة 20 يوما، الكثير منهم جرحى، و”كأننا في سنة 1609”، يوضح البجوقي.
وأوضح البجوقي، في حديث لجريدة ”آشكاين”، أن المتطرفين في إسبانيا، يعاملون المهاجرين المغاربة كـ”عبيد لدى اقطاعي” في القرن 18، لافتا إلى أن التطور الخطير، في الوقت الراهن، أن قيادات في حزب ”فوكس”، من برلمانيين ومسؤولين، يشاركون في تجمعات، تستهدف المغاربة بهتافات عنصرية.
وأبرز المتحدث أن هذه التيارات المتطرفة تستغل حوادث فردية، مثل الاغتصاب، كما وقع في الخيدو في 2000، أو عملية سرقة، نموذج توري باتشيكو خلال يوليوز المنصرم، أو قضية القاصر في مركز الأحداث بمدريد، خلال الأسبوع الجاري، لتصريف خطاب الكراهية الذي يشكل أصل وجودها.

البجوقي الذي رفض وصف ما يقع بالظاهرة، لأن ما يجري لم يختف منذ بروزه، متهما الدولة الإسبانية بالخصوص، بـ ”التقصير” في مواجهة الأمور، ولم تكلف نفسها حتى عناء تغيير المناهج التعليمية وسلوكها التربوي التي تنظر لـ ”المورو” ولـ ”محمد”، بكثير من الحقد والكراهية.
وقال البجوقي، إنه إذا لم يتم التدارك، فإن الأوضاع قد تتخذ مسارا أكثر خطورة، وتتحول المسألة إلى ملاحقات واعتداءات، قد تخلف عشرات الموتى، كاشفا أن منسوب العنصرية، وإن كانت موجود في العديدة من الدول الأوروبية الأخرى، مقلقة جدا، وقد تكون أكثر عنفا مما وقع في إطياليا وفرنسا، نظرا لما وراءها من ”حمولة”.
ذات الكاتب، حمل أيضا جزءا من المسؤولية للدولة المغربية، وقال في هذا الصدد ” كثرة الاتفاقيات بين البلدين جيدة، علاقات اقتصادية بين المغرب وإسبانيا أمر جيد، وأيضا تحسن العلاقات بين البلدين”، قبل أن يستدرك مضيفا: ”لم تقم الدولتين بما يكفي” لمواجهة العنصرية.
فمدريد، يشرح المتحدث، لم تبذل كل ما في وسعها للتأثير في الرأي العام الإسباني وتغييره بشكل إيجابي، بتجريم ومنع استعمال النعوت العنصرية تجاه المغاربة، تغيير المناهج التربوية…
أما الرباط، يوضح البجوقي، فلم تتخذ بدورها خطوات هي الأخرى، لحماية مواطنيها في إسبانيا، على الأقل توجيه سؤال شفوي، بطرق دبلوماسية، للسفير الإسباني بالمغرب، لاستفساره حول ما يجري ”لأبنائنا”.
اليمين المتطرف يتصاعد باروبا سنة بعد اخرى وقد يصل الى مراكز القرار في البلدان التي توجد بها الجالية مغربية، وستكون المغاربة هذفا مباشرا لهذه الاحزاب، وعلى المغرب ان يدرس كل الاحتمالات ويهيئ نفسه لامتصاص هذه الصدمات وبلورة بذائل تصون كرامة مواطنيه وتجنبه خسائر اقتصادية، فهذا السيناريو وارد ولن نتفاجئ به يوما.