لماذا وإلى أين ؟

يعقوبي يرصد مخاطر الاعتماد على “شات جي بي تي” للعلاج النفسي

آشكاين/أميمة عطية

مما لا شك فيه أن الذكاء الاصطناعي اليوم استطاع أن يحقق طفرة نوعية في المسار التكنولوجي العالمي, إذ أصبح جزءا من تفاصيل حياتنا اليومية، ولاسيما في أوساط الشباب اللذين يعتمدون على تطبيقات مثل “شات جي بي تي” لمشاركة همومهم ومشاعرهم وتخفيف شعورهم بالعزلة ، وهو ما يطرح إشكاليات دقيقة في علاقة الإنسان بالعقل الالي .
وفي حوار مع موقع “آشكاين” قام فؤاد يعقوبي، المختص في علم النفس الاجتماعي في السياق المغربي, بالإجابة عن مختلف الأسئلة لفهم أبعاد العلاج النفسي من خلال التواصل مع ” شات جيب ي تي ” ومدى نجاعته في حل أزمات الشباب النفسية .

بداية , ما الذي يفسر إقبال الشباب على مشاركة مشاعرهم مع الذكاء الاصطناعي؟

هناك عدة عوامل نفسية واجتماعية, أولها أن الذكاء الاصطناعي لا يُدين ولا يحرج، وهذا يعطي الشباب مساحة آمنة للتعبير عن أنفسهم.
ثانيها , عنصر السرية والخصوصية , يشعر المستخدمون أن تفاعلهم مع نموذج الذكاء الاصطناعي يبقى في حدود الخصوصية، لأولئك الذين يخشون وصمة العار المرتبطة بالمشاكل النفسية, أي أنه سري للغاية و لن يفضحهم .

هل يمكن أن نعتبر “شات جي بي تي” وسيلة للعلاج النفسي؟
يمكن النظر إلى (شات جي بي تي) كأداة مساعدة وليست بديلة للعلاج النفسي التقليدي، فهو يوفر مساحة للتنفيس وتقديم بعض التوجيهات العامة، أو ممارسة التأمل واليقظة الذهنية. ومع ذلك:

  • لا يمتلك الذكاء الاصطناعي وعيا أو تعاطفا حقيقيا.
  • لا يمكنه تشخيص الأمراض النفسية بشكل دقيق.
  • هناك مخاطر حقيقية في الاعتماد عليه لتشخيص حالات معقدة، مثل الاكتئاب الشديد، اضطرابات الهوية، أو التفكير الانتحاري.

وقد وُثقت حالات عالمية حاول فيها أشخاص طلب مساعدة من برامج الذكاء الاصطناعي بدلا من مختصين، وكانت النتائج سلبية أو حتى خطيرة بسبب التقدير الخاطئ للحالة.

طيب , و في المقابل، ما الدور الإيجابي الذي يمكن أن يلعبه الذكاء الاصطناعي في مواجهة الوحدة؟
الوحدة شعور نفسي له أبعاد اجتماعية عميقة، وهو من أبرز التحديات التي يعاني منها الجيل الرقمي. في هذا السياق، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يلعب دورا مهما:

  • توفير صحبة افتراضية للأشخاص الذين يفتقرون للدعم الاجتماعي.
  • تعزيز مهارات التعبير عن الذات، خاصة لمن يعانون من القلق الاجتماعي.
  • كسر دائرة الصمت التي تغذي العزلة، من خلال توفير حوار دائم حتى وإن كان مع آلة
    لكن يبقى الأهم أن يستخدم هذا الحوار كـجسر للعودة إلى الحياة الاجتماعية الحقيقية، لا كبديل دائم عنها.

و من جهة أخرى , بالنظر إلى سرعة تطور التكنولوجيا، هل ترى أن الاعتماد النفسي على الذكاء الاصطناعي سيتزايد مستقبلا؟
التطور السريع في قدرات الذكاء الاصطناعي يوحي بإمكانيات واعدة، خصوصا في:

  • تطوير أدوات دعم نفسي أولي (Mental Health First Aid).
  • تقنيات مراقبة المزاج والسلوك لتحذير المستخدم أو المعالج عند رصد مؤشرات خطر.
  • تسهيل الوصول للمعلومات النفسية الموثوقة.

لكن في المقابل، من الضروري :

  • عدم الاعتماد الكامل عليه، خاصة في الحالات المرضية.
  • التمييز بين الدعم التقني و العلاج الإنساني القائم على العلاقة الوجدانية.
  • توعية المستخدمين بأن الذكاء الاصطناعي لا يحل محل المختصين.

ما هي النصائح التي تقدمونها للشباب المغربي بخصوص الاستعمال الآمن لـ”شات جي بي تي” في المجال النفسي؟
يجب على الشباب استخدامه كـأداة للتأمل، التثقيف، وتدوين المشاعر.

  • لا تطلبوا منه تشخيصا نفسيا أو توصيات دوائية.
  • إذا كنتم تعانون من أعراض نفسية مستمرة أو حادة، توجهوا دائما إلى معالج نفسي أو طبيب مختص.
  • تذكروا أن الذكاء الاصطناعي مفيد، لكنه لا يمتلك قلبا ولا تجربة إنسانية، والإنسان لا يُعالج حقا إلا من خلال إنسان آخر.

وفي النهاية، الذكاء الاصطناعي قد يكون رفيقا مفيدا، لكن لا شيء يعوض قلب إنسان يسمعك ويفهمك.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x