لماذا وإلى أين ؟

باحث يرصد الرسائل الخفية وراء خرجة أخنوش التلفزيونية

تباينت الردود حول الخرجة الإعلامية لرئيس الحكومة، عزيز أخنوش، لتقديم حصيلة أربع سنوات من عمل الحكومة.

يرى طرف أن أخنوش كان ”مقنعا” في استعراض المنجزات دون الكثير من الضجيج وخلق ”البوز”، بينما ذهب الطرف آخر إلى أن خرجة رئيس الحكومة، في القناتين العموميتين الأولى والثانية، لم تكن ”موفقة”، بل كرر ما قاله في مناسبات سابقة.

بعيدا عن هذا السجال المحتدم وسط وسائل التواصل الاجتماعي، بين الطرف المناصر والطرف المنتقد، تبرز أسئلة حول توقيت خرجة أخنوش في وسائل الإعلام العمومية ورسائلها وكذلك الأهداف غير المعلنة التي تقف وراءها.

تفاعلا مع هذه التساؤلات، يرى مولود أمغار، أستاذ باحث في علم الاجتماع متخصص بالسوسيولوجيا السياسية وسوسيولوجيا المجال العام، بأن الظهور الإعلامي لأخنوش يأتي في السنة الأخيرة من الولاية ليعرض حصيلة أربع سنوات من العمل الحكومي ويبرز إنجازاته قبيل الاستحقاقات المقبلة، كما يوفر فرصة للرد على الانتقادات المتعلقة بالأسعار والسياسات الاجتماعية والفوارق الاقتصادية.

وأوضح أمغار، متحدثا لجريدة ”آشكاين”، أن المقابلة الإعلامية يصاحبها أيضا محاولة لكسر الصورة النمطية لرئيس الحكومة بوصفه “رجل الأعمال الصامت”، وإبراز قدرته على التواصل المباشر مع المواطنين. وفي الوقت نفسه، تبقى الأرقام الإيجابية التي استعرضها—مثل انخفاض التضخم وخلق فرص العمل—رسائل طمأنة مزدوجة تستهدف المواطن العادي والمستثمر المحلي والأجنبي على حد سواء.

وشدد المتحدث على أن الخرجة الإعلامية لرئيس الحكومة، تبدو في الإعلام الرسمي ”مشروعة” من الناحية السياسية ومعمول بها، فهي وسيلة لإضفاء الشرعية على السياسات وشرحها للجمهور.

وأبرز الباحث أن هذا الحوار كان في المقام الأول تمرينا على الإشادة بالمنجزات الحكومية، وتسليط الضوء عليها، لكنه يغرق في الأرقام والإحصائيات الإيجابية، متجاهلا بشكل واضح معاناة المواطنين اليومية، بمعنى سيطرة لغة الأرقام على حساب الواقع وكأن الرسالة تقول: “انظر إلى الرقم لا إلى الواقع”.

وأضاف أمغار أن استمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود وتراجع القدرة الشرائية يكشف عن فجوة كبيرة بين المؤشرات الرسمية والحياة الواقعية للمواطنين.

الباحث مولود أمغار

الأرقام التي قدمها أخنوش، يوضح ذات الأستاذ الجامعي، ”قد تكون صحيحة من الناحية الحسابية، لكنها غالبا لا تعكس الصعوبات الحقيقية التي تواجهها شرائح واسعة من المجتمع المغربي. على سبيل المثال، انخفاض معدل التضخم لا يعني بالضرورة تراجع الأسعار على الأرض، إذ لا تزال أسعار المواد الأساسية والوقود مرتفعة، مما يزيد الضغوط على الطبقة المتوسطة والفئات الفقيرة”.

وكشف السوسيولوجي أن خطاب رئيس الحكومة ”يفتقر إلى الحد الأدنى من النقد الذاتي”، لافتا إلى أن أخنوش ”استمر في إلقاء المسؤولية على عوامل خارجية – مثل الحرب في أوكرانيا أو التقلبات المناخية – لتبرير الأزمة الاقتصادية. صحيح أن هذه العوامل خارجة عن السيطرة، لكنها لا تبرر غياب رؤية استباقية واضحة، ولا ضعف التخطيط، ولا محدودية البدائل الاقتصادية”.

بينما يصر الخطاب الحكومي على تقديم منطق النجاعة الاقتصادية كخيار وحيد، يدفع الثمن الحقيقي من رصيد العدالة الاجتماعية والإنصاف المجالي. لذلك، الأزمة الحالية ليست مجرد انعكاس لظروف دولية، بل هي نتيجة مباشرة لخيارات سياسية واقتصادية، تكشف عن عجز السياسات الحكومية في إعداد وصفة تمكم من تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية. يوضح ذات الباحث دائما، في حديثه لجريدة ”آشكاين”.

وتابع أن المقابلة لم تأخذ شكل “حوارا” بالمعنى الحقيقي، بل كانت منصة مدارة بعناية لتقديم “رواية النجاح” الحكومية، – وهو أمر متعارف عليه داخل دوائر الإعلام الرسمي-.

وقال أمغار إن الأسئلة كانت مسقوفة، وتفتقر إلى الطابع الاستقصائي لم تطرح أسئلة محرجة حول قضايا شائكة وخلافية، مثل الجدل حول قانون الإضراب أو الأداء السياسي لبعض الوزراء.

وأكد أن هذا النقص في المساءلة سمح لرئيس الحكومة بالتحكم الكامل في السرد وتقديم نسخة مصقولة من أداء حكومته دون مواجهة تحدي نقدي حقيقي.

جدير بالذكر، أن أخنوش وأثناء المقابلة، أكد أن أن حصيلة أربع سنوات من عمل حكومته كانت “إيجابية وملموسة”، وذلك على الرغم من التحديات الدولية والظروف المناخية الصعبة التي شهدتها الفترة الماضية.

ووقف رئيس الحكومة على ”نجاحات” الحكومة على الصعيد الاقتصادي والمالي، كما سلط الضوء على ما وصفه نجاح ورش الحماية الاجتماعية.

كما تطرق إلى قضايا أخرى كبرنامج الدعم المباشر للسكن، وإعادة إعمار المناطق المتضررة من زلزال الحوز، وجهود جهود الحكومة في قطاعي التعليم والصحة والشغل…

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x