لماذا وإلى أين ؟

هل تُحدث تزكية لشكر لمحمد غدان شرخاً في الاتحاد الاشتراكي بطنجة؟

شهد المؤتمر الإقليمي الأخير لحزب الاتحاد الاشتراكي بطنجة لحظات من التوتر والجدل التنظيمي، بعدما أقدم الكاتب الأول إدريس لشكر على تزكية محمد غدان ككاتب إقليمي، في خطوة وُصفت بالمفاجئة. غدان، الذي سبق أن خاض غمار الانتخابات في وزان، اعتُبر خياراً غير متوقع، خاصة وأن عدداً من القيادات المحلية كانت تترقب صعود شخصية من داخل الإقليم لتولي هذه المسؤولية.

هذه الخطوة حسب ما يدور في الصالونات السياسية بطنجة، فجّرت غضب عدد من المنتخبين البارزين، في مقدمتهم يوسف بنجلون، المستشار البرلماني والرئيس السابق لغرفة الصيد البحري المتوسطية، الذي غادر أشغال المؤتمر قبل نهايته. إلى جانبه انسحبت أيضا البرلمانية سلوى الدمناتي، المرشحة بدورها لهذا المنصب.

متتبعون للشأن السياسي المحلي، اعتبروا انسحاب البرلماني والرجل النافذ بنجلون وكذلك البرلمانية الدمناتي، جاء تعبيراً عن رفضهما لما اعتبرته “إقصاءً ممنهجاً” للكفاءات المحلية، وإشارة قوية على وجود شرخ داخل البيت الاتحادي بطنجة.

ومن جانب آخر بررّ مقربون من لشكر هذا القرار بكون غدان يمتلك رصيداً تنظيمياً وتاريخياً داخل الحزب، إلى جانب علاقته المباشرة بالقيادة الوطنية، ما يجعله، في نظرهم، أكثر ملاءمة من منتخبين ارتبطت أسماؤهم بالاستحقاقات الانتخابية الماضية وما رافقها من تجاذبات. كما جرى في المقابل تزكية النقابي رضوان العناز لرئاسة المجلس الإقليمي، وهو منصب جديد استحدثته القيادة لجذب اتحاديي الفيدرالية الديمقراطية للشغل بقطاع العدل.

انسحاب بنجلون من المؤتمر، مباشرة بعد الجلسة الافتتاحية، أثار بدوره علامات استفهام عديدة. فالرجل حضر البداية بشكل طبيعي وتبادل التحيات مع المسؤولين، قبل أن يغادر دون أي تفسير رسمي، ما عزّز التأويلات حول خلافات صامتة تتعلق بطريقة تدبير المرحلة المقبلة. هذا الانسحاب المفاجئ بعث برسائل مقلقة إلى المتابعين، خاصة في وقت يحتاج فيه الحزب إلى رصّ الصفوف استعداداً للاستحقاقات القادمة.

في المقابل، حاولت بعض الأصوات داخل الاتحاد الاشتراكي التقليل من أهمية هذه التطورات، معتبرة أن ما وقع لا يعدو أن يكون خلافات عابرة أو التزامات شخصية لبعض الأعضاء، غير أن مراقبين محليين رأوا في ذلك محاولة لتغطية حجم الاحتقان الداخلي الذي يعيشه التنظيم بطنجة. فالتوتر لم يعد مجرد تكهنات، بل صار ملموساً مع المواقف العلنية التي صدرت عن بعض الوجوه البارزة.

وبين من يعتبر تزكية غدان خطوة استراتيجية لتعزيز موقع القيادة، ومن يراها قراراً فوقياً يهدد وحدة التنظيم محلياً، يبقى الاتحاد الاشتراكي أمام تحدٍّ حقيقي لإعادة بناء الثقة بين مكوناته. فالمؤتمر الذي كان يفترض أن يشكّل محطة للتجديد والإعداد للاستحقاقات المقبلة، قد يتحول إلى نقطة انقسام تعمّق أزمة الحزب في واحدة من أهم حواضر المغرب الانتخابية.

احصل على تحديثات فورية مباشرة على جهازك ، اشترك الآن

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

يستخدم موقع الويب هذا ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

0
أضف تعليقكx
()
x