2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

أصدرت رئاسة النيابة العامة بالمغرب دورية جديدة تحمل رقم 18/ر.ن.ع/مراق1/2025، لتوجيه الوكلاء العامين للملك ووكلاء الملك لدى مختلف المحاكم، بضرورة مراجعة وتدقيق برقيات البحث الصادرة في حق الأفراد. تهدف هذه الدورية إلى ضمان عدم المساس بحرية الأشخاص إلا في أضيق الحدود التي يفرضها القانون، وذلك تماشياً مع التوجهات العامة للسياسة الجنائية التي تولي أهمية قصوى لصون الحريات الفردية.
تعتبر “برقية البحث” أداة قانونية تُستخدم لضبط الأشخاص الفارين والمطلوبين للعدالة، سواء كان ذلك للاشتباه في ارتكابهم أفعالاً جرمية، أو لتنفيذ أوامر بالقبض صادرة في حقهم، أو لتطبيق عقوبات سالبة للحرية أو الإكراه البدني. ومع ذلك، تؤكد الدورية على أن هذا الإجراء، بحكم طبيعته، يحد من حرية الأفراد ويؤثر سلباً على مصالحهم الشخصية والمهنية، مما يجعله إجراءً استثنائياً.
وتأتي هذه الدورية في سياق يبرز فيه تفعيل التوجيهات السابقة، التي أدت إلى نتائج ملموسة. فخلال الفترة الممتدة ما بين عامي 2021 و2023، تم إلغاء 153,461 برقية بحث كانت محررة في إطار الأبحاث الجنائية، سواء بسبب التقادم أو لأسباب أخرى. كما تم إلغاء 42,234 برقية في ملفات الإكراه البدني لنفس الفترة، بسبب تقادم الغرامة أو عدم استيفاء الشروط القانونية. هذا الانخفاض الكبير يؤكد على أهمية المراجعة الدورية وفعاليتها في حماية حقوق الأفراد.
ولضمان استمرارية هذه الجهود، دعت رئاسة النيابة العامة إلى التقيد بالضوابط القانونية التي تؤطر عملية إصدار وإلغاء هذه البرقيات، وذلك من خلال التأكد من توفر الأسباب القانونية الكافية قبل إصدار البرقية، وإصدارها بتعليمات كتابية، ما لم تكن هناك حالة استعجال أو تلبس.
بالإضافة إلى المبادرة إلى إلغاء البرقية بشكل فوري بمجرد تقديم الشخص المبحوث عنه أمام النيابة العامة، أو إحالته على قضاء التحقيق أو الحكم، ومراجعة البرقيات بشكل تلقائي للتأكد من استمرار مبررات الإبقاء عليها، وإلغاء تلك التي طالها التقادم، مع الدراسة الفورية لطلبات إلغاء البرقيات المقدمة والاستجابة لها حال توفر شروط ذلك، والتنسيق المستمر مع الشرطة القضائية لتحديث قوائم الأشخاص المطلوبين.
كما شددت الدورية على ضرورة تفعيل مضامين الدليل العملي لتحسين جودة الأبحاث الجنائية، الذي تم إعداده بشراكة مع المديرية العامة للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني وقيادة الدرك الملكي، والذي يضع مجموعة من الضوابط لتدبير برقيات البحث.
ودعت رئاسة النيابة العامة إلى التقيد بهذه التعليمات وتنفيذها بجدية وحزم، وطالبت جميع المعنيين بموافاة الرئاسة بنتائج عملية التحيين التي ستتم في محاكمهم قبل نهاية شهر أكتوبر 2025. هذا الإجراء يؤكد التزام المؤسسة القضائية بتكريس مبادئ العدالة وحماية الحريات الفردية، باعتبارها من أهم أولويات السياسة الجنائية في المملكة.