2024 © - أشكاين جميع الحقوق محفوظة - [email protected]

آشكاين/أميمة عطية
لم يعد العمل الحر أو ما يُعرف بـ”الفريلانس” مجرد خيار ثانوي بالنسبة للشباب المغربي، بل أصبح واقعا جديدا يفرض نفسه داخل سوق الشغل الوطنية. فمع التحولات التكنولوجية المتسارعة وتغير أنماط العيش بعد جائحة كورونا، بات عدد متزايد من الشباب يفضّلون هذا النمط من العمل، لما يتيحه من حرية واستقلالية، بعيداً عن إكراهات الوظيفة التقليدية. غير أن هذا المسار، رغم ما يحمله من فرص، يثير في المقابل إشكالات اقتصادية واجتماعية وقانونية معقدة.
رشيد الساري، الخبير الاقتصادي ورئيس المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة، يرى أن “الفريلانس في المغرب ارتبط بشكل وثيق بنظام المقاول الذاتي، غير أن هذا النظام استُغل بشكل غير سليم من طرف بعض الشركات التي لجأت إلى تشغيل عمال بعقود غير واضحة أو لساعات محدودة تحت غطاء العمل الحر، وهو ما يطرح إشكالات كبيرة على مستوى الحقوق الاجتماعية والضريبية”.
وأوضح الساري في تصريح لجريدة أشكاين، أن “التحولات الاجتماعية التي نعيشها اليوم غيّرت علاقة الشباب بسوق الشغل، حيث لم يعودوا يقبلون بالارتباط الصارم بساعات العمل التقليدية، بل يعتبرون أن الإنتاجية يمكن أن تتحقق من البيت عبر الحاسوب أو حتى الهاتف المحمول”. وأشار إلى أن هذا التحول ترسخ بشكل أكبر بعد جائحة كورونا، حيث برزت مهن جديدة مرتبطة بالخدمات الرقمية والذكاء الاصطناعي، وهو ما يعكس توجهاً عاماً نحو أنماط عمل أكثر مرونة.
لكن هذه الطفرة ليست خالية من سلبيات، إذ شدّد الخبير الاقتصادي على أن “فئة واسعة من العاملين في الفريلانس لا تستفيد من أبسط الحقوق الاجتماعية، كالتقاعد والتغطية الصحية، وهو ما يوسع دائرة القطاع غير المهيكل”. واعتبر أن المعضلة تزداد تعقيداً عندما “تلجأ بعض المؤسسات العمومية والقطاعات الحيوية كالتعليم والصحة إلى تشغيل أفراد بصيغة العمل الحر، رغم أنها مؤسسات مهيكلة يفترض فيها أن تحترم قواعد التشغيل القانونية. وهذه مفارقة حقيقية تحتاج إلى مساءلة جدية”.
وخلص الساري إلى أن “هذا الواقع يفرض ضرورة القيام بدراسات معمقة وإعادة النظر في المنظومة القانونية والتنظيمية، بما يسمح بتنظيم العمل الحر وضمان حقوق العاملين فيه، بدل تركه ينمو خارج الأطر الرسمية، بما قد يهدد بتكريس الهشاشة داخل سوق الشغل”.